السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وهم «الجهاد» أداة «الإرهاب» الأهم لتجنيد عناصره حول العالم

وهم «الجهاد» أداة «الإرهاب» الأهم لتجنيد عناصره حول العالم
وهم «الجهاد» أداة «الإرهاب» الأهم لتجنيد عناصره حول العالم




كتب - مصطفى أمين عامر



 خلقت داعش ومن قبلها القاعدة حالة إيديولوجية عنيفة استلزمت إجراء مراجعة دقيقة وعميقة لمدى قدرة هذه الجماعات الإرهابية على اختراق عقول الأشخاص والوصول بها الى هذه الحالة الدموية من خلال رؤية «ناقصة» لمفاهيم جدلية حول الجهاد ولتكفير والدولة والعلاقة القائمة على المنفعة.
يشكل مفهوم «الجهاد» أحد أهم العناصر التى تخترق بها الجماعات الإرهابية عقل الإنسان وذلك من خلال الولوج الى حتمية ووجوبية تنفيذه وممارسته على كل فرد مسلم وهو ما طبقته ولا زالت تطبقه القاعدة وأيضا تنظيم داعش الإرهابى .
ويشكل الالتزام بمنظومة الفكر الجهادى العالمى المحور الرئيس لكافة الأصول التى تكون مقدمة للعمل الإرهابى الدموى ، فالأصل الذى تُجمِع عليه كل تنظيماته الإرهابية ً يتلخص فى تحكيم «شرع الله»، وإقامة «الحكم الإسلامى» المتمثل فى الخلافة، ولا يتحقق ذلك إلا بالجهاد، ومن هذا الأصل القطعى تتناسل المفاهيم والتفاصيل والإجراءات التى تعد فروعًا ويقع فيها الخلاف.
وعلى الرغم من ان هناك خلافا حول «الجهاد» لدى كافة الإرهابيين والذى يتمثل على سبيل المثال فى طريق نهج كل من «داعش» و«القاعدة» حيث أن الاولى تحسم الجهاد بشكل تصادمى مع الجميع وتبدأ بالعدو القريب الذى تعتبره «الأنظمة والجيوش التى تدافع عن العدو البعيد وهو «إسرائيل والولايات المتحدة والغرب» التى تعتبرها كلها كافرة الا انهما متفقان على ضرورة اتباع نهج العنف وإن اختلفاً فى توقيت هذا العنف.
ففى نصوص داعش نجدها تشحن عقل مناصر ومقاتل التنظيم بنصوص ثابتة وهى «لا نترك السلاح حتى يحكم الشرع»، «ولَنقاتلنَّ لإقامة الدولة الإسلامية»، «الأنظمة والجيوش التى تدافع عنها كلها كافرة، وأن الجهاد فريضة» «وأن كفر الردّة أغلظ بالإجماع من الكفر الأصلى، لذا كان قتال المرتدين أولى عندنا من قتال الكافر الأصلى»، «تحكيم الشريعة لا يكون إلا بالجهاد فقيام الدين لا يكون إلا بكتاب يهدى وسيف ينصر، قال تعالى «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ» وهو ما يحاوله الى مجرد الة للقتل والعنف.
وعلى الرغم من أن هذا الامر الذى تبناه ابوبكر البغدادى زعيم داعش يخرج عن السياق العام الذى أقره ايمن الظواهرى زعيم «القاعدة» «بالتأكيد على التراتبية والتدرج فى الجهاد حتى يأتى التمكين وقال ذلك نصا فى رسالة وجهها إلى أبو مصعب الزرقاوى فى أكتوبر 2005 «مراحل المشروع الجهادى تبدأ بإخراج الأمريكان من العراق ثم إقامة إمارة إسلامية يتم تطويرها حتى تبلغ مرتبة الخلافة على أكبر جزء يمكنها بسط سلطانها عليه من العراق، خصوصًا فى مناطق العرب السنة، ثم مدِّ الموجة الجهادية إلى ما جاور العراق من دول علمانية « الا ان الهدف فى النهاية واحد وهو الدخول فى دائرة من العنف لا تنتهى.. وبذلك اعطت داعش لعنصرها الإرهابى مساحة أوسع فى القتل والعنف وذلك بعدم تقيده بضوابط الجهاد كما أقرتها مرجعيتها الأولى القاعدة بل و» ضربت «المشروع الجهادى فى نقطتين: الأولى: أنها قسمت المشروع الجهادى، والثانية: أنها وجهت الصراع نحو الداخل، لدرجة أن خصومتها مع القاعدة انتقلت من خصومة على الإمارة إلى صراع عقدى».
وبذلك حولت داعش عنصرها الإرهابى الى صاحب مشروع وهمى بعد أن جعلت من نفسها «خلافة» على معنى «جماعة المسلمين» لا جماعة من المسلمين ليتشارك «غلو وانحراف» تنظيم داعش مع تطور «مفاهيمي» للجهاد العالمى يرتكز على التحرر من القيود المفروضة للجهاد التقليدى ؛ تجاوبًا مع الإمكانات التى يتيحها المشروع الجهادى نفسه وما تفرضه التطورات على الأرض، والاختلاف حول الوسائل الأجدى لتحقيق المشروع، ثم الصراع على الإمارة نفسها على الرغم من أنها مركزية فى حركية التنظيمية الجهادية عامة.
وعلى الرغم من ان الجماعات الإرهابية أظهرت بذلك حالة واضحة من التشظى فى المشروع الجهادى الإقليمى الا انها وسعت فى المقابل من اعمال العنف ومساحة المنتسبين له التى ستكون بلاشك بداية مختلفة لمسلسل دموى جديد يقوم على «نظام الفقه الجهادى الإسلامي» الذى رسخ فى عقول متبنيه الأفكار الجهادية الدموية عبر التاريخ.