الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مشروع «كلمة» يصدر الترجمة العربية لـ«سبارتاكوس»

مشروع «كلمة» يصدر الترجمة العربية لـ«سبارتاكوس»
مشروع «كلمة» يصدر الترجمة العربية لـ«سبارتاكوس»




كتب – خالد بيومى

صدر حديثا عن  مشروع «كلمة» للترجمة  التابع لدائرة الثقافة والسياحة  بأبوظبي، الترجمة  العربية لكتاب «سبارتاكوس» لأستاذ القانون الرومانى آلدو سكيافونه، نقله إلى العربيّة أمانى فوزى حبشي.
والكتاب لا يتناول فقط أسطورة «سبارتاكوس» الذى تمرد على روما والذى غدت شخصيته رمزاً وقدوة وشعاراً فى الحديث عن البطولة والتضحية.. وعن الإباء ورفض المذلة.. وعن النضال فى سبيل الحرية ومناهضة الظلم والاستبداد.. وعن العودة إلى الوطن بعد التشرد، وعن التفاعل والتآخى بين الشعوب.

كان مصارعاً من العبيد، عليه أن يمتع الجمهور الرومانى بالمبارزة فى الحلبة وما كان أمامه هناك خيار آخر، غير أن يقتل أو يُقتل! أراد أن يدفع السيف عن رقبته ويبعد سيفه عن رقاب الآخرين. أراد أن لا يكون شاة ولا جزاراً ولمّا صار طلبه مُحالاً، انتفض وقاد أشهر ثورة فى التاريخ، ولكنه أقرب ما يكون إلى سيرته الذاتية، ففيه يقترب المؤلف من الوقائع والشخصيات.
وحاول المؤلف من خلال تقديم «سبارتاكوس» كشخصية رئيسية أن يبرِز الإطار المحيط به، فيبرز خلفية تسيطر عليها ظاهرة قاسية ومركَّبة، وهى ظاهرة العبودية الرومانية التى انتشرت فى أرياف ومدن وسط إيطاليا وجنوبها خلال فترة السبعينيات فى القرن الأول قبل الميلاد «سبارتاكوس» ذلك المصارع الذى كان مجرد عبد يتصارع فى الحلبة مع غيره من العبيد مباريات حتى الموت، ولا تنتهى هذه المباريات إلا بموت أحد الطرفين وهذا فقط من أجل تسلية أسيادهم، و لكنه ثار وفضل أن يقتل مثل الشاه بدون سبب أو يقتل شخص أخر مثله جريمته الوحيدة أن سيده اختاره ليصارعه، وبهذه الثورة تحول من نكرة إلى اسطورة يتحاكى بها الجميع حتى وقتنا هذا، فمن هو هذا المصارع والقائد الحربى «سبارتاكوس».
كانت العبودية فى روما مؤسَّسة متكاملة، لم يكُن وجودها أساسيّاً فقط من الناحيتين الإنتاجية والاقتصادية، بل كان يلمس كل جوانب الحياة المدنية والأخلاقية والانفعالية والعائلية للمجتمع.
ووحدها الأرقام يمكنها أن تعطينا فكرة عما كان يحدث فى القرن الأول قبل الميلاد فى الثقافة الإيطالية وفى حوض البحر المتوسط الروماني، إذ كان من المستحيل التفكير فى مجتمع يخلو من العمل الخدمي، فخلال الأعوام التى عاشها «سبارتاكوس»، كان ثلث إجمالى عدد السكان مكوَّناً من ملايين العبيد.
 سماها الرومان ثورة العبيد.. وسماها العالم ثورة الأحرار. واذا توخينا الدقة، لا يمكن القول انها ثورة، فهى لم تحمل هدفاً سياسياً أو إصلاحياً أو اقتصادياً، ولم تقم ضد النظام فى روما، فى الحقيقة لم يرد العبيد شيئاً من الدولة الرومانية كلها، كل ما أرادوه هو الهروب واجتياز حدودها الى الدول المجاورة.
يضاف الى ذلك، إنهم لم يكونوا مواطنين رومانيين، وإنما من بلاد مختلفة (فرنسا وهولندا واسبانيا والبرتغال ودول البلقان وشمال افريقيا). ولم يكونوا عبيداً، وإنما سادة كرام عاشوا أحراراً فى ديارهم الى أن أغارت عليهم الكتائب الرومانية وساقتهم عبيداً.
ويتناول الكتاب حركات تمرد أخرى قامت ضد الإمبراطورية الرومانية فى تلك الفترة، فبعد عشر سنوات من ثورة التراقى، وجدت روما نفسها أمام حركة تمرد «كاتيلينا النبيل والبريتور السابق»، الذى ضم إلى صفوفه شبان الأرستقراطية المُفلسين، وجنود سولا المُدمرين، والعبيد، وكان يقدّم نفسه كمحرض لعامة الرومان ويقترح عليهم إلغاء الديون ونفى الأغنياء، وانتهى به الأمر إلى الهزيمة مثلما حدث لـ«سبارتاكوس» قبله، كما عرض المؤلف فى طيات كتابه الحركات المناهضة المتنوعة التى قامت لمقاومة الإمبراطورية، ويعرض لنا نظام توزيع القادة والقوات فى الجيش الرومانى فى تلك الفترة، مستعرضاً عناصر قوته والتى جعلت منه الكيان الأهم والأقوى فى الإمبراطورية الرومانية.
وفى محاولة للتعرف على «سبارتاكوس» والغوص فى عقله للبحث عن تفسير لتحركاته ودوافعها الحقيقية، يستعرض «سكيافوني» المجتمع الرومانى فى تلك الفترة والتحديات التى واجهته، وكذلك سياسة روما، التى استطاعت بفضل قانون «العتق» أن تضمّ إلى صفوفها شعوباً أخرى، وقامت بتحرير العبيد ومنحتهم المواطنة الرومانية، وهو الأمر الذى ساعد فى نهاية الأمر على توحيد صفوف الإمبراطورية.