الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

واحة الإبداع.. مابعد المحاولة الرابعة

واحة الإبداع.. مابعد المحاولة الرابعة
واحة الإبداع.. مابعد المحاولة الرابعة




اللوحات للفنان: الزعيم أحمد

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    

[email protected]


 

قصة قصيرة

مابعد المحاولة الرابعة

كتبتها – هدى حافظ

 الجميع كان يؤكد أنه بعد المحاولة الثالثة جاء الرفض قاطعا، لم يعد لديه بصيص أمل بعد انعقاد المفاوضات الأسرية الأخيرة، الأمر لم يكن منحصرا فى اختيار عروس ضمن قائمة من النساء المرشحات للزواج، وحدها التى نجحت فى اصطياد مشاعره واستهداف قلبه، سحرها ممتد الأثر سارى المفعول قد استشرى بجسده، على الطرق التقليدية أخبر أمه سيدة المجتمع التى تتمتع بجمالها وحكمتها البالغة بألا بديل عن محاولة رابعة، ربما هناك جولة رابحة بعد كل خسارة مؤلمة، لكنها اعتادت أن تلغى شخصية الجميع فهى سيدة القرار، وفى عاصفة من اللوم الموجهة إليها أشارت إلى الروزنامة الورقية كى يحضرها، اكتفى أن يلبى رغبتها طائعا حينها تذكر لعبته الطفولية إذا أقبل يوم جديد، توجه مسرعا نحو الروزنامة لكى يمزق ورقة من يوم مضى ويقرأ حكمة اليوم الجديد محتذيا حذو أمه، أخذ يقرأ عليها حكمة اليوم لا تطرق الباب أكثر من ثلاث مرات ولا تعطى فرصا إلا ثلاث مرات ولا تغفر الزلات إلا ثلاث مرات وبعدها أنت حر من أى قيود، ظنت أنها أدركت غايتها بعد امتثاله لأوامرها، لم يكن باستطاعته البوح بما يضمره فى نفسه، ود لو أخبرها أنه لم يعد بحاجة للوثب عاليا لالتقاط ورقات الروزنامة وقراءة حكمة بالية لا تلائم العصر، لم يعد هذا الطفل الباحث عن أضلاع الحقيقة فى مثلث اختفاء قوالب السكر، ولم يعد فى انتظار تطاير عطرها الحامضى فى الأرجاء حتى يعرف بقدومها، ويمسح عن ابيه حبيبات السكر العالقة بفمه، اشتد عوده وارتفعت قامته، تردد اسمه فى الأوساط الفنية والثقافية.. غادرها ومضى فى طريقة إلى الحفل ممسك بآلة العزف بين ذراعية يبصر بيقين لا ينازعه، شك أنها تجلس ضمن الحاضرين فى الصفوف الأولى، أدرك ان المواجهة تختصر المسافات وتحسم العلاقات المشتبهة فيها حيث لا وساطة ولا وسيط فى الحب، وفى غضون الدقائق الأخيرة وقبل صعوده على المسرح، أشار إليها أقبلت فتاته الجميلة تطبع بأقدامها علامات الاستفهام والتعجب، أصبحت على مقربة منه وفى حوزته عينيها تلك النجمتين الهاربتين، أخبرها بما يؤرقه ويشغل فكره، أعانى صراعا بين رفضك غير المسبب وتمردى غير المعلن، أمى التى أرسلتها لتنوب عنى حتى فى البوح عن مشاعرى، أبلغتنى أن الرفض هذه المرة لن يكون فى صالحى، عزمت أن أصارحك بالأمر كى لا يتبدد الأمل فى الزواج منك بل يتجدد، قاطعته فى محاولة لتوضيح اللبس عن أى رفض تتحدث اداوم على حضور حفلاتك منذ زمن بعيد، تروقنى موسيقاك واحساسك الدافق حينما تحاوط بذراعيك الكمان وتلاعب باصاعبك الوتر، واتساءل هل فتنت بك كسائر النساء المهووسات فى شطط؟ ام احتاط جيدا لهذا النوع من الاندفاع غير المحسوب عقباه لكن مشيت على خطاهم وتتبعت كل اثر يدلنى عليك، وكما لص طريف يتسلل خفية باحثا عن مكان اقامتك، امكث لساعات بجوار حائط قديم اسفل منزلك لارسم وجهك بالجرافيتى اثناء ذلك تطل سيدة من شرفتها لتسب وتلعن عرفت بعدها انها امك....كنت قد انهيت اولى محاولاتى البائسة لاسترعى انتباهك، امسك يدها وجذبها اليه برفق، احببتك جدا وجعلت المحاولة الرابعة جسر للوصول اليك «ولن اتراجع خطوة للوراء» بعد محاولات اربع باركت الام زواجهم المفاجئ فلاحيلة لديها سوى كسب قلبيهما ولا حيلة لديهم غير تناسى كذباتها المتكررة، فى زيارة سرية انفردت الام بزوجة ابنها تلقنها النصائح.. قى الصباح الشاى المحلى بالعسل، واقرأى عليه من الروزنامة الجدارية، وفى المساء لقيمات القاضى وتطيبى بعطر زهرة الليمون، وعشب حشيش الملائكة لتهياة الرحم للحمل، اخذت تهئ كل الطقوس لاسعاده تلبى جميع فروض عشقه، لكن رغما عن ذلك تبدلت معالمه ضعفت بنيته واعتلى الشحوب وجهه، لم يكن عابئا باى اعتلال قد اصابه، وجه اليها سؤالا وهو يرمى بنظراته صوب الفراش المصبوغ بالدماء هل جاءت امى الى هنا؟ راح بعدها فى غيبوبة اثر ازدياد معدل السكر الوراثى فى دمائه، تخشب الجسد الناطق المفعم بالحياة، اخذت تستصرخ طلبا فى استغاثة زوجها الملقى على الارض، وبين احشائها جنين تنازع خشية ان تفقده هو الاخر ونقاط الدم تتقاطر، يكاد الاطباء ان يكفوا ايديهم عن المحاولة، جاءت نداءاتها البعيدة المتقطعة لتعيد اتصاله بالحياة، بعد اتمام محاولة إنقاذه الرابعة تجسست رحمها النابض وحينها استعاد انفاسه مرددا.. تبدأ الأشياء الجميلة بعد المحاولة الرابعة، تبدأ الأشياء الجميلة بعد المحاولة الرابعة.