الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صناعة البهجة بدون كلام فى «بسس بسس» و«آن دوريد» بمهرجان الشوارع الخلفية

صناعة البهجة بدون كلام فى «بسس بسس»  و«آن دوريد» بمهرجان الشوارع الخلفية
صناعة البهجة بدون كلام فى «بسس بسس» و«آن دوريد» بمهرجان الشوارع الخلفية




الإسكندرية- هند سلامة

عندما تكون البهجة والمتعة هدفًا وتسعى سعيًا حثيثًا لتحقيقهما متجردًا من كل شيء سوى الحرص على دغدغة مشاعر الجمهور ومداعبته بلا حذلقة، هكذا نجح الدكتور محمود أبو دومة رئيس مهرجان الشوارع الخلفية أو «back street festival» فى خلع عباءة المسرح وقرر النزول والغوص فى قلوب الجماهير على اختلاف خلفياتهم الثقافية من شيوخ وأطفال وشباب، بعروض تخلصت من قبعة المسرح وقررت أن تنحيها جانبًا لتمضى فى صمت بليغ حريصة على إسعاد الجمهور، بتحقيق الغاية والفلسفة من وراء مشروع البهجة الذى اتخذه المهرجان شعارًا له.

المهرجان يفتتح بـ«الصدع»

افتتح المهرجان فعالياته بمركز الجيزويت الثقافى بعرض «الصدع»  وهو عرض «visual art» يبعث روحًا جديدة على العمارة المشيدة بقلب المدينة باستخدام ألوان وأنماط مختلفة وأضواء جريئة ويركز على الخطوط الحادة ونقاط الاتصال غير المتوقعة حيث يعتمد على الإيقاعات الصاخبة وتعالى الأصوات على نحو درامى، فالصدع ما هو إلا تجسيد لانبهار صاحبة العرض بالتفاصيل الجغرافية والمناظر الطبيعية التى تعيش وسطها، وقدم على مبنى كنسية مركز الجيزويت الثقافى قبل انطلاق عروض المهرجان.

تنوع أسلوب صناعة البهجة

تنوعت الأعمال المشاركة بالشوارع الخلفية، وتنوع أسلوب صناعة البهجة واللعب بها فمنها أعمال اعتمدت على استخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة فى تقديم عرض مبهج وضحك مختلف ومنها أعمال اعتمدت على اللعب بالموسيقى ثم بمسرح العرائس وأخرى اعتمدت على الفلكلور وأعمال قدمت ألعابًا بهلوانية أشبه بعروض السيرك ومسرح الشارع، لكن اشتركت كل هذه العروض فى صياغة وصناعة بهجة صامتة أو ضحك بدون كلام، كان من بين هذه العروض عرض « آن دوريد» لدولة المجر والذى عرض بمركز الجيزويت الثقافى، ويعتبر هذا العمل من بين الأعمال شديدة الحرفية والتميز فى تقديم عرض مسرحى بتقنية الـ«3D» التى تقدم لتقنية استخدام المسرح الرقمى وتقنية led  تدور أحداثه حول الفتاة الروبوتية التى تطمح إلى التحول إلى كائن بشرى من لحم ودم لكن على مدار رحلتها العجيبة بين الأرض وتحت الماء تواجه الكثير من التحديات التى ستساعدها على معرفة الفيلم الأهم فى هذه الحياة وأمام الجمهور تدب الحياة فى الشخصيات المرسومة ويتحرك المؤدون مع الصور والرسومات المنعكسة على الجدران ليشعر الجمهور كما لو أنهم يشاهدون فيلمًا بتقنية الـ 3d ، تميز هذا العمل بتقديم نوع جديد ومختلف من المسرح اعتمد على الإستخدام الآلى بالكرة الصغيرة الآليه التى كانت تتحرك بإشارة من بطل العرض ويظل البطل صانع هذه الفتاة الروبوتية فى حالة صراع معها بحركات ومواقف مضحكة فى انسجام حركى وتقنى دقيق وغير مسبوق بين الشاشة وحركة الممثلين على خشبة المسرح وكأن الشاشة ديكورًا حيًا على المسرح وليست مجرد أشياء متحركة تستسلم لإيماءة وحركة الممثلين فى ثبات وانضباط شديد وكذلك كان التمثيل والحركة لهما طوال العرض الذى لم ينطقا فيه بكلمة واحدة بل تمكنوا ببراعة شديدة من الوصول إلى غايتهم لقلوب الجمهور والسيطرة عليهم من الدقيقة الأولى وحتى آخر دقيقة بالعرض.

إحياء شارلى شابلن فى «بسس بسس»

اشترك معه فى نفس الدقة والانسجام والسيطرة والتفاعل مع الجمهور عرض «بسس بسس» لمؤديين قررا تقديم عمل مسرحى أشبه بعروض أفلام شارلى شابلن أو كأنه نوع من إحياء السينما الصامتة على خشبة المسرح، استطاع المؤدى والمؤدية سايمون فاسارى وكاميلا بيسى اللعب بحركة وخفة وانطلاق على المسرح وبين الجمهور، وهو عمل مسرحى استثنائى على مستوى استغلال مهارات الممثلين الحركية والإيمائية التى تميزا بها فى انتزاع الضحك من الجمهور وإدخال البهجة على قلوبهم إلى جانب تفاعلهم معه بإشراك أحد الحاضرين معهم وصعود أحدهم على خشبة المسرح كى يشاركهم ألعابهم البهلوانية حتى ظن الحضور أن الشخص المشارك تلقى تدريبات معهم قبل العرض، فكان من بين الأعمال المسرحية المتميزة والتى لاقت استحسانًا جماهيرًا كبيرًا ضمن فعاليات المهرجان.

«تى إن تى شو» و«سينما باراديس»

وكذلك كان عرض «تى إن تى شو» لاس كوساز نوسترا إسبانيا للفنان فرانسيسكو فيتا وهو عرض تفاعلى أيضًا اعتمد على مشاركة أطفال مدرسة سان جبرائيل معه فى تقديم فقرات اقرب لفقرات السيرك، اشترك معه فى نفس الشكل أيضًا عرض «سينما بارادايس» وهو عمل تركيبى يتضمن مقتطفات كوميدية مستوحاة من أسلوب الأخوين ماركس لم يخلُ من العروض الهزلية والحركات الأكروباتية ويضم العرض مجموعة مختلفة ومتنوعة من الشخصيات حتى أن هناك رجلًا غير مرئى بينهم جميع الشخصيات والأحداث متداخلة لكنها ليست كئيبة؛ هذه الفرقة من فنانى الشوارع وتأسست فرقة «نو آر مانشن» عام 2007 بقيادة المخرجة هانبيا أونوسورا أداء هانابيا أونوسورا، كايو نوزاكي، بوجيرو مارومونو، باماسوكى.

«المسافر عبر الزمن»

«المسافر عبر الزمن» عرض متجول من النمسا فى هذا العرض نتعرف على فيدا وفريد وهما أكثر المصورين غباء وفوضوية بالعالم أما الصور التى يلتقطونها فيمكن اصطحابها إلى المنزل أداء سابين مارينجر وجيرالد لامبرخت، فى هذا العمل اصطحب الممثلان الجمهور وكأنهم فى رحلة داخل المدرسة وقاما بالتقاط صور تذكارية بكاميرا أشبه بالكاميرات القديمة والتقط الجمهور معهم صور تذكارية عديدة وكأنهم فى نزهة بأحد الحدائق.

مبارزة الزرادية ومصيدة الفئران

«غاية فى السهولة» السويد تقدم الفرقة أغانى الجوقة الرجالية السويدية وأغانى الفيس بريسلى وقدم الفريق على خشبة مسرح مركز الجيزويت حفلًا غناءً آكابيلا الذى يتميز بالغناء دون موسيقى فيكتفى الفريق بالعزف الموسيقى عن طريق أصواتهم المميزة التى تؤدى نغمات الآلات بمهارة شديدة وحرفة فنية عالية، «أن تمتلك أو لا تمتلك» يعتبر من ضمن الأعمال المسرحية الأكثر ثراء وعمقًا على المستوى الفكرى رغم البساطة التى بدا عليها فهما اثنان قاما بتحريك وتشكيل مجموعة من الأشياء الحديدية التى نستخدمها فى حياتنا اليومية مثل المقص الذى شغل على هيئة غراب و«الكماشة» وهكذا استطاع الممثلان فى رحلة صامتة وهما يؤديان أصوات طيور وحيوانات مختلفة تدخل فى صراع كونى من أجل الحياة والبقاء، فهو عرض من عروض مسرح الأشياء يأخذنا هذا العرض إلى عالم الغرب المتوحش مع بعض العناصر الظلامية التى تعود للعصور الوسطى ويتخللها موضوعات إنسانية مثل الجشع والغيرة والتهور والغرور والغباء ويتجلى الصراع مع الموسيقى التصويرية يدور حول عدد من الأشياء المعدنية والخشبية الصدئة القديمة والمتأثرة بعوامل المناخ ودون اى كلمات منطوقة  ويعتمد على عدد من المواد فى إطار الجوانب البصرية ويبدأ كأنه قصة خيالية فى عالم يبدو كما لو أنه حقبة قبل التاريخ ممتد على طاولة خشبية طويلة لكن ما إن يدخل  كائن فضائى إلى المكان ينهار هذا العالم ويتحول إلى سباق مسلح شرس أشبه بصراعات العصور الوسطى لكنه لا يخلو من الفكاهة إنها مبارزة بين قطعة زرادية ومصيدة فئران عنيدة وكلاهما يقاتل بجميع الوسائل المتاحة سواء كانت شرعية أو غير شرعية، استطاع الممثلان تقديم أداء بسيط ومبهر فى تحريك هذه الأشياء المعدنية وإقامة حالة من الحرب والحياة على هذه الطاولة الصغيرة وكأنهم كائنات حقيقية تتصارع من أجل البقاء، ففى هذا العمل كانت الحركة والموسيقى أبلغ وأعمق من الكلمات.

«أسياد الزار»

من العروض الموسيقية التى تخللها المهرجان أيضًا حفل «أسياد الزار» والذى اعتمد على تقديم مزيج بين الزار السودانى والمصرى وبعضهم أعضاء فى فرقة الرانجو من أعضاء الفريق الشيخة زينب والريسة شادية والطبالتين ماجدة ووزوة استمتع الجمهور معهم فى حفل فنى صاخب وضخم واشتد الزحام على العرض فلم يكن هناك مكان لقدم»، تضمن المهرجان أيضًا عروض مسرح الساقية للعرائس، وعروض لمجموعة من الأفلام «الحلم يحدث الآن» فرنسا، «الغموض الساحر» ألمانيا»، «فادوس» آسبانيا»، كما قام المهرجان بترجمة ونشر عدد من الأعمال المسرحية مثل «باريس فى الظل» تأليف يم مشهدى من سوريا، «إثبات العكس» تأليف أوليفيه شاشيارى سويسرا وترجمة منحة البطراوي، «عشى ليلي» تأليف داريا شتوكر وترجمة ابتهال شديد.