الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«زواج القاصرات».. جريمة تغتصب فتيات «كفر الشيخ»

«زواج القاصرات».. جريمة تغتصب فتيات «كفر الشيخ»
«زواج القاصرات».. جريمة تغتصب فتيات «كفر الشيخ»




كفر الشيخ ـ محمود هيكل

 

 انتشر فى السنوات الأخيرة تفشى ظاهرة «زواج القاصرات» فى جميع ربوع محافظة كفر الشيخ، خاصة فى القرى الريفية، حتى أصبحت معروفة بين أبناء المحافظة بـ«الزواج السورى» لدى العديد من الأسر فى المجتمع الكفراوى.
«روزاليوسف» رصدت بعض تجارب «زواج القاصرات» بمحافظة كفر الشيخ، والأضرار التى تقع على الفتيات بسبب هذا الزواج..
فى البداية يقول محمد خالد، من أبناء كفر الشيخ: «إن زواج القاصرات المعروف عندنا بالزواج «السورى» أصبح عادة فى المجتمع، بالإضافة إلى أن الأهل من كلا الطرفين هم من يقومون بمباركة هذا الزواج، فالفتاة عندنا ليس لها أى مصير غير بيت الزوجية، وهنا السن ليس مقياسًا للزواج سواء كان 14 أو 15 أو 16 سنة مش بتفرق كتير، المهم إن الفتاة تتستر فى بيت زوجها، وتقوم بتكوين أسرة وتبدأ حياة جديدة بعيدة عن أسرتها».
ويؤكد عبدالحميد عمر، طالب جامعى: إن الأهالى فى الزواج «السورى» يقومون بالتحايل على القانون، وذلك لأن القانون لا يسمح بالزواج ولا يستخرج وثيقة عقد زواج على يد المأذون الشرعى للدائرة إلا عند بلوغ الفتاه 18 سنة، فيلجأ أسرة الشاب والفتاه التى لم تبلغ الـ18 سنة إلى إحدى المحامين أو مشايخ المساجد ليتلوا عليهم صيغة «عقد الزواج» التى يقولها كل من وكيل العروسين للآخر، ثم بعد ذلك يقومون بأخذ الضمانات اللازمة من الأوراق على الشاب ووالده، التى تضمن قيام الزوج بعقد الزواج الرسمى بعد بلوغ زوجته الـ18 سنة وهى فى بيت الزوجية.
تحكى «ن.م.ع»، إحدى فتيات كفر الشيخ: أنا اتولدت فى أسرة فقيرة وكان والدى يعانى أشد المعاناة فى تربيتنا أنا وأخوتى الصغار، ولما بلغت سن 15 سنة تقدم لى ابن خالتى، فوافق والدى ووالدتى على الخطبة التى استغرقت مدة عام كامل، وخلال تلك المدة لم آراه سوى يوم الخطوبة فقط، وعاد إلى عمله فى المملكة العربية السعودية، ثم عاد من سفره بعدما انتهت مدة الخطوبة، وقمنا بعمل مراسم الزواج والدخلة، ومنذ بداية دخولنا عش الزوجية وأنا أشعر بعدم الراحة النفسية، لكن كنت أعتقد أن الحب والراحة النفسية ستأتيان بعد مرور الوقت أثناء الزواج كما قالت لى والدتى قبل حفل الزفاف».
وتكمل وقلبها يعتصر ألمًا: إن معاملة زوجى لى كانت تتغير بالتدريج وتطور من سيئ إلى أسوأ، وتلك الأفعال عكس ما كان تقوله لى تماما فى الهاتف أثناء الخطوبة، فبدأت الخلافات تكثر وتكبر من حين لآخر فذهبت إلى بيت والدى وحكيت له كل ما يدور بيننا لأنه الذى وافق على هذا الزواج من البداية، وقلت له إننى أريد الطلاق فقال لى إننى لم أتزوج رسميًا وعلى أن أتحمل وأبقى بعصمته حتى أبلغ السن القانونية للزواج لنتمكن من إخراج وثيقة زواج، ثم أخذنى وذهب إلى بيت الزوجية مرة أخرى.
وتؤكد عليه عبدالهادى، إحدى الضحايا، التى اغتالها زواج القاصرات، حيث أرغمها أهلها على الزواج وهى فى سن الـ15 سنة: منذ زواجى وأنا على خلاف مع زوجى، وذهبت إلى منزل والدى أكثر من مرة، وفى آخر مرة توجهت فيها إلى منزل والدى كان زوجى قد تعدى عليا بالضرب المبرح على خلفية مشادة كلامية، وحينما طلبت منه الطلاق، قال لى: «أنا قدام القانون مش متجوزك لحد دلوقتى»، منوهة إلى أنه كان يرفض تمامًا أن يعقد عليها بوثيقة رسمية بعد بلوغها سن الـ18 سنة حتى لا يقوم بتطليقها ويتركها كما يقول المثل الشعبى الشهير مثل «البيت الوقف».
من جانبه قالت الدكتورة هدى الطنبارى، رئيس المجلس القومى للمرأة بمحافظة كفر الشيخ: إن المجلس القومى بالمحافظة يقوم بالتصدى لظاهرة زواج القاصرات المعروفة بين أبناء كفر الشيخ بـ«الزواج السورى» بجميع الوسائل الممكنة، منها: الندوات التثقيفية داخل المدارس بصفة عامة ومدارس التعليم الفنى للبنات بصفة خاصة، لإظهار المساوئ والأضرار التى تلحق بالفتاة من هذا الزواج، بالإضافة إلى عمل توعية كاملة من خلال التواصل مع السيدات فى المنازل فى الحملات المتنوعة.
وأضافت رئيس المجلس القومى للمرأة، فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف»: إن نسبة زواج القاصرات بمحافظة كفر الشيخ وفقًا لإحصاءات إحدى الأبحاث العلمية المتخصصة وما أمكن حصره كانت ما يقرب من 4% قبل عام 2011، لكن بعد 2011 انتشرت تلك الظاهرة بالمحافظة بصورة كبيرة حتى وصلت إلى ما يقرب من 20%، الأمر الذى يهدد بكارثة حقيقية فى حق الفتيات، منوهة إلى أنه لابد من تنسيق كامل بين كل من المجلس القومى للمرأة، والشباب والرياضة، والأوقاف، لمحاربة تلك الظاهرة التى تتنشر كالوباء وتتفاقم يومًا بعد يوم.
وأكدت الطنبارى، أنه توجد بالفعل فتيات تزوجن «سورى» وهم فى سن الـ14 والـ15 سنة وأنجبوا أطفالًا، ومات عنهن أزواجهن فى ملابسات مختلفة، قبل بلوغ تلك الفتيات سن الـ18 سنة، فبتالى لم يعترف بهذا الزواج قانونًا لأن الزوج قد توفى قبل أن يعقد عليها الزواج رسميًا، ولم يخرج لهم وثائق زواج، فتضطر الأسرة إلى كتابة الطفل الصغير باسم والد الفتاة، ويترتب على ذلك ضياع حقوق الزوجة فى زوجها المتوفى، وأيضا حق الطفل الشرعى من ميراث وخلافه فى والده.
وعلى صعيد متصل قال رضا مبروك، محام: إن القانون منع زواج القاصرات تحت سن الـ18 سنة للفتيات لسببين، الأول: جنائى هو أن الفتاة قبل بلوغها الـ18 سنة لم تكتمل الأهلية لديها وليست أهلًا للتصرف ويطبق عليها قانون الحدث، والسبب الثانى أنه بعد سن الـ18 سنة تكون الفتاة قد نضجت عقليًا وبدنيًا، وأيضا تكون قادرة على تحمل الأمراض النفسية الناتجة عن ضغوط وأعباء الحياة الزوجية، بالإضافة إلى تحملها الأمراض الجسدية الناتجة عن الحمل وإنجاب وتربية الأطفال، موضحا أن القانون لم يجرم زواج القاصرات، وهناك فرق كبير بين المنع والتجريم، فالمنع لم يسن القانون له عقوبة، أما التجريم فله عقوبة قانونية تكون واضحة ينص عليها القانون، مطالبا أولياء الأمور بالتريث قبل اتخاذ القرار وتفهمهم حجم الأضرار التى تلحق بفلذات أكبادهن جراء تلك الظاهرة.