الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سهام شرف الدين والدة الشهيد أحمد حجازى لـ«روزاليوسف» : أﻳﻘﻆ زﻣﻼﺋﻪ ﻟﺼﻼة اﻟﻔﺠﺮ وﻗﺎل ﻟﻬﻢ ﻋﺎوز أﺷﺒﻊ ﻣﻨﻜﻢ.. أﻧﺎ راﻳﺢ أﺳﺘﺸﻬﺪ»

سهام شرف الدين والدة الشهيد أحمد حجازى   لـ«روزاليوسف» : أﻳﻘﻆ زﻣﻼﺋﻪ ﻟﺼﻼة اﻟﻔﺠﺮ وﻗﺎل ﻟﻬﻢ ﻋﺎوز أﺷﺒﻊ ﻣﻨﻜﻢ.. أﻧﺎ راﻳﺢ أﺳﺘﺸﻬﺪ»
سهام شرف الدين والدة الشهيد أحمد حجازى لـ«روزاليوسف» : أﻳﻘﻆ زﻣﻼﺋﻪ ﻟﺼﻼة اﻟﻔﺠﺮ وﻗﺎل ﻟﻬﻢ ﻋﺎوز أﺷﺒﻊ ﻣﻨﻜﻢ.. أﻧﺎ راﻳﺢ أﺳﺘﺸﻬﺪ»





حوار - سلوى عثمان

 

«التربية العالية واحترام الكبير والأخلاق الرفيعة أهم سمات ابنى» هكذا بدأت السيدة سهام صلاح شرف الدين، والدة الشهيد أحمد حجازي، فى رواية ذكريات من حياة ابنها، الذى كتب وصيته قبل استشهاده بثلاث سنوات، نص فيها على أن يهب ملابسه للمحتاجين، ومنح ثلث تركته لمستشفى سرطان الأطفال» أم الشهيد أكدت خلال حوارها معنا أن ابنها كان بارا بأهله، محبا للحياة، ولم يهب الموت، تلك الروايات وغيرها من النسمات تسردها لنا أم البطل فى نص الحوار.

 


■ صفى لنا أخلاق الشهيد؟
- كان بارا بأهله، محبا لعائلته، مرحًا، حريصا على إخراج الزكاة والصدقات، محبا للقراءة، مرتبطا بوالده ارتباطا شديدا فكان بمثابة الأخ والأب والصديق، وعندما توفى والده بالسعودية بعد أداء العمرة مباشرة فى انقلاب حافلة، حزن حزنا شديدا، وواظب على كتابة رسائل يعبر فيها عما بخاطره، وكان آخر ما كتبه على «فيسبوك» وصية للشباب باحترام وتقدير الأب مهما كانت معاملته سيئة، لأن بعد وفاته، يشعر الشخص بأنه وحيدً فى الدنيا، لا يستطيع مواجهة أى شىء0


■ كيف كانت طفولة البطل؟
- ولد فى ٦ يناير ١٩٩٠، واتسمت شخصيته بالهدوء والتدين والذكاء المفرط، فكان ملتزما بالصلاة والصيام قبل أن يكمل السادسة، متفوقا فى دراسته منذ الابتدائية وحصل على العديد من الجوائز الرياضية، ومارس الطائرة والسباحة وركوب الخيل، وشارك فى اتحاد الطلاب على مستوى الجمهورية، ثم اجتاز الإعدادية والثانوية بتفوق وحصل على ٩١%، وأصر على الالتحاق بالشرطة فلم يحالفه الحظ فى الاختبارات، فالتحق بكلية تجارة، ثم كرر التجربة وتم قبوله بالشرطة فكانت سعادته لا توصف، بتحقيق حلم عمره منذ الصغر، إذ كان يكتب «اللواء أحمد حجازى» على جدران المنزل والشوارع ويرسم نفسه بالملابس العسكرية.

 

■ ماذا بعد تخرجه فى الشرطة وعمله فى سيناء؟
- قبل تخرجه بأشهر وضع «رفح» (بشمال سيناء) أول رغبة فى توزيع المناطق، وكانت الأجواء ملتهبة هناك بعد اندلاع يناير ٢٠١١ بأربعة أشهر، وساعد أهل قريته فى التأمين قبل استلام عمله، وعندما سألته عن سبب اختياره «رفح» عن دونها، قال: «يا أمى إحساسى أنه سيكون هناك تدريبات جديدة وتعامل مع قيادات ماهرة وفنون ومهارات أخرى اكتسبها، لأن المناطق الحدودية يتواجد بها إرهابيون وتجار مخدرات وسلاح، حاسس إنى عملت حاجة للبلد، وجواية شعور أنه مكتوب لى الخير فيها»، فسكت أمام إصراره رغم خوفى الشديد عليه، فأكمل قائلا: «يا أمى أنا كتب الرغبة لرفح على سبورة العنبر فكتب بعدى ١٦ من دفعتى رفح» مؤكدا حبه لتراب سيناء.
■ ماذا عن شعوره تجاه عمله؟
- قبل سفره لرفح تلقى فرقة أمن مركزي، مدة شهرين، وكان فى غاية السعادة لأنه حقق هدفه بداية من التدريب على المعدات الثقيلة، ثم فرقة فى معهد أكاديمية ناصر، وكان معروفا بالاسم فى رفح بسبب مهاراته ومشاركته فى كثير من المداهمات وقضى برفح ١٥ يوما والمدة الباقية من الشهر ما بين إجازات وتدريبات وفرق، وبقى هناك ثلاث سنوات، وكان من المقرر نقله إلى الغردقة.
■ هل شعرت أنك ستصبحين أم الشهيد؟
- رغم خوفى عليه منذ سفره، إلا أننى كنت استبعد استشهاد ابني، ولكن يوم استشهاده شاهدت رؤيا بين اليقظة والمنام بحالته التى ارتقى عليها.

 

■ ما تفاصيل المحادثة الأخيرة بينكما؟
- اتصل بى ليلة الحادث وقال إنه سيتمم الثلاث سنوات، مدة خدمته فى رفح خلال أيام، لينتقل إلى الغردقة، وكنت انتظر عودته على أحر من الجمر، وأعددت كل ما لذ وطاب للاحتفال بخطوبته، لكن القدر لم يمهلنا، فعلمت باستشهاد ابنى ولم أصدق فى البداية، وقلت لنفسى إنه مصاب وحي، لكن الأنباء أكدت استشهاده بلغم أرضى أثناء مروره بمدرعة، فى طريق «الشيخ زويد - رفح» بشمال سيناء، صباح الثلاثاء 2 سبتمبر 2014.
التحقيقات كشفت تورط جماعة «أنصار بيت المقدس» الإرهابية فى حادث رفح، وكان قبلها بيوم استهدفت القوات المسلحة «سيد أبو شتا» زعيم التكفيريين بعد مطاردة استمرت ١٥ يوما.
■ آخر ليلة للشهيد فى عيون أصدقائه؟
- روى لى صديقه محمد السواح، الذى استشهد بعده بعام واحد، أن أحمد أصر فى ذلك اليوم على أن يوقظ كل أفراد كتيبته ويصلى بهم الفجر جماعة وصاح بصوت عال وهو يضحك: «محدش هينام، عايز أشبع منكم، أنا رايح مش راجع تاني، ويا ترى الوجوه هتتقابل تانى ولا لأ، أنا رايح استشهد»، وطلب أن افتح حقيبتى، فوجد فيها زعتر، فقال: تخيل ماما عاوزة منه، وأخذ الكيس فمازحته: أنت مديون بـ١٠ جنيهات حق الزعتر، فرد: «تركتها تحت مخدتك، ثم أحضننى بشدة ولمعت عيناه، وفى الصباح وزعنا للمدرعة، وطلب توديعه مرة أخرى كأنه يقول «تلك هى لحظاتى الأخيرة بالدنيا وأريد توديع أخوتي»، كما أخبرنى «السواح» أن المهمة التى قام بها ابنى كان من المفترض أن يقوم بها هو لكنه استبدل نظرًا لمرضه، لذا عندما صُدر إخطار الوفاة كان باسمه إلا انه بلغ أن احمد حجازى قام بالمهمة نيابة عنه فتم تصحيحه، وروى أحد أصدقائه ان الشهيد عرض صورا له بالملابس المدنية ليلة استشهاده، مؤكداً أنها ستنشر بالإعلام عند استشهاده، فقال له: أنت أكيد بتهرج، وبالفعل نشرت تلك الصور».

 

■ ما أصعب اللحظات التى مرت بالشهيد؟
- أصعب اللحظات هى سماع استشهاد زملائه مثل رامى الجنجيهي، الذى نعاه على صفحته بـ»فيسبوك»، قائلا: «كنت لسه معايا من ٢٠ يوما وبتقولى ابقى تعالى اقعد معايا شوية يا حجازى عشان واحشنى قعدتك، مكنتش اعرف أن دى آخر أيامك يا صاحبى، حرقت قلبى بس أنت أكيد فى مكان أحسن دلوقتى يا رامى، ربنا يصبرنا ويصبر اهلك ومراتك ويبارك فى بنتك، ويلحقنا بك ويكتب لنا الشهادة.
■ ما آخر هدية قدمها لك «حجازي»؟
- قبل استشهاده بـ٦ أشهر قدم لى هدية عيد الأم، عمرة أديناها سويا وكانت من أسعد أيام حياتى وسعد ابنى كثيراً بهذه العمرة ليلقى ربه طاهرا نقيا خاليا من الذنوب كيوم ولدته أمه.

 

■ هل ترك الشهيد وصية؟
- كتب وصيته قبل استشهاده بثلاث سنوات حتى قبل أن تطأ قدميه تراب سيناء، وكأنه يشعر بأنها الأرض التى سيموت فيها، ومن الغريب أنه حذا حذو والده فى كتابة الوصية، فكانت أولى وصايا والده أن يدفن حيث مات.
■ أبرز ما نصت عليه الوصية؟
- فى البداية أوصى أهل بيته بالتوحيد والصبر والرضا عند الصدمة الأولى، وأن يلقن كلمة التوحيد برفق وهدوء، حتى تكون آخر كلمة يلقى بها ربه، وطالب بعدم تغسيله إذا كان فى معركة، ويلف بثيابه ويدفن فى البلد الذى مات فيه، وأوصى أولاده بألا يزيد الحداد على 3 أيام، وأن تحد زوجته 4 أشهر وعشرًا، لا تلبس فيها الحرير، ولا الملون ولا تكتحل ولا تتعطر ولا تتزين، وأن يتعظوا بموته، ويزوروا قبره للدعاء له بنيل الجنة، وأن يجار من النار وعذاب القبر، ويذكروه بالخير، كما أوصى بأن توهب ثلث تركته لمستشفى سرطان الأطفال 57357، والتبرع بأى عضو من أعضاء جسده للمرضى وتوزيع ملابسه على المحتاجين، وتخصيص جزء من ماله لعمل سبيل كصدقة جارية على روحه.