الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

العيسوى: الإسراف فى رمضان مرض مزمن سببه البعد عن الدين

العيسوى: الإسراف فى رمضان مرض مزمن سببه البعد عن الدين
العيسوى: الإسراف فى رمضان مرض مزمن سببه البعد عن الدين




كتب ـ صبحى مجاهد


 حالة من الإسراف تنتاب كثير من الأسر خلال شهر رمضان لدرجة قد يحدث معها اختفاء بعض السلع وارتفاع أسعار بعضها نظرا لهذا الإسراف المتكرر كل عام، وعن تلك الظاهرة الرمضانية المتكررة يؤكد  د.نوح عبدالحليم العيسوى - مدير عام بحوث الدعوة بديوان عام وزارة الأوقاف أنها تخالف الإسلام الذى هو دين الوسطية والاعتدال.

وأضاف أن: الأمّة الإسلاميّة تميّزت عن غيرها من الأمم بأنّها أمّة الوسطيّة والاعتدال بعيدًا عن الانحراف أو التّطرف، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، وبذلك كان الإسلام منهاجها فى الاستقامة والاعتدال، فلا تشدّد ولا لين، ولا إفراط ولا تفريط، مشيرًا إلى أن الوسطية تعنى اتخاذ منهجًا وسطا متوازنا فى جميع المجالات من عبادات ومعاملات وأخلاق وغير ذلك.
كما أشار  إلى بعض مظاهر الوسطية فى الإسلام والتى تتمثل فى وسطية الإسلام فى العبادة، وفى الطعام والشراب، وكذلك الوسطية فى الإنفاق، مستشهدًا بحديث الثلاثة الذين جاءوا إلى بيوت أزواج النبى «صلى الله عليه وسلم»  يسألون عن عبادة النبى «صلى الله عليه وسلم»، فَلَمَّا أُخْبِرُوا، كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ «صلى الله عليه وسلم»»، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا؛ فَإِنِّى أُصَلِّى اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ «صلى الله عليه وسلم» فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللَّهِ ؛ إِنِّى لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّى».
كما دعا  إلى التوسط فى الطعام والشراب كما أمرنا الإسلام، فالمسلم فى مأكله ومشربه مثال للاعتدال، لا يبالغ فى ذلك فيؤدى به إلى الأمراض المختلفة، مثل السّمنة وانسداد الشّرايين وغيرها من الأمراض، وهو لا يهمل كذلك الطّعام والشّراب فيعرض نفسه إلى الضّعف والوهن، بل كان منهج الإسلام مثالاً فى الاعتدال، حيث قال النّبى «صلى الله عليه وسلم»: «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ. بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ - لقيمات - يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ».
وفى السياق نفسه أكد  أن الإسلام حرم التبذير والإسراف فى الإنفاق، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا }، ويقول سبحانه: {يَابَنِى آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، موضحًا أن الوسطية فى الإنفاق صفة من صفات عباد الرحمن التى ميزتهم عن سواهم، والتى ذكرها ربنا سبحانه وتعالى فى قرآنه الحكيم حيث قال : {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}، فهم مقتصدون فى جميع أمورهم، حتى فى العبادات، وهذا أمر محمود، حث عليه الإسلام، ليسعد المسلم فى الدنيا والآخرة، لذا فإنهم مقتصدون فى جميع أمور حياتهم الدينية والدنيوية، فلا هم مسرفون ومتجاوزون للحدود التى شرعها الله «تعالى»، ولا هم بخلاء فى نفقتهم إلى درجة التقتير والتضييق، وإنما هم خيار عدول يعرفون أن خير الأمور أوسطها، فالمسلم لا بد وأن يلتزم المنهج الوسطى فى الإنفاق حتّى لا يدخل فى باب الإسراف المحرّم، وهو كذلك لا يضيّق على نفسه، بل هو يتخذ منهج الدّين الوسطى بدون إسرافٍ أو تقتير، قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}.
ولفت إلى أنه على المسلم أن يلتزم بالمنهج الوسطى المعتدل فى عبادته وطاعته وفى طعامه وشرابه وفى إنفاقه.