السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الهدهد: «اللهم إنى صائم».. تدريب للإنسان على القول الجميل والتسامح

الهدهد: «اللهم إنى صائم».. تدريب للإنسان على القول الجميل والتسامح
الهدهد: «اللهم إنى صائم».. تدريب للإنسان على القول الجميل والتسامح




«اللهم إنى صائم»  كلمة يرددها الكثيرون لكن لا يعرفون مدى أهميتها، بل على العكس  نجد من يخطئ فى حق الآخرين ثم يقول اللهم إنى صائم، كما ينتاب المجتمع آفة اللسان التى تفسد حياة الكثيرين.
وحول هذه المسألة أكد  د. إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر الأسبق  أن الله (تبارك وتعالى) قد ميّز الإنسان عن سائر المخلوقات بالبيان حيث قال سبحانه: «الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ»، والبيان نعمة ٌ كبيرةٌ أسداها الخالق لعباده، لذلك يقرر الله عباده قائلاً: «أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ»، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عباده عن جرائم اللسان فى كتابه، فقال: « يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»، فمن فعل هذه الثلاثة خرج من دائرة الإيمان إلى دائرة الفسوق.
 كما أوضّح أن السنة المطهرة بيّنت أن الإنسانَ مُحَاسَــبٌ على كل كبيرة وصغيرة ينطق بها اللسان، ففى الحديث الصحيح عن معاذ بن جبل (رضى الله عنه): «قُــلْتُ يَا نَبيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ، فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ»، مشيرًا إلى أن آفات اللسان وجرائمه كثيرة، منها: الغيبة، والنميمة، والقذف، والسب، وكذلك شهادة الزور والسكوت عن الحق؛ لذلك فإن النبى (صلى الله عليه وسلم) مثّل من يغتاب الناس كمن نصّبَ منجنيقًا يرمى به الناس يمينًا وشمالاً، فهو بذلك يبعثر حسناته، مبينًا أن اللسان له مخاطر وآفات جسيمة على المجتمع والإنسان ولعلّ أخطرها شهادة الزور، فعَنْ أَبِى بَكْرَةَ (رضى الله عنه) قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم): «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» ثَلاَثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ - وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ- أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ»، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا : لَيْتَهُ سَكَتَ».
 ولفت إلى أن  فضل الكلمة الطيبة ذاكرًا قول النبى (صلى الله عليه وسلم): «ثَلاثٌ يُصَفِّينَ لَكَ وُدَّ أَخِيكَ : تُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيتَهُ، وَتُوسِعُ لَهُ فِى الْمَجْلِسِ , وَتَدْعُوهُ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ»، موضحًا أننا لن نكونَ مجتمعًا قويًّا مترابطًا بدون حُسن المعاملة والكلم الطيب ،  فهناك جريمة عظمى حدثت للسيدة عائشة (رضى الله عنها) بسبب اللسان فى حديث الإفك. وأشار إلى أن معالجة اللسان وتقويمه وإصلاحه يكون بالتخلية ثم التحلية، وذلك بأن يتخلص الإنسان من هذه العادة أولاً، ثم يبدأ فى تحلية لسانه بالقول الجميل الطيب والتسامح، فعـن أَبَى هُرَيْرَةَ (رضى الله عنه) يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ، وَلا يَسْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّى امْرُؤٌ صَائِمٌ ولما سئل النبى (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عن النجاة، قال لسيدنا عقبة: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ»،
وأضاف أن الكلمة الطيبة أقوى فى الجزاء من العمل الصالح فهى تصعد لله مباشرةً، من أجل ذلك قال ربنا: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ»، وقال تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاءِ تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»، وكذلك قوله (عز وجل): «وَلا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم»، فمقابلة الإساءة بالحسنة تُطفئ النيران، وتطبب القلوب.