الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السيسى: المنطقة تواجه تهديدات ممنهجة لإسقاط مؤسسة الدولة الوطنية

السيسى: المنطقة تواجه تهديدات ممنهجة لإسقاط مؤسسة الدولة الوطنية
السيسى: المنطقة تواجه تهديدات ممنهجة لإسقاط مؤسسة الدولة الوطنية




بعثة «روزاليوسف» من الظهران ـــ أحمد قنديل ــ صبحى شبانة

قال الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية: «إن الأمن القومى العربى يواجه تحديات غير مسبوقة، فهناك دول عربية تواجه لأول مرة منذ تاريخ تأسيسها، تهديدًا وجوديًا حقيقيًا، ومحاولات ممنهجة لإسقاط مؤسسة الدولة الوطنية، لصالح كيانات طائفية وتنظيمات إرهابية، يمثل مشروعها السياسى ارتدادًا حضاريًا كاملاً، عن كل ما أنجزته الدول العربية منذ مرحلة التحرر الوطنى، وعداءً شاملاً لكل القيم الإنسانية المشتركة، التى بشرت بها جميع الأديان والرسالات السماوية».
السيسى فى كلمته بالقمة العربية الـ29، أكد أن هناك دولا إقليمية، تهدر حقوق الجوار، وتعمل بدأب على إنشاء مناطق نفوذ داخل الدول العربية، وعلى حساب مؤسسات الدولة الوطنية بها، مشيرًا إلى أن جيش إحدى الدول الإقليمية موجود على أرض دولتين عربيتين، فى حالة احتلال صريح لهما، وهناك اجتماعات تجرى لتقرير مصير التسوية، وإنهاء الحرب الأهلية الشرسة، التى أزهقت أرواح ما يزيد على نصف مليون سورى، بدون مشاركة لأى طرف عربى، وكأن مصير الشعب السورى ومستقبله، بات رهنًا بلعبة الأمم، وتوازنات القوى الإقليمية والدولية.
ونوه الرئيس، إلى أن هناك طرفا إقليميا آخر، زينت له حالة عدم الاستقرار التى عاشتها المنطقة فى السنوات الأخيرة، وأن يبنى مناطق نفوذ باستغلال قوى محلية تابعة له، داخل أكثر من دولة عربية،  مضيفًا: «للأسف الشديد، فإن الصراحة تقتضى القول، بأن هناك مِنَ الأشقاء مَن تورط فى التآمر مع هذه الأطراف الإقليمية، ودعم وتمويل التنظيمات الطائفية والإرهابية».
وتابع السيسى: «أن الجرح الفلسطينى النازف، وشهداءه الذين يسقطون كل يوم، قضية العرب المركزية التى توشك على الضياع، بين قرارات دولية غير مفعلة، وصراع الأشقاء أصحاب القضية، الذى يستنزف قواهم ومواردهم الضئيلة، ويفتح الباب أمام مَن يريد تكريس واقع الاحتلال والانقسام كأمر واقع، ويسعى لإنهاء حلم الشعب الفلسطينى الشقيق فى الحرية والدولة المستقلة».
ولفت السيسى إلى أننا بحاجة إلى استراتيجية شاملة للأمن القومى العربى، لمواجهة التهديدات الوجودية التى تواجهها الدولة الوطنية فى المنطقة العربية، وإعادة تأسيس العلاقة مع دول الجوار العربى على قواعد واضحة، جوهرها احترام استقلال وسيادة وعروبة الدول العربية، والامتناع تمامًا عن أى تدخل فى الشأن الداخلى للدول العربية، قائلاً: «لقد سبق وطرحت مصر عددًا من المبادرات لبناء استراتيجية فعالة وشاملة للأمن القومى العربى، وتوفير مقومات الدفاع الفعال ضد أى اعتداء أو محاولة للتدخل فى الدول العربية».
وأوضح الرئيس أنه لا بد من البدء بفلسطين، لما قدمه ويقدمه الشعب الفلسطينى من تضحيات على مدار عقود، تضع الضمير الإنسانى كله على المحك، فقضية الشعب الفلسطينى ليست قضية العرب وحدهم، بل قضية نضال والحق فى مواجهة القوة.
وتابع السيسى: «لقد كان مشروع القرار الذى شاركت مصر فى إعداده، وأقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ديسمبر الماضى بأغلبية 128 دولة، دليلاً جديدًا على أن الحق العربى فى القدس، هو حق ثابت وأصيل، غير قابل للتحريف أو المصادرة، ولا زال العرب متمسكين بخيار السلام خيارًا استراتيجيًا وحيدًا، ومازالت المبادرة العربية للسلام هى الإطار الأنسب لإنهاء الاحتلال، وتجاوز عقود من الصراع الذى أتى على الأخضر واليابس، لتبدأ مرحلة من البناء آن لشعوبنا أن تجنى ثمارها».
وأشار الرئيس إلى أن المجتمع الدولى كله عليه مسئولية واضحة لا لبس فيها للوقوف أمام سياسات تكريس الاحتلال، وخلق حقائق جديدة على الأرض، ومحاولة مصادرة الحقوق الفلسطينية فى الأراضى المحتلة، وفى القلب منها القدس الشرقية، بل وحتى حرمان الشعب الفلسطينى من أبسط الحقوق والخدمات، عبر الأزمة التى تواجهها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأُنُرْوَا»، نتيجة عدم توفير الأموال الزهيدة التى تحتاجها، لتوفير الحد الأدنى من مقومات البقاء، لخمسة ملايين لاجئ فلسطينى، وهو أمر يمس بشدة وإجحاف بقطاع واسع من أبناء الشعب الفلسطينى.
وأضاف: «أن المسئولية تقتضى منا أيضًا أن نقوم بنقد الذات، فما كان للحق الفلسطينى أن يتعرض لأشرس هجمة لمصادرته وإسقاطه، لو لم تكن حالة الانقسام الفلسطينى التى تدخل عقدها الثانى، وبكل صراحة أقول: «لا يجب السماح بأن يكون استمرار الانقسام الفلسطينى، ذريعة لإبقاء واقع الاحتلال، وإن مصر تعمل بكل دأب مع الأشقاء الفلسطينيين، لطى هذه الصفحة الحزينة من تاريخهم، وقد آن الأوان لرأب هذا الصدع غير المبرر، وتجاوز اعتبارات المنافسة الحزبية لصالح إعلاء كلمة الوطن، واستعادة وحدة الصف الفلسطينى، التى هى شرط ضرورى لخوض معركة التفاوض والسلام واسترداد الحق».
واستعرض الجهود الجبارة التى تقوم بها القوات المسلحة والشرطة المصرية، فى معركة الحياة والشرف «معركة سيناء 2018»، التى تتواصل نجاحاتها يومًا بعد يوم، لدحر قوى الشر والإرهاب التى لا تهدد مصر وشعبها فحسب، بل تهدد المنطقة والحضارة الإنسانية بأسرها.
وحول الأزمة السورية، أعرب الرئيس السيسى عن قلقه البالغ نتيجة التصعيد العسكرى الراهن على الساحة السورية، لما ينطوى عليه من آثار على سلامة الشعب السورى الشقيق، ويُهدد ما تم التوصل إليه من تفاهمات حول تحديد مناطق خفض التوتر، مؤكدًا رفض مصر استخدام أية أسلحة محرمة دوليًا على الأراضى السورية، وإجراء تحقيق دولى شفاف فى هذا الشأن وفقاً للآليات والمرجعيات الدولية.
وأشاد السيسى بجهود الدول العربية، وتحديداً التعاون المصرى السعودي، حيث كان له الدور الأهم فى توحيد تنظيمات المعارضة السورية، متوقعا أن تتحرك الأمم المتحدة بشكل سريع، والتنسيق مع الدول العربية، لبدء مسار لجنة وضع الدستور السورى كمقدمة لاستئناف جولات المفاوضات، مشددًا على ضرورة أن يكون السوريون أنفسهم والعرب شركاء أساسيين فى جهود السلام فى سوريا، بوصفهم أصحاب المصلحة الحقيقية، فى الحفاظ على وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية.
وعن الأوضاع فى ليبيا واليمن الشقيقتين، قال الرئيس: «إن الحفاظ على وحدة وسلامة وعروبة هذه الدول، وقطع الطريق على أية محاولة من التنظيمات الإرهابية، ورعاتها الإقليميين والدوليين، لتمزيق أوصال هذه الأوطان العربية، مسئولية الجميع، ولن نسمح بأن تظل هذه الدول الشقيقة مساراً لصراعات دولية وإقليمية تمزق شعوبها وتدمر مقدراتهم».
وأكد الرئيس أن مصر مستمرة فى دعم كل جهد، للحفاظ على وحدة ليبيا واستعادة مؤسسات الدولة فيها، علاوة على أن مصر ملتزمة بالعمل على استعادة الاستقرار وتحقيق الحل السياسى العادل فى اليمن، فلا مستقبل فى اليمن إلا بالحل السياسى اليمنى الخالص، مشددا على أن مصر لن تقبل قيام عناصر يمنية بقصف الأراضى السعودية.
واختتم السيسى كلمته بـ «إن التحدياتَ جسامٌ، لكنى واثق من أن العزم الصادق، والجهد المُنَسَّق بين الدول العربية، كفيلٌ بمواجهتها، وإن مصر تُجدد عهدها معكم، بأن تكون فى القلب من كل جهد، يهدف لإعادة الحياة إلى عملنا العربى المشترك، ومواجهة الأطماع الإقليمية الخارجية فى منطقتنا، فالأمن القومى العربى كلٌ لا يتجزأ».