الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أحمد عتمان: الشعب المصرى «الأمى» أكثر تحضرًا من النخبة




متفائل للمستقبل بقوة، يرى أن مصر ستشهد تغييرا حقيقيا وقد تقود العالم العربى كله للتغيير، يؤكد أن هذا لن يتم على المدى القريب، وإنما يراهن على الأجيال القادمة، التى ستحافظ على الهوية المصرية المعتدلة البعيدة عن التطرف سواء للجانب الإسلامى أو الليبرالي، وأن كل دعوات التشدد ستذهب أدراج الرياح... إنه الدكتور أحمد عتمان أستاذ الدراسات اليونانية واللاتينية بجامعة القاهرة، الذى يتحدث لنا فى هذا الحوار عن أحوال مصر السياسية بعد الثورة، وحال الأدب اليونانى اللاتينى الذى ترجم كنوزه إلى العربية، فإلى نص الحوار:
 
■ كيف ترى ما يحدث فى مصر الآن؟
 
- أنا متفائل على المدى البعيد وليس على المدى القصير، وثورة يناير تمثل تعبيرا جوهريا فى مسيرة الأمة المصرية والعربية، لأنه للمرة الأولى يتحرك الشعب وينزل إلى الشارع محتشدا بكل طوائفه، وهو أعزل ليواجه قوى الطغيان المسلحة، وهذا يعد تغييرا جوهريا فى موقف الناس من فكرة الحرية أو النهضة، ولذلك أعتقد أنه لا أحد يستطيع أن يحكم الشعب المصرى الآن بمزاجه وأهوائه، الشعب أخذ زمام المبادرة، ولن يستطيع أن يهزم إرادته أى انسان مهما كان وهذا هو سر تفاؤلي.
 
 
■ كيف تفسر حالة التوتر والانقسام الموجودة فى الشارع حاليا؟
 
- هذه التوترات ستصب فى النهاية لصالح الشعب، وسوف يأخذ الأمر وقتا طويلا، لكن سيأتى جيل آخر يبنى على هذا الذى تحقق، وسيثبت أن الإرادة الشعبية هى الأقوى الآن على الساحة
.
 

 

■ما الذى يجعلك مؤمنا بتحقق هذا؟
 
 
- الكل الآن يلجأ إلى الشارع، ومجرد النزول إلى الشارع أصبح قويا ومؤثرا، طبعا يساء استخدام هذا وتحدث مبالغات وانحرافات، ولكن هذا طبيعي، فالثورة سوف تعدل مسيرتها بنفسها، وما لم يتحقق اليوم سوف يتحقق غدا، لكن الشعب المصرى لنيعود للوراء مرة أخرى، لكن يؤسفنى أن المصالح تحضر الآن وهى التى تحكم الناس بمعنى أن الذين يستقطبون هذا الاتجاه أو ذاك ليواجهوا به اتجاها آخر كلهم يتصارعون من أجل مصالحهم الشخصية، وليس المصلحة العامة وهذا ما يحزننى ويعد خطوة للخلف لكن هذا الوضع لن يستمر
.
 
■  على ماذا تعول فى تفاؤلك بأن القادم أفضل؟
 
- أعول على الجيل القادم، لأن الجيل الحالى تأثر بعوامل سلبية كثيرة طرأت على حياتنا منذ نصف قرن على الأقل، والخروج من هذه القوقعة ليس بالأمر الهين وسيأخذ وقتا
.
 
هل تخشى على هوية مصر من المخاطر؟
 
لا، لأن الشعب المصرى الوسطى ستكون له الغلبة فى النهاية، لا هو إسلامى متطرف، ولا علمانى متطرف، لكنه بين هذا وذاك، ويحتضن كل الاتجاهات والتيارات، وبالتالى هو يعكس مقومات الحضارة المصرية الأصيلة والهوية المصرية التى نعرفها، وما غير ذلك سيذهب مع الريح.
 
■ لكن الشعب الذى تعول عليه نسبة الأمية به مرتفعة؟
 
- هذا صحيح، وطبعا عار الأمية لا يمكن تجاهله، ولابد أن يكون هذا أحد أهداف الثورة، لكن هذا الشعب صاحب حضارة، وحضارته تجرى فى العروق والضمير وأحيانا نجد سلوك هذا الرجل الأمى سلوك متحضر مثل ردود أفعال آباء أطفال قطار الصعيد، لأنه يحمل ضميره بداخله منذ آلاف السنين ويحتاج أن ننفض التراب عن كاهله ولن يتأتى ذلك إلا بحركة ثورية تراعى البعد الثقافى للثورة وفى مقدمتها برنامج لمحو الأمية لكى يكشف هذا الشعب قدراته، لأنه حينما تمحى أميته سيقرأ ويكتب ويطالع هوية الحضارة المصرية القديمة، ويكتشف أسرار عظمة الشعب المصري، عندئذ سيعود السلوك الحضارى للشعب المصرى إلى طبيعته، وما يحدث الآن هو نوع من تراكم غبار السنين وليس معنى هذا أننى أستهين بالشعب المصرى الأمى الذى هو أكثر تحضرا من النخبة، هذه النخبة التى تعامل باقى أفراد الشعب على أنهم جاهلون، والمشكلة أنهذه النخبة فسدت وأفسدت الشعب، وإذا تابعت المداخلات التليفزيونية ستجد أنماطا شتى من هذا الفساد النخبوي.
 
 
■ لماذا وقفت اوروبا بجوار اليونان فى ازمتها الاقتصادية وتخلى العرب عن مصر بعد الثورة؟
 
- هذا السؤال عليك ان توجهه لباقى العالم العربى وهنا اذكر بيت الشعر لأمير الشعراء أحمد شوقي:
 
انا إن قدر الإله مماتى
 
لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى
 
لا قدر الله لو فشلت الثورة المصرية فسوف يعانى الشرق كله جراء هذا السقوط، وسقوط مصر لا يعنى سقوط بلد وإنما أمة بكاملها وارجو ان يعيد العالم العربى حساباته، لانه غير مسموح لمصر ان تسقط .والشعب اليونانى يحمل مشاعر التقدير للشعب المصرى بعد ثورته بعد نزول خمسة عشر ملايين مواطن يوميا لمدة 18 يوما فى كل ميادين مصر.
 
 
■ ما مدى حضور الادب العربى الحديث فى اليونان؟
 
- هناك اقبال كبير على دراسة اللغة العربية ونصحتهم بضرورة الاهتمام بعلم الاستشراق لأنى أهتم فى المقابل بعلم الاستغراب لأنهم سيفيدون الكثير منه، وبعد فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل بدأوا يهتمون بقراءة الأدب العربى ومن جانبى ترجمت رواية (بداية ونهاية) لنجيب محفوظ إلى اللغة اليونانية الحديثة
.
 
■ أنت رئيس الجمعية المصرية للأدب المقارن . . لماذا لا يوجد كرسى للأدب المقارن بالجامعات العربية؟

 
- هذا عيب وتقصير كبير، ونحن فى الجمعية المصرية للأدب المقارن نمثل قوة ضغط على الجامعات المصرية والجامعات العربية وعقدنا مؤتمرا تحت عنوان (اليوم العربى للأدب المقارن) حيث يحتفل العالم العربى سنويا بالأدب المقارن فى الثلاثين من إبريل كل عام وسيكون الاحتفال المقبل فى الرباط عام 2013، وفى تونس عام 2014، كما سنشارك فى المؤتمر الدولى للأدب المقارن فى يوليو بباريس عام 2013، ونظمت الجمعية المصرية للأدب المقارن ورشة عمل بعنوان «الثورات العربية والدرس المقارن» فى باريس شارك فيه 12 عالما من أنحاء العالم.