الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

جمال حمدان عاشق مصر

جمال حمدان عاشق مصر
جمال حمدان عاشق مصر




كتبت - خالد بيومي


عاشق لتراب بلده وجغرافيته.. درس تفاصيل مصر وربط بينها وبين تاريخ أم الدنيا فكان أن كتب «شخصية مصر».
مصر بالنسبة له ليست مجرد أرض يعيش عليها، بل وطن له حدود غير عادية وشخصيته المستقلة المتفردة بين جميع دول العالم.. وطن يستحق أن تكون له استراتيجية تؤمن أراضيه وتكسبه أهمية يستحقها.
جمال حمدان المولود فى عام 1928 ، بدأ رحلته عازفا سيمفونية رائعة فى حب الوطن عام 1948 عندما قرر وقتها رسم خرائط مختلفة لجغرافيا مصر تقدس كل حبة رمل على أراضيه.
طوع الجغرافيا والحدود لخدمة تاريخ وطن حضارته تمتد لأكثر من 7 آلاف سنة.
لم يعد علم الجغرافيا عند جمال حمدان هو ذلك العلم الذى يتعامل مع الإحصائيات والأرقام والمعلومات بشكل جامد.
بل أصبح روحا تتنفس وأوضاعا سياسية واجتماعية واقتصادية تتحرك على الأرض أمامنا بفعل هذه التضاريس أو ذلك الموقع أو مرور ذلك النهر.
حمدان هو أول مؤرخ صاحب رؤية مستقبلية أثبتت الأيام بعده عافيتها ودقة أبعادها مستخدما فى ذلك منهاجا يعتمد على الدمج وصهر الجغرافيا بالتاريخ بالإنسان فى بوتقة واحدة تظللها روح الفلسفة، لتثمر لنا رؤية ثاقبة وصياغة محكمة تكشف أبعاد الجوانب السياسية .
فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بنى إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، وأثبت فى كتابه «اليهود أنثروبولوجيا» الصادر فى عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى أرض فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمى هؤلاء إلى إمبراطورية «الخزر التترية» التى قامت بين «بحر قزوين» و»البحر الأسود»، واعتنقت اليهودية فى القرن الثامن الميلادى، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات «آرثر كوستلر» مؤلف كتاب القبيلة الثالثة عشرة الذى صدر عام 1976.
من الجغرافيا انطلق حمدان إلى التاريخ ومنهما حدد مواقفه الثابتة، بأن بيت الداء هو الكيان الذى زُرع بين العرب لتقسيمهم وتشتيتهم، وأثبت أنهم ليسوا كما يدعون أصحاب الأرض بل إن امتدادهم إلى أصول غير فلسطين.
ليرحل بعدها فى ظروف غامضة عقب انفجار أنبوبة البوتاجاز فى شقته بحى الدقى يوم 17 إبريل 1993 بعد حياة حافلة ونقطة مضيئة فى الحياة العلمية المصرية والعربية.