الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القطط تزاحم المصلين فى المساجد خلال شهر رمضان ورئيس لجنة الفتوى الأسبق: لا تبطل الوضوء

القطط تزاحم المصلين فى المساجد خلال شهر رمضان ورئيس لجنة الفتوى الأسبق: لا تبطل الوضوء
القطط تزاحم المصلين فى المساجد خلال شهر رمضان ورئيس لجنة الفتوى الأسبق: لا تبطل الوضوء




كتب – عمر حسن

هربًا من حرارة الشمس التى اكتست شوارع المحروسة بأشعتها مع دخول فصل الصيف، قررت بعض القطط الضالة أن تستظل بعدد من المساجد الكبرى، وتزاحم المصلين فى صلواتهم، بل وتستمتع بقيلولة الظهيرة، فى انتظار تناول الغذاء الذى هو عبارة عن فتات أطعمة يخلّفها الصائمون فى أيام رمضان، فتنهال عليها القطط، ومن ثم تستلقى على أرضية المسجد لتستمتع بهواء المراوح التى تزين المساجد الكبرى.

لم يسلم جامع الحسين، وهو أحد أعرق مساجد القاهرة، من رحلات التطفل التى تنظمها القطط إلى صحنه مع حلول الشهر الفضيل، وتزايد إقبال المسلمين والمريدين عليه من شتى محافظات الجمهورية، حيث تشارك القطط الزائرين طعامهم، أو تنتظر ما قد يجود البعض به من بقايا طعام.
تنتعش الحركة داخل الجامع بشكل ملحوظ مع صلاة العصر، وتصل إلى ذروتها مع رفع أذان المغرب، فما أن ينتهى المصلون من أداء الفريضة، حتى يتوجه أحد المصلين إلى ركن بالمسجد، حاملاً فى يده «كيسا بلاستيكيا»، وبجلوسه أرضاً ينثر قطع الطعام على أرضية المسجد، ويتجمهر حوله ما يقرب من 4 قطط تملأ بطونها، وبخروج حامل الكيس تودعه القطط حتى يغادر المسجد.
«القطط حرام نضربها ونطردها من الجامع، ده غير إننا ما نقدرش نمنعها من إنها تدخل»، قالها أحد عاملى النظافة بجامع الحسين، وتابع: «للأسف الناس بتحط الأكل للقطط جوا الجامع».
يمسك عامل النظافة فى جامع الحسين بعبوة معطرة للجو، ويبدأ برش محتواها ليحسن من الرائحة الكريهة، والمتسبب فيها الطعام الموضوع للقطط، ليشتكى العامل قائلاً: «أنا كل شوية بضطر أرش معطر بسبب الريحة، ودايمًا بنكلم الناس عشان يحطو الأكل فى ساحة الجامع، لكن ده للأسف مش بيحصل».
وبالمثل لم يكن الحال أفضل فى الجامع الأزهر الذى يبعد بضعة أمتار عن مسجد الحسين، حيث أنهت إحدى القطط جولاتها داخل المسجد، لتتجه إلى الساحة الخارجية، ففى ظل جلوس الزوار، والمتكئين على الحوائط، وحديث البعض منهم فى هاتفه الجوال، وآخرين يمسكون بالكتب، مع وجود ثنائيات تتجاذب أطراف الحديث سويًا، وتكوين حلقات بشرية من مختلف الجنسيات لمناقشة الأمور الدينية، وجلوس أفراد وحدهم يتلون القرآن بصوت عالٍ، تبدأ القطة فى اللهو حول الجميع، ثم تتوسط الساحة ذات الأرض الرخامية، وتبدأ تتمايل وتتقلب على ظهرها وبطنها، وكأنها تستمتع برطوبة الأرضية.
وبالجلوس مع «عصام»، شاب فى العشرينات من عمره، والمغترب عن بلده الأم طنطا، يبدأ فى الحديث قائلاً: «أنا بشتغل فى المنطقة اللى جنب الجامع بقالى 8 سنين، ودايمًا بشوف القطط دى فى الجامع، بس مش بهتم بوجودهم».
يكمل عصام حديثه: «الجو فى الساحة هنا جميل جدًا للقطط، خصوصًا فى وقت المغربية مع طراوة الجو»، وبسؤاله عن سبب وجود القطط بكثرة داخل المسجد، أجاب: «يمكن يكون أصحاب المحلات فى الشارع برا بيهشوهم ويطردوهم، فبيلجأوا للدخول فى الجامع على طول».
ومع بلوغ السحر تبدأ القطط بمغادرة المسجد لعمل جولة خارجية استعدادًا لصباح يوم جديد يرتاد فيه المصلون العامرة حقائبهم بالطعام لزيارة الجامع الأزهر، والتقاط الصور التذكارية بصحبة ذويهم.
القطط لا تبطل الوضوء
من جانبه علّق رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالجامع الأزهر، الشيخ عبد الحميد الأطرش، على ظاهرة انتشار القطط فى ساحات المساجد الكبرى قائلًا: «يُكره تناول الأطعمة داخل المساجد لأن فتاتها يجلب النمل والذباب والحشرات وكذلك القطط»، وتابع: «ولكن تناول الطعام فى المسجد جائز بدليل الاعتكاف به، لذا ينبغى أن يلتزم المصلون بأدبيات التواجد داخل المسجد، وإذا تناولوا طعامهم يتأكدون من إزالة الفتات والبقايا من الأرض، حتى لا تكون دافعًا لاقتحام القطط للمسجد».
وأوضح الأطرش لـ «روزاليوسف» أن ملامسة القطط ولعابها لا يبطلان الوضوء، لأن القطة طاهرة، فقد كان أبو هريرة –رضى الله عنه- يحمل القطة فى كُمه، لذا أطلق عليه النبى –صلى الله عليه وسلم- لقب «أبا هر»، لافتًا إلى أن لعاب الكلب هو الذى يبطل الوضوء إذا أصاب الثوب، لأن الكلب نجس على عكس القطة.
وفى السياق ذاته أكد الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق أن القطط تنجس الجامع بفضلاتها، كما أنها تحدث الفوضى أثناء الصلاة وربما تؤذى المصلين، لافتًا إلى أنه لا يجوز إطعام الحيوانات داخل المسجد مثلما يفعل بعض الزوار، لأن ذلك يفتح الباب أمام دخول الكلاب أيضًا.
وأضاف عاشور أن الرحمة لا تعنى السماح للقطط بتناول بقايا الطعام داخل المسجد، وأنه على عمال النظافة طردها خارج المسجد ولا حرمانية فى ذلك، ولو أرادوا لأطعموها خارج المسجد، ولكن بيت الله يجب ألا يكون مشاعا للقطط الضالة.
ومن ناحيته شدّد الشيخ صبرى عبادة، مستشار وزير الأوقاف، على ضرورة التزام زوار الجامع بالآداب العامة للمسجد، وعدم إلقاء الطعام للقطط، فهذه السلوكيات يتم انتهاجها داخل حديقة الحيوان وليس داخل أحد أعرق وأهم المساجد فى مصر.
وتابع عبادة أن المسجد له قدسيته على كل حال، وأن عمال النظافة عليهم دور فى الحفاظ على تلك القدسية، فالله جميل يحب الجمال، وهذا المنظر لا يليق بالجامع الأزهر، فهو ليس استراحة للقطط الضالة، وإنما محراب علم قبل أن يكون مسجدًا، حيث إنه لا يخلو من حلقات الدرس التى يحضر إليها الطلاب الوافدون من جميع أنحاء العالم، فماذا يحكى إذا هؤلاء الطلاب لذويهم المتلهفين لحكايات تروى عن ذلك الجامع! هل يروون مغامراتهم مع القطط؟ أم روحانيات الشهر الفضيل داخل أروقته؟