الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التشكيلى صالح رضا يقدم «وجهة نظر جديدة» بعد الثمانين





أعوامه الثمانين لم تضعف من جذوة إبداعه وسعيه نحو التطوير وتقديم الجديد وتعبيره عن وجهة نظره فيما يحدث، إنه الفنان صالح رضا الذى يقدم فى معرضه الجديد بقاعة (أفق 1) بمتحف محمود خليل وحرمه «نحو وجهة نظر جديدة» الذى يحوى 18 عملا نحتيا كبيرا ثنائى الوجه، و20 لوحة فنية مرسومة بالحبر وألوان الفلومستر على ورق مقوى، فى شكل جديد وأداء جديد تم تنفيذه حديثا، فهو لم يقم معرضا استيعاديا بعد لأنه لازال لديه الكثير ليعطيه وليبدعه.

لم يتخل رضا فى أعماله عن منطلقاته الفنية ورؤيته المصرية المهتمة بالريف وبالحياة المصرية القديمة، التى يطوعها دائما للمتطلبات الحياتية الجديدة، فهو من أكثر الداعمين للتأصيل وللهوية المصرية وقدرتها على التطور ومواكبة العصر، قدم رضا رؤية جديدة فى الفن المعاصر وهى الدمج ما بين التصوير والمجسمات حيث قام رضا بتصميم مجسمات من الكرتون والورق المقوى اشتق تشكيلها من الأشكال الهرمية ومن مفتاح الحياة أبرز أيقونات الحضارة المصرية القديمة المميزة لها مرتكزة على قواعد عريضة ثابتة بقوة فى الأرض كأنها رابضة فى تحد للزمن وتحد لكل المتغيرات السلبية التى تحاول النيل من الشخصية والثقافة المصرية ورسم على المجسم من جميع أوجهه فتيات ونساء مصريات بخطوط لينة ودائرية ليظهر شخوصه وكأنها ملتفة حول بعضها البعض أو يحتضن كل منهم الآخر مستخدما أقلام الحبر ولون فراغاتها بألوان الفلومستر، هذا جزء آخر من طبيعة وأسلوب رضا فى الفن والإبداع فهو يبحث دوما عن أبسط الوسائط للتعبير عن أفكاره فلم يغال مطلقا فى وسائط معقدة أو باهظة الثمن، وجوه رضا غالبا ما تكون وجوها باسمة عيونها مصرية جدا، العين عند رضا لها وضع خاص ربما لاهتمام المصرى القديم بالعين «عين حورس» ضد الحسد والأرواح الشريرة التى صورها رضا فى إحدى لوحاته ليرفع العين الدائرية وكأنها المحور للحياة على صرح عال وكررها ثلاث مرات باللوحة مختبئا وراءها عدد من الشخوص المتلاصقة فى خوف وقلق من القادم نحوها وكأنها تحتمى بهذا الثالوث من العيون المفتوحة والمتيقظة لما يحدث وهى شاهد عيان على ما يجري.

حضر افتتاح «نحو وجهة نظر جديدة» الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة والدكتور صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية، حيث أبدى عرب إعجابه بالمعرض الذى أبدع فيه رضا إبداعات اختزل فيها تاريخ مصر كله برؤيته الفلسفية الهائلة القائمة على استرجاع التاريخ المصرى بأشكال وتنوعات مختلفة، مؤكدا على وجود تواصل بين جيل الشباب والوسط والرواد، وأن مصر تبدع تحت أى ظرف من الظروف، فى المقابل كان تعقيب الفنان صالح رضا على ذلك «أن الإبداع ليس الحياة فقط، بل هو رمز واضح للحياة، ومنذ ولادة الإنسان كان الإبداع هو الطور الواضح فى حياته ولولا هذا الإبداع ما كان يمكن للإنسان أن يطور نفسه والحياة بكل ما فعله من إمكانيات، ما كانت إلا نوعا من الإبداع حتى فى أحلك ظروف الإنسان، لأن الإنسان قد ولد مبدعا بطبيعته وحركته الحياتية، فالإبداع فى حياة الإنسان هو تكامل الحياة التى يقوم بصناعتها، وهو رمز من رموز الوطن، لذلك كانت حضارة الإنسان تعتمد على جوهر الإبداع، فالإبداع ظاهرة متكاملة اسمها الإنسان مع جملة تكامله من أجل التطور والتقدم العلمي» وهو ما أكد عليه أيضا فى الكتالوج المصاحب للمعرض عبر خمسة موضوعات تتحدث جميعها عن الإبداع والفكر التى استطاع خلالها طرح مفهوم الإبداع واختلافه عن مفهوم الخلق الذى لا يستخدم سوى للذات الإلهية فقط لأنه يعبر عن الشمولية الثابتة للإله بينما الإبداع مرتبط بتحورات الإنسان وعناصر عديدة متغيرة تساعد الإنسان على التطور والتعبير عن نفسه إذن فالإبداع مرتبط بشروط إذا ما توافرت وجد وتنفس وإن غابت تلاشى.

فى كلمة كتبها رضا فى مقدمة كتالوج المعرض يقول: «... بداخلى إحساس جديد لهذه الحياة التى أعيد تركيبها من جديد، لأنها ليست هى جزء منى وأعيد تنظيمها بشكل آخر جديد، وهنا أدركت أننى لا أبغى غير تجديد الحياة فى المراحل الأخيرة من عمري، الذى عفى عليه الزمان، ولم أدرك عجزى المتواصل من أطراف الأيدى والأرجل ونظرت إلى حياتى الجديدة وهل سوف تسير بهذه النواقص؟».