الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«رمضان».. شهر روحانيات ومحبة بين المسلمين والأقباط

«رمضان».. شهر روحانيات ومحبة بين المسلمين والأقباط
«رمضان».. شهر روحانيات ومحبة بين المسلمين والأقباط




كتب - عمر حسن


علاقة الارتباط التى تجمع المسيحيين فى مصر بشهر رمضان المُعظم، أكبر من أن تكون مجرد تهئنة رسمية من جانب الكنيسة لشيخ الأزهر والمسلمين، إنما هى فى الأساس مشاركة فعلية ووجدانية يحرص عليها الأقباط فى مصر بشكل جاد، ليس فيه من المجاملة شىء، فقط فى مصر تجد المسيحيين يصومون يوماً أوأكثر مع اخوانهم المسلمين فى رمضان كنوع من المؤازرة فى حر الصيف، كما يفطر المسلم فى منزل المسيحى والعكس صحيح، فيما تنظم الكنائس موائد افطار للصائمين فى الشوارع والميادين العامة وسط جو دافئ من اللُحمة الوطنية يجعلك تتيقن تمام اليقين أن مصر ستبقى فى رباط إلى يوم الدين بفضل شعبها الحكيم.
وكان أكثر المظاهر المسيحية الجميلة التى ظهرت خلال  شهر رمضان الحالى  شاب مصرى «قبطي» اسمه «بيتر» يقوم  كل يوم  بتجهيز شنط إفطار للصائمين المسافرين، وينتظر على محطة القطار من أذان العصر وحتى أذان المغرب، من اجل إفطار  الصائمين، وبسؤاله قال «بيتر»: أنا الدموع بتفر من عنى لما بشوف فرحة الصائمين وهمه بيدعولى «روح يا ابنى ربنا يروى قلبك زى ما رويت قلوبنا».  
قصص أقباط مصر لا تنتهى عن رمضان، يحكونها بأنفسهم وعلى وجوههم بهجة استقبال الشهر الكريم، فهذا «كيرلس أنيس» صاحب العشرين عاما يروى لنا عن حياته فى رمضان، ومظاهر احتفاله به مع أبناء جيرانه بمنطقة المطرية، مستطرداً:أنا انتظر رمضان مثل المسلمين وأكثر، ولا اعتبره شهرا للمسلمين فقط بل هوشهر لكل المصريين»، متابعا :«رمضان حالة كاملة أعيشها وانتظرها من العام للعام، فصوت المسحراتى ونداء الصحوة الذى يرسله إلى البيوت يشعرنى بجومن الألفة والود وأحيانا كنت أطلب منه أن ينادى على اسمى وكان ذلك يثير ضحك الجيران وسعادتى فى نفس الوقت».
وأضاف أنيس أنه كان يشارك أصدقاءه المسلمين فى تعليق الزينة على البيوت، ويتبارى معهم فى تعليق فانوس رمضان الذى كان يدور على جميع منازل الشارع بالتناوب، وحينما جاء دوره قام بتعليقه بنفسه على منزله وكُتب عليه اسمه، مُعلقا على هذا بأنه يوم لن ينساه طوال حياته، لافتا إلى أنه كان يتفق مع زملائه لصيام يوم أوأكثر فى رمضان على أن يفطروا سويا.
وأوضح «أنيس» أن رمضان ليس شهرا للصيام فقط، وإنما شهر تتقرب فيه كافة العائلات المصرية مُسلميها ومسيحييها على السواء فيكونوا كالجسد الواحد الذى يصعب تمزيقه، ويسترسل فى حكاياته مع رمضان متابعاً:» كانت أمى تمنعنى أيام المدرسة من النزول بطعام أومياه حفاظا على مشاعر زملائى الصائمين خاصة فى أيام الحر وكنت التزم بذلك بدافع المحبة»، مضيفا: «بعد الإفطار أقف فى البلكونة وأشاهد العائلات أثناء ذهابهم لأداء صلاة التراويح، واستمتع بنظرة السعادة فى عيون الأطفال».
أما «ماركوميلاد» 23 عاما، يقول :»إن حالة البهجة فى الشوارع ترتسم على وجوه الناس وهذا كفيل لأعشق ذلك الشهر، فكم نحن نحتاج لهذه الجرعة السنوية من السعادة التى تكتمل بالمسلسلات والبرامج الرمضانية والأنوار فى الشوارع»، لافتاً إلى أن: عزومات شهر رمضان تختلف عن أى عزومات أخرى، ولا أشعر فيها على الاطلاق أنى مسيحى وسط مسلمين، كما أذهب بنفسى لشراء الياميش الذى بدونه لا تكتمل حلاوة هذا الشهر فى نظرى»، موضحاً إلى أن تبادل أطباق «الحلويات» بين الأسر سمة أساسية فى حى شبرا الذى يسكنه، كما قال مبتهجا «كله كوم والسهر مع الصحاب حتى السحور كوم تانى».
وعن أطرف المواقف التى تعرض لها فى رمضان، أردف ماركو: «كنت ماشى فى الشارع باكل فى نهار رمضان فالناس باصتلى باشمئزاز وقالولى يا اخى حرام عليك احنا فى رمضان.. قولتلهم والله أنا مسيحى وقعدوا يضحكوا .. من ساعتها بقيت حريص انى ماكلش فى الشارع».وبسؤاله «ماذا ستفعل رمضان القادم»، أجاب «سأقوم بتجهيز أكياس من التمر وتوزيعها على الصائمين فى الشوارع».
فى سياق متصل، أعربت «ريفان نصحى»22 عاما عن سعادتها البالغة بقدوم شهر رمضان قائلة: «بحب رمضان جدا وصمت رمضان اللى فات أسبوعين كاملين.. شهر هادئ الى حدا ما، الطرق مثلا ساعة الإفطار ممتعة جدا وسهلة»، واسترسلت فى حديثها عن رمضان قائلة: «يومى فيه يكون مقسوما لنصفين قبل وبعد الإفطار، ومش بقدر انزل قبل الإفطار لأنى بكون حريصة جدا إنى لا آكل ولا أشرب فى الشارع احتراما للصائمين... والمعاكسات فى رمضان بتكون قليلة».
من جانبه أوضح القمص «صليب متى ساويرس» أسقف شبرا، دور الكنيسة فى مشاركة المسلمين هذا الشهر من تنظيم مآدب عامة فى الشوارع يشارك فى تنظيمها المسيحيون سواء بشكل منظم أوفردي، وكذلك الجمعيات الخيرية، مؤكدا أن ذلك مظهر طبيعى وليس جديدا على المجتمع المصري، فدائما ينصهر المسيحيون مع اخوانهم المسلمين فى بوتقة الوطن ويشاركونهم أعيادهم ومناسباتهم وكذلك المسلمون، مختتما: «بيننا عيش وملح من زمان وربنا يديم المحبة».