الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سليمان من المراغة




جاءتني‮ (‬بروفة‮) ‬الصفحة الثالثة من عدد الجمعة في‮ "‬روزاليوسف‮".. ‬ففاجأني الخبر‮ ‬غير المسبوق‮:(‬مواطن يهدم مسجدًا بليل‮.. ‬لكي يبني فوق أرضه برجًا سكنيا في روض الفرج‮).. ‬الحدث مروع‮.. ‬والأوقاف تصدت للأمر بالمرصاد القانوني‮.. ‬وأحالت من هدم المسجد إلي النيابة‮.‬

لكن الواقعة في حد ذاتها ليست هي فقط التي لفتت نظري‮.. ‬رغم أن فيها ما يستفز أي قارئ‮.. ‬إذ إن من هدم المسجد كان قد اتبع الطرق القانونية لكي يعيد البناء‮.. ‬لكنه قطع الطريق علي القانون الذي طلب تدخله‮.. ‬ما لفت نظري ــ أيضًا ــ هو أن المسجد الصغير كان قد تبرع ببنائه مواطن قبطي في الأربعينيات‮.. ‬وأصبح فيما بعد وقفًا‮.‬

هذه ظاهرة مدهشة في المجتمع المصري‮.. ‬أي أن يبني مسيحي دار عبادة لمسلم‮.. ‬وهي لم تنقطع ولم تزل موجودة‮.. ‬بل إنني كنت أتتبع الحالة السياسية لمواطن مسيحي مرموق من المراغة اسمه سليمان صبحي‮.. ‬فوجدت أنه تبرع عديدًا من المرات لكي يساهم في بناء مساجد في بلده‮.. ‬وأحيانًا يرسل كميات من الحديد والأسمنت‮.. ‬وفي مرة أخري تطوع بأن قدم بعضًا من لوازم البناء لمعهد أزهري‮.. ‬وقد كان هذا من بين الأسباب التي جعلتني أقرر أن أكتب عنه‮.‬

ليس اللافت فقط في تجربة سليمان صبحي أنه يتبرع لبناء المساجد‮.. ‬ولكن في أن ذلك هو أحد عناصر مقوماته كشخصية مجتمعية ناجحة‮.. ‬ومؤثرة‮.. ‬ويجب أن نسلط الضوء عليها‮.. ‬إذا كنا نتساءل‮: ‬أين هي النماذج المسيحية التي يجب أن ينتبه لها الحزب الوطني حين يعد قائمة مرشحيه للانتخابات؟

ينتمي سليمان إلي عائلة سياسية عريقة‮.. ‬هو نفسه كان ضابطًا كبيرًا في شرطة السياحة‮.. ‬قبل أن يتقاعد في الانتخابات البرلمانية السابقة‮.. ‬التي لم يوفق فيها لأسباب يطول شرحها رغم مكانته المميزة‮.. ‬أبوه كان عضوًا في مجلس الشعب‮.. ‬وله صولجانه،‮ ‬وساند مواقف الرئيس السادات في أوقات بعينها‮.. ‬وله موقعه المتفق عليه بين المسيحيين والمسلمين‮.. ‬وقد أخذ سليمان عن أبيه كثيرًآ مما كان له بين الناس‮.. ‬وأخوه بدوره عضو بارز في المجلس المحلي‮.‬

بني سليمان عددًا هائلاً‮ ‬من المحلات في المراغة‮.. ‬التي صارت في حوزة المحافظة ووزعتها علي من يحتاجون إلي فرص عمل‮.. ‬وبيته مقصد عرفي لأغلبية أهالي البلد‮.. ‬حتي بعد أن نجح في الانتخابات الأخيرة‮ - ‬بعد الإعادة‮- ‬مرشحًا تابعًا لجماعة الإخوان التي ليس لها جذور أو مكانة في المنطقة‮.‬ خسر سليمان الانتخابات بسبب تنازع بينه وبين مرشح الوطني‮.. ‬وخاض الإعادة‮.. ‬لكن هناك من قال له إنه سوف يتسبب في فتنة طائفية لو واصل المعركة‮.. ‬فمضت أيام الاستعداد للإعادة‮.. ‬بينما كان ينتظر معاني محددة لم تصله‮.. ‬وبينما كان بينه وبين المحافظ السابق للإقليم تواصل وحوار‮.. ‬لم يسفر عن شيء‮.‬

استطلاعات الرأي‮.. ‬أو لنقل‮. ‬الرأي العام المرصود‮.. ‬شفويا تقف إلي جانب هذه الشخصية المختلفة‮.. ‬التي تطبق معاني وقيم المواطنة بطريقة تضفي عليه قبولاً‮ ‬بين الجميع‮.. ‬وقد وجدت فيه نموذجًا لما يمكن أن نشجعه ونؤكد دوره‮.. ‬خصوصًا أنه من النوع الراغب في المشاركة‮.. ‬بل الساعي إليها المتفاعل مع بلده‮.. ‬والذي يمكن أن يصل إلي مقعد مجلس الشعب عن طريق الانتخاب وليس عن طريق التعيين‮.. ‬وهناك فرق جوهري بين الطريقتين‮.. ‬ولكن هل يترك وحده‮.. ‬أم يجد التعضيد السياسي الواجب؟

نحن في حاجة إلي أسماء من هذا الطراز‮.. ‬وإذا كنا نلحظ أن الحزب صاحب الأغلبية يتجه بقوة نحو تحفيز الأقباط إلي أن يندمجوا في تنظيماته‮.. ‬خصوصًا بين الشباب‮.. ‬كما لاحظنا عامًا وراء عام في النماذج التي تقدم نفسها للرئيس خلال ختام مؤتمر الحزب‮.. ‬حيث في المرة الأخيرة كان هناك ثلاثة‮.. ‬واحدة من قنا والثانية من العمرانية والثالث من بولاق أبوالعلا‮.. ‬إذا كانت الحال كذلك فإن نماذج بنت نفسها ولديها رصيد عائلي واجتماعي مثل اللواء سليمان صبحي في المراغة لا بد أن تحصد نتيجة التشجيع‮.
الموقع الإليكترونى: ‬ www.abkamal.net

البريد الإليكترونى:   [email protected]