الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مقابر متعددة الطوابق لدفن الموتى

مقابر متعددة الطوابق لدفن الموتى
مقابر متعددة الطوابق لدفن الموتى




المحافظات: أسامة فؤاد وحنان عليوه ومحمود هيكل وسارة الهوارى

لم يعد حلم أى مواطن فى بعض المحافظات شراء أو امتلاك شقة سكنية أو بناء منزل للإقامة فيه بل امتد هذا الحلم ليؤمن امتلاك مدفن لكى يتم دفنه فيه بعد مماته إلى أن تحول هذا الأمر إلى مشكلة فى بعض المحافظات، وذلك نظرًا لضيق المساحات الجغرافية لهذه المحافظات من ناحية ومن ناحية أخرى امتلاء بعض المقابر بالموتى وعدم اتاحة الفرصة لتوسعتها بسبب الزحف العمرانى والزيادة السكانية إلى أن جاءت فكرة «المقابر متعددة الطوابق» كحل لمشكلة دفن الموتى حتى مع وجود تضارب فى قبول هذه الفكرة دينيًا.. «روزاليوسف» تسعى فى هذا التحقيق لرصد هذه الظاهرة فى أى من المحافظات وكيفية تقبل الأهالى لهذه الفكرة..
ففى محافظة الدقهلية أصبحت المقابر بمدن وقرى مراكز المحافظة تشكل أزمة كبيرة نظرًا لندرة وجود مدفن بسبب التكدس الكبير للأموات ويقول محمد عبدالحافظ عضو اللجنة الشبابية عن الوحدة المحلية بطناح مركز المنصورة أن أزمة المقابر يعانى منها جميع أهالى الدقهلية ففى قرية ميت محمود فإن المقابر لدينا 3 طوابق و5 طوابق فى قرى أخرى بسبب الزيادة الكبيرة فى سكان القرية والذى يقدر عددهم أكثر من 25 ألف نسمة ومقابر القرية على مساحة 9 قراريط ومقسمة على الجانبين وداخل الكتلة السكنية التى زحفت على المقابر وأصبحت المقابر لا تصلح فى هذا المكان ولا يمكن التوسع فيها لعدم وجود أى أراضى امتداد للمقابر.
وأكد أن جمعية تنمية المجتمع المحلى بالقرية قد تقدمت للمحافظ الدكتور أحمد الشعراوى للموافقة على نقلها من داخل الكتلة السكنية وأننا مستعدون كأهالى لشراء قطعة أرض أخرى على أطراف القرية وبناء مقابر أخرى حتى يكون الدفن شرعيًا خاصة أن تكدس رفات الموتى داخل المدافن أصبح مشكلة كبيرة.
ويقول صلاح عبدالرزاق صاحب محل بقرية ميت جراح إن سعر المدفن وصل لـ50 ألف جنيه داخل القرية وفى بعض القرى وصل إلى 70 ألف جنيه بسبب أن المقابر أصبحت محدودة ولا تسع نهائيًا بأى حال من الأحوال الزيادة السكانية الرهيبة التى تشهدها مصر كل عام فأصبح سكن الأموات مشكلة أكبر من سكن الأحياء لأننا من الممكن أن تعيش أسرة تحت كوبرى أو خيمة إلا أننا لن نرى إن شاء الله جثث فى الشوارع بسبب عدم وجود مقابر.
وطالب محمد أنور بأن تتم مراعاة مساحات المقابر فى الأحوزة العمرانية لكل قرية ويتم إضافة مساحات مناسبة لبناء مقابر وعدم التضييق على الناس أو استثناء بناء المقابر من مخالفات قانون البناء الموحد مثل بناء مزارع دواجن أو بناء الجامعات والمعاهد الخاصة فأيهما أولى تكريم الموتى أو بناء مزرعة مواشى هذا بالنسبة للترخيص فما بالك بالمبانى غير المرخصة والتعديات المستمرة على الأرض الزراعية وأملاك الدولة والأوقاف والنيل والطرق فهذا عرض مستمر فلا بد للسماح ببناء المدافن حرصًا على الصحة العامة ولمنعها من انتشار الأمراض والأوبئة فى حالة والعياذ بالله من تعذر الدفن ورمى الجثث فى الشوارع.
وتقول هند سامح كمال إن الأهالى بالمدن قاموا بالتوجه إلى القرى وشراء مقابر بها خاصة فى المدن وخاصة مدينة المنصورة والتى أصبحت مغلقة ويستحيل أن يعثر مواطن على مقبرة جديدة مما تسبب فى أزمة أيضًا للقرى المجاورة لمدينة المنصورة وأصبحت تجارة بيع المدافن تجارة رائجة ووجود سماسرة لها وأن الحل هو السماح بالتوسع وبناء مقابر جديدة والتى يوجد أراضى امتداد للمقابر الموجودة حاليًا وخارج الكتلة السكنية أما فى حالة وجودها داخل الكتلة السكنية فلا بد من تدابير مكان آخر على حساب الأهالى فى حال عدم وجود أرض أملاك دولة.

ويقول الشيخ محمد عبد الرحيم الشويحى إن مسألة بناء أكثر من طابق فى المقابر أو دفن أكثر من ميت فى مقبرة واحدة فى وقت واحد أن الأصل فى الدفن أن يكون لكل إنسان قبر وأن يكون الدفن تحت سطح الأرض ولا يجوز دفن أكثر من ميت فى مقبرة واحدة فى وقت واحد إلا إذا كان للضرورة القصوى كأوقات الكوارث كالحرب أو الزلزال وغيرها.
أما أن يكون القبر أكثر من طابق وأعلى من سطح الأرض فهذا لا يجوز إلا لضرورة هو إستحالة أو تعذر دفنة تحت سطح الأرض كعدم وجود مقبرة وكل المقابر المتاحة مشغولة فهذا جائز بناء على القاعدة الشرعية الضرورات تبيح المحظورات.
وطالب عزمى رمضان بتوفير حراسة للمقابر نظرًا لسرقة المدافن من أصحابها وتغيير معالمها ونلجأ لأقسام الشرطة والنيابات وقرار النيابة يبقى الحال كما هو عليه مؤكدًا أن الأسبوع الماضى توجهت أسرة مقيمة بمصر إلى مقابر العسيوى بالمنصورة لدفن أحد أفراد الأسرة فوجدوا أقفالًا وبوابة على المدفن وبسؤال مسئول الدفن أخبرهم أنها ملك شخص آخر وهناك لافتة بذلك وتم دفن واحد منذ أسبوعين فما كانت من الأسرة إلا دفنه فى مقابر أولاد عمهم فى إحدى القرى المجاورة.

 

وتشهد منطقة منطى التابعة لمدينة قليوب بمحافظة القليوبية، كارثة مخالفات بيئية وصحية بسبب بناء مقابر ذات الطابقين بالمخالفة، مما يعرض الأهالى لمخاطر صحية وانتشار الرائحة الكريهة حيث يقول حسنين عبد المجيد محامى، من مدينة قليوب، إنه تقدم بشكوى للدكتورة عزيزة السيد رئيس المدينة، واللواء محمود عشماوى محافظ القليوبية، لتضررهم من بناء طابق علوى للمقابر، مؤكدًا أنها مخالفة بيئيًا وصحيًا على الأهالى خاصة أن المقابر تحيطها منطقة سكنية من جميع الجهات، ويعانى الأهالى من ضررها.
ويضيف عبده عثمان أحد الأهالى، أن المقابر تقع خلف منزله ويعانى من انتشار الحشرات والناموس والرائحة الكريهة، مؤكدًا أنهم لم يستطيعوا الإقامة فى الطابق الأول من المنزل بسبب انتشار الحشرات والتى لم يستطيعوا التغلب عليها حتى بعد استخدام الرش أو المواد الطاردة للناموس.
ويوضح السيد فرج أحد المتضررين، أنه تم بناء المقابر منذ حوالى 15 عامًا والتى تقع على مساحة حوالى 3 أفدنة حيث تحيطها المساكن من جميع الجهات، ولكن ظهرت بناء طابق ثان على المقابر منذ 3 سنوات فقط، وتقدمت الأهالى بالعديد من الشكاوى للمسئولين ولكنها ظلت حبيسة الأدراج ولم يتخذ أى قرار بشأنها حتى الآن.
ويؤكد سلامة رجب أحد المتضررين فى الشكوى المقدمة لرئيس مدينة قليوب، تضررهم من حارس المقابر متهمه بأنه يتقاول مع أصحاب المقابر لا يسمح لهم ببناء الطابق الثانى لعمل عضامات بالمخالفة للقانون مما يعرضهم للضرر وإغلاق منافذ الهواء بالمنازل فضلًا عن الضرر الصحى.
ويلفت أحمد صابر أحد الأهالى، أن يتم الاتفاق بين المسئول عن المقابر وأصحاب المدافن على بناء طابق ثان مقابل مبلغ 20 ألف جنيه لعدد 2 عين، وذلك توفيرًا عن شراء مقابر جديدة والتى تتكلف حوالى 30 ألف جنيه، حيث يتم البيع فى المقابر الجديدة بـ 1000 جنيه للمتر.

 

ويقول وليد محمد 29 سنة عامل، أن الانتهاك متبادل بين الموتى والأحياء حيث توجد المقابر فى معظم القرى بالقرب من الكتل السكنية وهى ظاهرة سلبية بكل المقاييس لأن المقابر توجد وسط المنازل وأحيانًا لا توجد فواصل بينها، الأمر الذى يمثل خطورة على الصحة العامة للأهالى، وهذه الظاهرة لم يكن لها وجود فى الماضى فمنذ عدة عقود كانت المقابر على أطراف القرى ولكن مع التوسع العشوائى للقرى بفعل الزيادة السكانية أصبحت المساكن ملاصقة لها.
ويضيف سامح أحمد 50 سنة مدرس أن هناك مطالبات بنقل تلك المقابر خارج الكتل السكنية بعد أن تحولت إلى بؤر للمجرمين وتعاطى المخدرات بالإضافة الى أن هذه المقابر أصبحت عبارة عن لوحات إعلانية يستغلها مرشحو البرلمان وأصحاب المحال التجارية والأطباء وغيرهم دون مراعاة لقدسيتها غير أن الأطفال يتخذون منها ملعبًا لكرة القدم والجرى وتسلقها والجلوس»، فضلًا عن تربية المواشى التى تربى بها.

 

وفى محافظة كفر الشيخ.. ومع أزمة ازدحام المدافن، اتجه المواطنون إلى بناء مقابر متعددة الطوابق للحد من هذه الكارثة، التى تحولت إلى شبح يهدد آلاف المواطنين، ويطاردهم أحياء وأمواتًا، خصوصًا فى مركز بيلا التابع لمحافظة كفرالشيخ، التى استغاث العديد من مواطنيها منذ سنوات طويلة لتوفير أماكن بديلة لدفن الموتى.
ويقول المهندس مصطفى على عبد الله، إننا بمركز بيلا التابعة لمحافظة كفرالشيخ، نعانى أشد العناء ونعيش مأساة حقيقية بسبب أزمة المقابر التى نتعرض لها منذ أكثر من 10 سنوات، والتى باتت تتفاقم سنويًا لدرجة أنها أصبحت مشكلة وأزمة عامة شغلت آلاف من أهالى المدينة، والتى وصل بنا الحال منذ سنوات عديدة إلى عدم وجود أرض نقوم ببناء مقابر عليها حيث كان يوجد فى مدينة بيلا مدفن على مساحة كبيرة من الأرض يضم الجميع، ولكن مع مرور السنوات امتلأ عن بكرة أبيه، فلجأ الأهالى إلى شراء مدافن خاصة من أصحاب الأراضى الزراعية المجاورة للمدفن القديم، بأسعار خيالية وقتها، فقمنا بعمل العديد من المناشدات إلى اللواء أحمد زكى عابدين محافظ كفرالشيخ الأسبق، والذى قرر نزع ملكية 4 أفدنة و3 قراريط من أحد أهالى المدينة، إلى الوحدة المحلية لمجلس ومدينة بيلا، وتعويض صاحبها هذه القطعة ماديًا، وقامت الوحدة المحلية ببيع هذه القطعة التى تم نزع ملكيتها، إلى المواطنين بسعر المقبرة التى يحتوى على 2 عين بمبلغ 5700 جنيه، مؤكدًا أن هذه المساحة امتلأت هى الأخرى وأصبح المواطنون يبحثون عن بديل.
وينوه رشدى رامى، أن هناك استراتيجية جديدة فى بناء المقابر بسبب ضيق المساحة، حيث نقوم الآن بعمل المقابر 2 دور، وذلك للاختناق الشديد التى تشهده فى أماكن الدفن وعدم وجود بديل، وإذا وجد البديل فإنه يكون باهظ الثمن، بالإضافة إلى أنه يوجد كثير من المواطنين الفقراء والبسطاء ومحدودى الدخل لا يستطيعون شراءه، موضحًا أن هناك مقابر يتم بيعها جاهزة على الدفن مباشرةً وتكون بعين واحدة و2 دور، ووصل سعرها الآن هى الأخرى إلى 30 ألف جنيه، منوها إلى أن هذه الأزمة إذا لا يوجد لها حل نهائى وعاجل ستتسبب فى كارثة كبرى لا يعلم مداها إلا الله.
ويوضح على كامل، أن المقابر الـ2 دور نوعان، النوع الأول الدور الثانى منها أعلى عن الأرض فتحتاج إلى سلم لكى نتمكن من عملية الدفن بداخلها، ونوع آخر قريب من الأرض فلا تحتاج إلى سلم، وفى كل الحالات فإن أزمة المقابر التى نعيشها الآن أصبحت واقعًا أليمًا نعانى منه أشد العناء، مؤكدًا أننا فى مركز ومدينة بيلا نستغيث من هذه الأزمة لأنها من أكبر وأقدم المراكز والمدن بمحافظة كفرالشيخ، وهذا أحد أسباب تفاقم تلك الكارثة.
وقال الشيخ صبحى على مدير إدارة أوقاف الحامول، بمحافظة كفرالشيخ، إن الدفن شرعًا يكون تحت الأرض، ولكن نرجع إلى طبيعة الأرض التى سيتم دفن الميت فيها، فإن كانت أرض خرقاء، وتنضح بالماء بسبب حفرها، فيجوز دفن الميت على وجه الأرض والبناء عليه، أما إذا كانت الأرض صالحة للدفن فيكون «لحد» الميت فى باطنها أولى، ويكون القبر إشارة بسيطة فوق الأرض لمعرفة الناس أنه يوجد هنا قبر فقط، مؤكدًا أن عدم التطاول فى بناء القبر فوق الأرض فى هذه الحالة يكون أولى شرعًا، وهذا من هدى النبى محمد «صلى الله عليه وسلم».
وأضاف الشيخ مدير إدارة الأوقاف فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» أنه يجوز عمل مقابر بالطوب الأحمر، وتكون أيضًا متعددة الطوابق نظرًا لظروف ضيق أماكن الدفن الموجودة الآن، والناتجة عن عدم وجود مساحات أرض متوافرة لدفن موتى المسلمين فيها تحت الأرض، وذلك عملًا بالقاعدة الفقهية التى تقول «الضرورات تبيح المحظورات «ولا يوجد أى شبهة تحريم أو كراهية فى ذلك إطلاقا، ما دام المسلم لا يوجد أمامه غير ذلك.

وفى محافظة الأقصر يقول حجاج التربي، إن أسعار المقابر بالمحافظة زاد بشكل مبالغ فالمقابر يتم الاشتراك فيها بطريقتين إما بالنظام الفردى حيث يقوم المواطن بحجز مقبرة له ولزوجته وأبنائه وهكذا، وهى لا تزيد أسعارها على 10 آلاف جنيه حسب المساحة وطريقة الدفن داخلها، والنوع الثانى يتم عبر حجز حجرة صغيرة يتم قياس أبعادها لتناسب دفن مجموعة من أسرة واحدة أو عائلة واحدة ويتم الحجز لها بالاشتراك بين كل أبناء الأسرة بدفع مبلغ محدد لكل فرد أو رب أسرة من عائلة واحدة، وتتراوح أسعارها من 50 لـ100 ألف جنيه حسب المساحة وطريقة البناء وكميات الطوب والأسمنت المستخدمة.
وأضاف أن المقابر تتنوع ما بين أن تكون على شكل حجرات مستطيلة أو مربعة متجاورة تبنى فوق الأرض أو تحتها وبها فتحة لإدخال المتوفّى من خلالها، ويتم إغلاقها بطين أو تركيب باب حديد يبلغ طوله نصف متر، ويدفن بالحجرة جميع أفراد العائلة، ويطلق عليها «الفساقى».