الصفقة المزعجة!
عبد الله كمال
سواء صدقت أنباء تلك الصفقة التاريخية.. أو لم تصدق.. فإنها تفرض علينا تحدياً لم يسبق له مثيل إعلامياً ورياضياً.. وتجعل فرجتنا علي المباريات.. وبما فيها مباريات المنتخب المصري في قبضة القطريين.. حتي ولو كان ذلك احتمالاً.. إذا لم تكن الصفقة قد تمت.
والصفقة التي أعنيها هي تلك التي نُشرت أخبارها بالأمس في عدة صحف عربية.. وبينها صحيفة مصرية.. وتقول: إن شبكة الجزيرة الرياضية قد اشترت مجموعة قنوات "إيه آر تي" الرياضية بمبلغ قد يصل إلي 6 مليارات دولار.. وعلي الرغم من أنه لم يصدر تأكيد رسمي لا من هذه ولا من تلك.. ولا حتي نفي الخبر.. فإن ما يجري أو قد يجري.. يضع مشاهدينا قيد قرار من الدوحة.. وما أدراك ماذا تفعل الدوحة وما تكنه للقاهرة!
ما يعنينا هنا ليس هو الحجم الهائل الذي سوف تصبح عليه تلك الشبكة الرياضية القطرية.. ولكن أنها سوف تكون مالكة الحق في بث مباريات مسابقات أفريقيا للأندية والمنتخبات وكئوس العالم.. وهي جميعاً مسابقات نشارك فيها.. وتشغل اهتمامات متفرجينا علي نطاق واسع.
هذه الحقوق، قبل الصفقة المذكورة، تمت أو لم تتم، كانت ملكاً للشبكة السعودية، وكنا نتفاوض بطرق مختلفة مع صاحبها الذي تربط البلد به علاقات وثيقة.. بخلاف علاقات مصر المتينة بالسعودية.. وحتي في ظل تلك الملابسات كانت المفاوضات تتعرض لعقبات وقيود وصعاب.. وكنا نشاهد بعض المسابقات في اللحظات الأخيرة.. وبعد شق الأنفس المالية.. تري كيف سيكون الحال الآن إذن وقد أصبح الأمر في يد القطريين؟
لا داعي هنا لأن أشير إلي الجدل الذي كان يطرح من حين إلي آخر بشأن مباريات الدوري المصري.. وفيه كذلك أن "إيه آر تي" كانت تريد أن تشتري حقوق بثه الفضائي.. ولديها تحالف ما مع قناة الأهلي.. وقصص معقدة كان فيها اتحاد الكرة يمارس قدراً ما من العبث الذي ينشغل بالمال أكثر من أمور أخري.. فهل كان علي مواطنينا بعد تلك الصفقة الكبري أن يتابعوا في الخارج مباريات الأندية المصرية من خلال شبكة قطرية؟
دعك من موضوع الدوري.. الأهم الآن هو موضوع المباريات الأفريقية.. وكأس العالم.. تخيل لو أن مباراة مثل تلك التي ستقام بعد أيام بين مصر والجزائر كانت ستُلعب في الجزائر وليس في القاهرة.. ووزارة الإعلام أو التليفزيون المصري تحديداً يلهث وراء الجزيرة القطرية لكي تعطيه حق بث المباراة.. في مصر.. وتخيل معي لو أنهم وافقوا مقابل مبلغ هائل من المال.. أو قبلوا بمنحها مجاناً.. وتفاجأ علي الشاشة بعشرات من الرسائل الإعلامية التي تناقض المفاهيم المصرية.
مشاهدة هذه المباريات متعة.. ولكنها حق.. وأمر له علاقة حيوية بالمزاج العام، وهو عمل يستحق استثمارات كبيرة.. وقد كنا نندهش لأن الشيخ صالح كامل يدفع كل تلك الأموال الطائلة في حقوق بث المباريات.. ثم تراجعت الدهشة مع زيادة عدد مشتركيه.. ثم مع زيادة عدد المعلنين لديه بمن في ذلك المصريون منهم وهم أغلبية.. ثم ها هو يحصل علي عشرات إن لم يكن مئات ما دفع علي مدي سنوات في صفقة واحدة.. تعطي الحق للقطريين.
الصفقة بالطبع أخرج منها حق بث الدوري السعودي الذي تستحوذه الشبكة السعودية البائعة.. هذا ما يشغلها.. ولكن لن يشغلها بالطبع بقية متفرجي العرب.. من أي جنسية أخري.. وبينهم من لديه مشكلات عميقة مع القطريين.
ما يجري حتي لو كان مجرد احتمال وليس صفقة تمت، يشير إلي ضرورة قصوي لأن نبذل جهداً حقيقياً أكبر و ذا خيال وقدرة علي الإبداع.. وبتمويل غير بخيل.. في ذلك المجال.. هذه متعة حيوية.. بل استراتيجية.. وإذا كان الأمر مطروحاً بداية علي وزارة الإعلام.. فإنه قبل ذلك مطروح علي رئيس الوزراء.. هذه ليست مسألة بسيطة.. وسوف نري.
الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net
البريد الإليكترونى: [email protected]