الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ضد التطرف ـ 5 ـ تركيا وداعش.. «علاقات» الدم والعار

ضد التطرف ـ 5 ـ تركيا وداعش.. «علاقات» الدم والعار
ضد التطرف ـ 5 ـ تركيا وداعش.. «علاقات» الدم والعار




كتب - مصطفى أمين عامر

 

عملت الجماعات الإرهابية وعلى رأسها داعش على خلق علاقات مشبوهة مع إقليمها الجغرافى وهو ما طبقته داعش ومن بعدها جبهة النصرة القاعدية ونفذته فى شكل علاقة براجماتية قائمة على المصلحة، وتبادل المنفعة مع الدولة التركية تحديدا، والتى سرعان ما توطدت عقب استيلاء التنظيم على مدينة الموصل فى 2014م، والتى تمثلت فى الإفراج عن الرهائن الأتراك فى الموصل الذى كشف عن تنسيق كبير وتفاهم مع أنقرة.
وكان عبور أكثر من 13ألف مقاتل أجنبى إلى سوريا للانضمام إلى داعش والنصرة عبر أراضيها نموذج على عمق هذا التفاهم بين الطرفين، كما أنه تم الكشف عن أن القنصل التركى فى الموصل كتب إلى وزارة الخارجية قبل 4 أيام من استيلاء داعش عليها منبها من أن الأوضاع فى المدينة تتجه إلى الأسوأ فى ظل الحديث عن تقدّم حثيث لتنظيم «داعش» وبات يثيرالقلق، ولكن جواب الخارجية شكّل مفاجأة بقوله: «إن داعش ليس خصما لنا».

وهو ما يؤكد أن المخابرات التركية كانت على علم بما يحضّر للموصل، كما أنه سبق لـ«داعش» أن حصل على 5ملايين دولا مقابل الإفراج عن 31 من سائقى الشاحنات التركية كان قد احتجزهم فى نينوي! بالإضافة إلى عملية الإفراج عن 49 رهينة دبلوماسية كمقايضة مع داعش مقابل 49 دبابة وكميات كبيرة من الذخائر، والذين نقلوا فى حافلات من الموصل إلى تركيا أى ما يقارب مسافة 500 كيلومتر فى حماية قوات داعش.
ومن أكبرمظاهرالتعاون إفراج أنقرة عن القيادى البارز فى التنظيم الشيشانى شندريم رمضانى الذى يحمل جواز سفر سويسريا، وكان قد اعتقل فى أضنة بعد دخوله من سوريا واشتباكه مع القوات التركية حيث قتل 3منهم! ومابث على شريط مصوّر يظهر فيه قطار تركى يحمل دبابات وذخائر قيل إنها أرسلت إلى «داعش»، ولم يتردد أردوغان فى القول: «وحتى وإن حصلت مقايضة المهم بالنسبة لنا هوإطلاق سراح الرهائن!
بالإضافة إلى عشرات الشاحنات التى تحمل النفط السورى من سوريا والعراق إلى تركيا ويشتريها تجار أتراك، وإن الريحانية تحولت إلى مركز تجارى لعناصره! ويؤكد شيركو عمر، وهو اسم مستعارلأحد مقاتلى «داعش» المنشقين الذى روى كيف سافرعلى متن قافلة من شاحنات «داعش» ضمن وحدة من مقاتلى التنظيم من معقلهم فى مدينة الرقة السورية، عبر الحدود التركية، وعاد ثانية عبرها، لمهاجمة الأكراد السوريين فى مدينة سرى كانيه شمال سوريا.
وأضاف «طمأننا قادة داعش» بألا نخاف شيئا على الإطلاق، لأن هناك تعاونا كاملا مع الأتراك، وأنه لن يحدث مكروه، خصوصا أن هذه هى الطريقة المعتمدة للسفر بانتظام من الرقة وحلب إلى المناطق الكردية الواقعة فى أقصى شمال سوريا، والتى كان يستحيل الوصول إليها عبر الأراضى السورية، لأن وحدات الحماية الكردية تسيطر على معظم الأراضى فى المنطقة الكردية.
وأكد عمر أنه خلال الفترة التى قضاها مع «داعش» كان ينظر إلى تركيا بوصفها حليفا أساسيا ضد الأكراد الذين يمثلون العدو المشترك لكل من «داعش» وتركيا، وأن التنظيم «ما كان قادرا على نشر مقاتليه فى الأجزاء الشمالية من المدن والبلدات الكردية فى سوريا لولا الدعم التركى.
 وقد كشف ديفيد فيليبس، مدير«برنامج بناء السلام والحقوق» فى معهد جامعة كولومبيا لحقوق الإنسان فى تقرير له عن العلاقة بين «داعش» وتركيا وذلك بأن غضت تركيا النظرعن هجمات «داعش» على كوبانى، وشجعت الهجمات ضد المدينة لمنع نشوء كيان كردى مستقل فى سوريا»، وأن كمال كليتشدارأوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهورى، أكد فى 14أكتوبر 2014م أن تركيا زودت الجماعات الإرهابية بالأسلحة، وعرض فى تقرير مقابلات أجريت مع سائقى شاحنات سلموا أسلحة إلى المجموعات الإرهابية.
كما كشف بولنت تذكا العضو فى حزب الشعب الجمهورى أنه تم إيقاف 3شاحنات فى أضنة للتفتيش فى 19يناير 2014، كان قد تم تحميلها بالأسلحة فى مطار إيسينبوجا فى أنقرة، خلال توجهها إلى الحدود، حيث كان من المفترض أن يتسلمها عناصرالمخابرات التركية للعبور بها إلى سوريا ومن ثم تسليمها لـ«داعش» والجماعات الإرهابية.
 وأوضح بالتفصيل كيفية دخول الكثيرمن المقاتلين الأجانب وانضمامهم إلى«داعش» فى سوريا والعراق عبر تركيا من دون أن تحاول الدولة التركية ردعهم وكيفية انتقال المقاتلين الأجانب، خاصة من المملكة المتحدة، إلى سوريا والعراق من خلال «أوتوستراد الجهاد»، وهى التسمية التى باتت تطلق على الحدود التركية، فالجيش التركى إما يغض النظر عن هذه التحركات، أو يتقاضى من الجهاديين ما لا يزيد على 10 دولارات لتسهيل عبورهم وأن الحكومة التركية ختمت جوازات سفر عدد من المقاتلين الأجانب الذين عبروا الحدود التركية إلى سوريا للانضمام إلى داعش.
وقال إن أماكن مثل دوزجى وأدابازاري، التى تقع فى قلب العاصمة التركية إسطنبول، أصبحت بؤرا لتجمع للإرهابيين ووجود تجمعات دينية يتم فيها تدريب مسلحين من «داعش»، وتطرق إلى شريط فيديو يظهرإحدى الجماعات التابعة لـ«داعش» تقيم صلاة فى آمرلى، أحد أحياء إسطنبول كما أن الذين يحتلون مناصب رفيعة فى التنظيم، تمكنوا من الحصول على العلاج فى المستشفيات التركية» وأن التنظيم الإرهابى «داعش» وحزب العدالة والتنمية فى تركيا لديهم نفس القيم والمفاهيم ذاتها.
على الجانب الاخر كانت جبهة النصرة فرع القاعدة السابق فى سوريا كانت تتلقى دعم أكبر من تركيا منذ بداية تأسيسها، حيث أكد عبد اللطيف سينيرنائب رئيس الوزراء التركى السابق، أن تركيا قدمت دعما للنصرة تمثل فى» كمية كبيرة من الأسلحة الثقيلة»، وأن المخابرات المركزية الأمريكى CIA، هى التى سهَّلت تقديم هذا الدعم من الحكومة التركية .
 كما أحتضنت الأراضى التركية عدداً من «أمراء جبهة النصرة» ممن هربوا إليها بعد سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية فى العراق والشام» «داعش» على المنطقة، ويتفرغ هؤلاء لإدارة أعمالهم وثرواتهم من دون أن يقطعوا علاقتهم «الجهادية» مع تنظيمهم الأم أو غيره.
وبالرغم من أن عدداً من أمراء «جبهة النصرة»، وخصوصاً الأجانب قبيل قتل بعضهم ومنهم مثل أبى ماريا القحطانى وأبى الليث التبوكى وأبى حسن الكويتي، فضّلوا الانتقال إلى ريف درعا بعد اضطرارهم للهروب من دير الزورفى أعقاب سيطرة «داعش»على معاقلهم فيها، إلا أن قياديين آخرين تحمل غالبيتهم الجنسية السورية، آثروا التوجه نحو تركيا بعدما تضاءلت فرص استلامهم مناصب مهمة تدرعليهم الأموال، كما كانت الحال فى ديرالزور حيث آبار النفط.
مما سبق نستطيع التأكيد على أن الجماعات الإرهابية استطاعت خلق علاقات براجماتية مع إقليمها الجغرافى وخاصة الدولة التركية، والتى تجذرت علاقتها معها حتى قبل استيلاء تنظيم داعش على مدينة الموصل وهوانتج علاقة دموية دفع ثمنها فقط الشعبين السورى والعراقى.