الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ضد التطرف ـ 3 ـ خرافة الخلافة فخ الإرهاب لإسقاط مفهوم الأوطان فى عقول الشعوب

ضد التطرف ـ 3 ـ خرافة الخلافة فخ الإرهاب لإسقاط مفهوم الأوطان فى عقول الشعوب
ضد التطرف ـ 3 ـ خرافة الخلافة فخ الإرهاب لإسقاط مفهوم الأوطان فى عقول الشعوب




 كتب - مصطفى أمين عامر


 خلقت داعش ومن قبلها القاعدة حالة أيديولوجية عنيفة استلزمت إجراء مراجعة دقيقة وعميقة لمدى قدرة هذه الجماعات الإرهابية على اختراق عقول الأشخاص والوصول بها إلى هذه الحالة الدموية من خلال رؤية «ناقصة» لمفاهيم جدالية حول الجهاد والتكفير والدولة والعلاقة القائمة على المنفعة.
 وتعمل الجماعات الإرهابية على تقويض الانتماء للدولة لدى من تحاول استقطابهم وذلك كبداية لاختراق عقل الأشخاص وسلبهم أى انتماء للوطن والدولة الوطنية وترسخ لديه أن «الخلافة» الذى يحكمه شرع الله فى الأرض هو الحاكم والمنظم لكل شئون الدنيا والدين.
وتؤسس فى عقل  الإرهابى أن هذا النظام له شكل هيكلى تنظيمى ذو فعالية إدارية كبيرة يبتعد عن الشكل التقليدى للدولة من خلال المزاوجة بين الأشكال التنظيمية الإسلامية التقليدية، التى تكونت مع مؤسسة الخلافة، وتنظيرات الفقه السلطانى الذى يؤسس لمفهوم الدولة السلطانية؛ إلى جانب الأشكال التنظيمية الحداثية لمفهوم الدولة الذى يستند إلى جهاز عسكرى أمنى وآخر أيديولوجى بيروقراطى يعد بديل عن الدولة الوطنية فى تراتبية تنظيمية غير تقليدية.
هذا النظام يضع الخليفة كـ«ديكتاتور» يتم اختياره على أسس فقهية من قبل مجلس الشورى وأهل الحل والعقد ويجعله المشرف المباشرعلى جميع مفاصل الخلافة بفضل سلطاته «الدينية» الواسعة يتحكم فى سائر القضايا الاستراتيجية؛ فهو صاحب «الأمر والنهي» فى معظم القرارات الحاسمة  ويأتى من بعده  المجالس وهى بديل للوزارات وتعد  المفاصل الأساسية للخلافة وتشكِّل «القيادة المركزية»، ومن أبرز المجالس «العسكرى» و«الأمنى» و«بيت المال».   
 كما يعد مجلس الشورى أحد أهم أركان الدولة التى تخلقها الجماعات الإرهابية فى عقل منتسبيها والذى يضيق بحسب الظروف والحاجة، كما يجتمع للنظر فى القضايا المستجدة واتخاذ القرارات المهمة ورسم السياسات العامة،  ويقدم الرأى بشكل غير ملزم للخليفة فى قرار الحرب والسلم، وتزكية المرشحين لمناصب الولاة، وأعضاء المجالس المختلفة.
وبداخل الشورى يوجد  المجلس الشرعى، الذى يتمتع بأهمية خاصة نظرًا لطبيعة التنظيم الدينية التى يسيطر بها التنظيم الإرهابى على عقل المنتمى له ونظرًا لأهميته فإن الخليفة المزعوم هو من يترأسه ،ومن مهامه الأساسية مراقبة التزام بقية المجالس بـالضوابط الشرعية، وترشيح خليفة جديد فى حال موت الخليفة الحالى أو تعرضه للأسر أو عدم قدرته على إدارة التنظيم والدولة لأسباب طارئة كالمرض والعجز.
كما تضع الجماعات الإرهابية ما يسمى  «الهيئة الشرعية» كجهة مسئولة عن  صنع الحماسات والعاطفة القتالية وصياغة الخطابات  للمقاتلين والبيانات والتعليق على الأفلام والأناشيد الإعلامية وتنقسم هذه الهيئة إلى قسمين الأول: للقضاء والفصل بين الخصومات والنزاعات المشتركة وإقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والثانية: تتولى الإرشاد والتجنيد والدعوة ومتابعة الإعلام.
كما تعتمد الجماعات الإرهابية ومنها داعش على  تقسيم إدارى خاص بها يقسِّم مناطق نفوذها إلى وحداتٍ إدارية يطلق عليها اسم «ولايات»،ويتولى مسئولية «الولايات» مجموعة من الأمراء، وقد بلغ عدد الولايات التى كانت تحت سيطرة أو نفوذ داعش فى عام 2015م   16  ولاية كان نصفها فى العراق ونصفها الآخر فى سوريا كما تُقسَّم «الولايات» إلى «قواطع»،  ويمثل السلطة العليا فى كل «ولاية» مسئول معين من قبل تنظيم الدولة يحمل لقب «والى»، ويعاونه مجموعة من المسئولين يحملون صفة «أمير»، أمثال: «الأمير العسكرى»، و«الأمير الشرعى»، الذى يرأس «الهيئة الشرعية»، والأمير الأمنى»، فيما يُعتبر «أمير القاطع» السلطة الأعلى فى كل «قاطع»، ويعاونه كذلك مجموعة من الأمراء فى المجال «العسكرى والشرعى والأمني»؛ الأمر الذى يسرى ويُتبع فى المدن كافة، ويُشرف «الولاة» ومعاونوهم من «الأمراء» على «أمراء القواطع» ومعاونيهم، ويُشرف هؤلاء بدورهم على «أمراء المدن» ومعاونيهم.
 وبذلك تكون الجماعة الإرهابية قد رسخت فى عقل المنتمى لها مفهوم الخلافة التى تقيم  حكومة إسلامية راشدة تطبق «شرع الله  وإن كانت  بنيتها التنظيمية والهيكلية قريبة من شكل الدولة الوطنية إلا أنها تلغى أى انتماء ليتحول الإرهابى الى مجرد أداة للقتل لصالح خلافة وهمية مزعومة.