الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محاولات إسرائيلية لسرقة معبد «الحرافيش».. وسيدات «القبة» يضربن متسللين يهوداً بالأحذية






كشفت المصادر فى محافظة القاهرة عن واحدة من المحاولات التى تسعى إليها إسرائيل لخداع المسئولين على المعبد اليهودى بوسط القاهرة والذى يقع تحديدا فى المنطقة المعروفة بحى اليهود فى الجمالية قبل أن ينتقلوا إلى العباسية والظاهر ومناطق أخرى بحسب تحسن الأحوال المعيشية لديهم، حيث إنه كان حى فقراء اليهود وقتها.

 

بدأت المحاولة بتقديم أحد اليهود لمكاتبة من السفارة الاسرائيلية بأنه ممثلا عن الطائفة اليهودية فى مصر -والتى كانت تعرف بالطائفة الإسرائيلية- ويطلب تسليمه مبنى المعبد اليهودى الواقع فى الخرنفش حيث الحى اليهودى، إلا أن محافظة القاهرة طلبت منه أن تقوم السفارة بمخاطبة المحافظة عبر وسائل الاتصال وأن يكون ذلك ممهورا بشعار السفارة، إلا أن ذلك لم يتم.

 

سبق ذلك وقوع تعد على المعبد –الذى كان أيضا مقرا للحاخامخانة لليهود القارئين- الواقع بمنطقة الخرنفش قسم الجمالية فى 50 أ ش الخرنفش فصـدر له أمر غلق إدارى ومازال الغلق مسـتمرا حتى الآن حفاظا عليه وتم تغيير الأقفال والتحفظ على المفاتيح لدى الحى كما تم لحام الأبواب الحديدية للمعبد وذلك لمنع أى محاولات لدخول المعبد حفاظا عليه من العبث والتخريب وتغير المعالم، كما يضع الحى أعينه عليه لمراقبته خوفا من تكرار المحاولات، بعد فشلها على المستوى الرسمى.

 

وللبت فى الأمر قام رئيس الحى اللواء صلاح عبد المعز بإجراء البحث والدراسة اللازمة مع مديرية المساحة بالقاهرة فجاءت نتيجة البحث فى دفاتر شياخة اليهود القرائين عام 1950 بوقوع المعبد فى 50أ شارع الخرنفش ومسجل على الخريطة المساحية بأنه (كنس الإسرائيليين) أو دار راب سمحا بحسب الخريطة المساحية التى ملصوق عليها طابع بريد لصالح نقابة المهن الهندسية فى الجمهورية العربية المتحدة فئة ال50 مليما، وكانت المفاجأة الأكبر التى يفجرها رئيس الحى بأن المعبد بحسب الكشف المساحى الصادر عن هيئة المساحة بالقاهرة يؤكد أنه مسجل وقف.

 

ومن واقع كتاب مديرية المساحة بالقاهرة جاءت البيانات القاطعة بأن العقار يدفع 20جنيها عوائد سنوية وتبلغ مساحته 786 متراً مربعاً وله واجهة قبلية وبها الباب وبحرية بها باب آخر وبها جناح بالجهة الشرقية والبحرى شارع الخرنفش وجزء 50 شارع الخرنفش والشرقى 50 شارع الخرنفش و12و10/10 تبع حارة خميس العدس، أما القبلى 15/17 درب كنيسة اليهود ودرب كنيسة اليهود و18 درب كنيسة اليهود، والغربى 33،31 حارة زويلة و3 زقاق عبد القدوس و52 شارع الخرنفش، وكانت المفاجأة التى طوتها صفحات الكشف المساحى بأن المعبد هو وقف لليهود القرائين ويتبع هيئة الأوقاف المصرية ولا يجوز التعامل عليه.

 

وكان يعتبر هذا المعبد القرائى مركزا روحانيا لأبناء الطائفة، وبناه المجلس الملى فى بداية القرن ال17، وكان به مكاتب للطائفة والمحكمة وكتب فقهاء القرائين وبعض المخطوطات القديمة، وكان المجلس الملى يرغب فى إحلاله وتجديده وسط رفض أعضاء المجلس الملى فتم الإبقاء عليه وتم إصلاح أجزاء بداخله فقط، ومن الثابت بحسب إحصائيات أن اليهود القرائين وصل تعدادهم عام 1947 فى مصر إلى 322 يهوديا فقط بعد أن حدث نزوح جماعى لمصر من اليهود الربانيين على حساب التواجد اليهودى القرائى فى مصر، مما يشير إلى أن الهجرة كانت العامل الرئيسى لتقلص أعداد الطائفة.

 

وبحسب دراسة جويل بينين أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة ستانفورد الأمريكية فيسجل فى دراسة عنوانها شتات اليهود المصريين، أن اليهود القرائين فقط هم الذين اندمجوا فى المجتمع المصرى أما بقية اليهود فلم يكن يعنيهم سوى أن مصر ملاذ آمن لهم، وطائفة القرائين لهم تعاليم صارمة أخذوا فيها بحرفية النص التوراتى فالتلمود عندهم غير ذى قيمة.

 

محاولة استيلاء بالقبة

 

ولم يكن هذا هو المعبد الوحيد الذى وقع تحت محاولات للاستيلاء عليه من جانب إسرائيليين، ففى حدائق القبة وتحديدا عند تقاطع شارع ولى العهد مع شارع مصر والسودان بحدائق القبة، كانت المحاولات للتسلل إلى المعبد اليهودى الواقع هناك والذى يحمل رقم 3 شارع ولى العهد، حيث تسلل مجهولون إليه فى محاولة لدخوله لاستكشافه، وكانت المفاجأة أن تصدت السيدات لهم بالأحذية وطاردنهم دفاعا عن أرض مصر.

 

فعلى بعد أمتار قليلة من شارع مصر والسودان عند تقاطعه مع شارع ولى العهد فى حى حدائق القبة، ذلك الحى الذى كان يعيش فيه ذوو الياقات البيضاء حتى سبعينيات القرن الماضى، وبالتحديد العقار الذى يحمل رقم 3 شارع ولى العهد، يقبع هذا المبنى الذى لم يكن أحد من الأهالى يعلم ماهية هذا المبنى الفخم المطل على شارع ولى العهد الرئيسى، وكان فناؤه يوما ما مرتعا لطلاب المدارس على مدى السنوات والمراحل أيام العطلات مكانا يجمعهم ليقيموا فيه مباريات كرة القدم الودية من خلال فرق بسيطة يكونونها فيما بينهم.

 

المبنى يحيطه من الخارج سور من الحديد، وتشير العمارة فيه إلى أنه لا يزيد عن كونه واحدا من المبانى ذات القيمة المعمارية المتميزة والطراز المعمارى، وينتمى إلى المبانى فى حقبة الخمسينيات أو الستينيات بحسب مظاهر العمارة فيه.

 

وتغطى المبنى شجرة لا تمكن الناظر إليه من تحديد ملامحه بشكل جيد وتخفى وراءها كتابات كشفت الصدفة وحدها هويته التى لم يكن يعلم الموظفون داخل هذا المكان ماهيته، على الرغم من قدومهم إليه بشكل يومى.

 

حدث بسيط شهدته المنطقة أثار حفيظة الأهالى كان سببا فى معرفة ماهية هذا المبنى الذى ظل خفيا على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان، فمحاولات من أسماهم الأهالى «بالأغراب» بحسب ما هو مدون بالتاريخ عن القادمين إلى مكان ولا ينتمون إليه، التسلل إلى المبنى بشكل مثير وليس مجرد نظرة إعجاب بل امتدت إلى أن تبذل المحاولات لتخطى السور الحديدى للمبنى وتدوين العبارات المكتوبة على المبنى والتقاط صور له ليست لهاو أو معجب بالعمارة والفن المستخدم فى إنشائه.

 

تحدث الأهالى إلى الأشخاص الذين كانوا يجيئون للمكان واحدا تلو الآخر وكلهم بلكنة غير عربية وغريبة، وتمت الاستعانة بالمتخصصين من أهل شارع ولى العهد الذين أكدوا أن هؤلاء الاشخاص هم عبرانيون أو اسرائيليون إن صح التعبير، وقد جاءوا إلى هنا للبحث والتنقيب عن معبد يهودى بحدائق القبة ويقع بهذا العنوان.

 

وعلى الرغم من أن الحجج التى استمع إليها الأهالى عن سبب زيارات هؤلاء الأغراب أنهم يدرسون بالجامعة العبرية وبعضهم قال إنهم فلسطينيون، لم يلتبس الأمر على الأهالى الذين كانوا بمثابة حائط صد أمام تلك المحاولات لاختراق هذا المكان، وأكد أهالى أن هؤلاء الأشخاص كانت لديهم محاولات فى الدخول إلى المبنى وعدم الخروج منه ليكون بمثابة وضع اليد، إلا أن السيدات كن لهن بالمرصاد أكثر من الرجال، وكادت الأحذية أن ترفع فى وجوههم ليفروا من تلك الأحذية التى كانت ستترك آثارا على تلك الوجوه.

 

والمبنى المشار إليه هو معبد يهودى حديث البناء، أشارت مصادر إلى أنه منذ حقبة الخمسينيات، مع نهاية التواجد اليهودى فى مصر، إلا أنه غير معروف انتمائه لأية طائفة يهودية.

 

المعبد رغم أنه فى شارع غير مجهول وهام، إلا أن المسئولين فى محافظة القاهرة لا يجدون للمبنى أية تسجيلات عقارية، سوى أنه تم تحويله واستغلاله عقب ثورة يوليو 1952 ليكون مقرا لواحدة من وحدات إدارة حدائق القبة للشؤن الاجتماعية، ومقرا للجمعية العامة لدور الحضانة بمحافظة القاهرة، وكان أيضا مقرا لشياخة حدائق القبة «أ» للحزب الوطنى، ولعل المشهد الأكثر إثارة هو مجاورة أحد المساجد الصغيرة للمعبد، بل وملاصقته له تماما.

 

تتبادل القصص والروايات عن هذا المعبد أن أصواتا غريبة تصدر ليلا من أسفل المبنى من داخل الهيكل الذى مازال يحتفظ بتصميماته القديمة، ولم يزد عليها سوى صورة للزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر، وتظهر النجمة السداسية فى كافة الشبابيك وتشكيلات الزجاج، وتخيم على واجهة المبنى من الأمام شجرة ضخمة تخفى خلفها الكتابات والمنارة السباعية التى تعتبر لدى الدين اليهودى أحد أهم الرموز اليهودية.