الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مجلس اللوردات البريطانى: قطر تدعم إرهاب الإخوان

مجلس اللوردات البريطانى: قطر تدعم إرهاب الإخوان
مجلس اللوردات البريطانى: قطر تدعم إرهاب الإخوان




إثر اعتداءات يوليو 2005، أطلقت الحكومة البريطانية استراتيجية بريفنت (الردع) لمكافحة التطرف. لكن، بعد أكثر من عقد على إطلاق البرنامج  سجل ارتفاع كبير فى نسبة التطرف فى بريطانيا. ويرجع الضابط البريطانى السابق العقيد تيم كولينز، هذا الارتفاع إلى سببين رئيسين يلتقيان عند نقطة واحدة هى جماعة الإخوان المسلمين.
عندما أطلقت الحكومة البريطانية برنامج بريفنت ركزت على الخطر الظاهر فى تلك الفترة وهو تنظيم القاعدة، دون الانتباه إلى ما كان خافيا بين سطور التفجيرات التى هزت لندن والعالم ومن يقف وراءها منظّرا ورافدا يضخ المتطوعين لتنظيم القاعدة ثم لداعش.
ونقلت صحيفة العرب اللندنية عن كولينز، مدير منظمة نيو سنشرى لمكافحة الإرهاب الذى قاد عمليات القوات البريطانية الخاصة فى جميع أنحاء العالم، وشارك فى حرب العراق، فى مداخلة ألقاها فى اجتماع لمجلس العموم البريطاني، إلى أن بريطانيا عانت من تقويض جماعة الإخوان المسلمين لبرامج التفاهم الاجتماعى مثل برنامج بريفنت لمحاربة التطرف.

الإخوان يتجنبون الإرهاب المباشر داخل أوروبا

منح هذا التجاهل الإخوان الفرصة ليتحركوا بحرية مستغلين سنوات من سياسات التمكين عبر الجمعيات الخيرية والمؤسسات التعليمية وتكوين التجمعات السكانية المنغلقة. وتوسعوا فى أوروبا ووطدوا قواعدهم فى المدن الكبرى. وشكلوا، وفق ما يراه كولينز، شبكات معقدة من المتشددين دينيا فى أوروبا.
وأشار كولينز إلى أن الإخوان يدّعون أنهم جماعات معتدلة وأنهم بديل أفضل من السلفية، فى حين أن هدفهم إقامة دولة قائمة على فكر الخلافة، وهى ذات “الدولة” التى اقتبس منها تنظيم داعش اسمه، مشددا على أنهم أكثر من يستفيد من ورقة الإسلاموفوبيا للترويج لهم. ونفى الخبير البريطانى فكرة أن الإخوان يمثلون الجالية المسلمة فى بريطانيا، أو أوروبا، أو أى مكان فى العالم الغربي. وأوضح أنه لا يوجد شيء منظم يمثل الجالية المسلمة فى أوروبا، مضيفا أنه إذا كان هناك جزء من الحكومة البريطانية يريد الحديث إلى الإخوان بحجة أنهم يمثلون الجالية المسلمة فهذا قرار خاطئ مبنى على ادعاء باطل.

حاضنة بريطانية للإخوان

تحولت بريطانيا إلى حاضنة لجماعة الإخوان المسلمين فى أوروبا منذ خمسينات القرن الماضي، حين قدمت نفسها للسلطات البريطانية كمعارضة لحكم جمال عبدالناصر فى مصر. ووجد البريطانيون والأمريكيون فى ذلك الوقت فى الإخوان أداة يمكن تطويعها لتنفيذ برامجهم على المديين المتوسط والبعيد فى منطقة الشرق الأوسط المستقلة حديثا.
واستقبلت لندن قادة الإخوان من مصر ثم توالت موجات الإخوان قادمة من تونس وسوريا وليبيا وغيرها من البلدان العربية، وهناك تمددت ورسخت حضورها. وبعد عقود، ظهرت أجيال إخوانية بريطانية، لكن ولاءهم للجماعة لا للدولة التى يحملون جنسيتها ويعيشون فى كنفها ويتمتعون بقوانينها ومختلف المزايا الممنوحة للمواطنين البريطانيين.
الإخوان يتجنبون أى عمل إرهابى مباشر داخل الدول الأوروبية مما يجعل من الصعوبة اتخاذ قرار يقضى بمنعهم
وكانت دراسة أجرتها مؤسسة تونى بلير فور غلوبال تشينج قد كشفت أن الطريق الذى يسلكه غالبية الجهاديين البريطانيين يمر عبر جماعات إسلامية تدّعى أنها غير متطرفة. وأكثر الجماعات الإسلامية غير العنيفة فى الغرب، التى تملك تأثيرا واسعا على الحركة الإسلامية البريطانية بشكل عام، هى جماعة الإخوان المسلمين التى أدينت فى تحقيق رسمى قاده السفير البريطانى السابق فى الرياض السير جون جينكينز عام 2014، بأن الانضمام إلى صفوفها هو مقدمة للعنف والتطرف.
تطلب الأمر سنوات طويلة وعمليات إرهابية مدمرة وتطرفا منتشرا فى قلب العاصمة البريطانية، حتى تنتبه الحكومة البريطانية لهذا الخطر. وأجرت الحكومة البريطانية تحقيقات واسعة النطاق بشأن جماعة الإخوان المسلمين، لكن إلى حد الآن مازالت الحكومة البريطانية تتعامل بسياسة الكيل بمكيالين مع الإخوان، الأمر الذى جعل مراكز التفكير والمؤسسات البحثية البريطانية تكثف من تحقيقاتها ودراساتها وممارسة الضغوط اللازمة للقطع مع هذه السياسة.
وقد كشف المشاركون فى جلسة الاستماع فى مجلس العموم، التى نظمتها مؤسسة بوغروب البحثية، وشارك فيها إلى جانب تيم كولينز، ستيفن ميرلي، وهو محقق وباحث ومحلل استخبارات، يتمتع بخبرة 25 عاما فى مجال التحقيق فى الشبكات المعقدة والسرية للأفراد والشركات والمؤسسات، بالأدلة كيف أن جماعة الإخوان المسلمين يتخذون من لندن عاصمة لهم تدير من خلالها أعمالها وتركز فيها شبكتها الإعلامية والمالية، ضمن أجندة تستهدف أمن دول عربية حليفة كما تستهدف أيضا عمق الدولة البريطانية، والمجتمعات الغربية، على المدى الطويل.
واستشهد كولينز بدفع أكثر من 125 مليون يورو فى جميع أنحاء أوروبا من قطر إلى مؤسسات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين. وذهب أكثر من 18 مليون يورو من جملة هذا المبلغ إلى أقسام بعينها فى جامعة أكسفورد.
وقال إن التمويل الذى يحصل عليه الإخوان هو الدم الذى يسرى فى عروق هذا التنظيم، مشيرا إلى أن هناك تنظيمات كثيرة تابعة للإخوان ويحظون بدعم قطر ماليا دون أى قيود، وهذا يعنى أن على الحكومات الغربية أن تراجع أيضا علاقاتها بالدوحة، التى تقدم نفسها على أنها صديق للغرب.
وتساءل كولينز: «لماذا الغرب والدول الأوروبية يغضون النظر عما تقوم به قطر ولا سيما أنها تضر بأصدقائها»، مضيفا أن علاقة الإخوان مميزة مع قطر مما دفع السعودية وحلفاءها لمقاطعة قطر، لا أعرف لماذا لا تقوم الدول الأوروبية أيضا بانتهاج نفس الخط بالمقاطعة».

نفوذ إخوانى أوروبى

طرح نفس التساؤل ستيفن ميرلى الذى تركزت مداخلته أساسا على الدور القطرى فى دعم الإخوان وإلى أى مدى يشكل هذا التداخل بين السياسة القطرية والأجندة الإخوانية تهديدا لبريطانيا، حيث يحاول الإخوان اختراق مؤسسات أوروبية ليفرضوا نفوذهم داخل المجتمع الأوروبى.
تيم كولينز: ما قدمه تقرير جينكينز يكفى لإثبات تورط الإخوان فى أعمال إرهابية
تيم كولينز: ما قدمه تقرير جينكينز يكفى لإثبات تورط الإخوان فى أعمال إرهابية
وانطلق ميرلى فى تحليله من تقديم أمثلة ملموسة من ذلك الحديث على جمعية “قطر الخيرية” التى تأسست سنة 1992 فى الدوحة والتى تعتبر الهيكل والمصدر المالى الأساسى للإخوان. أوضح أن هذه الجمعية لها عدة فروع فى عدة دول، وتعمل فى عدة مجالات تحت غطاء العمل الخيرى ولكن فى الحقيقة هناك أدلة كثيرة تشير إلى أن تمويلا كبيرا يصبّ فى جيوب الإخوان.
وأشار إلى أن جهات رسمية فى الولايات المتحدة الأمريكية أكدت تورط هذه الجمعية، التى لها مكاتب فى 14 دولة أوروبية، فى أعمال إرهابية. وافتتحت هذه الجمعية مكتبها فى لندن فى عام 2014، وأغلب المشتغلين بها قطريون حاملون لجنسيات أوروبية.
وتمول مثل هذه الجمعيات مراكز لتدريب الأئمة ومراكز دينية ومساجد تحت إشراف الإخوان. أنشأت جماعة الإخوان، هياكل واسعة لها داخل المملكة المتحدة، وبادرت بجمع الأموال وتنظيم الفعاليات الثقافية والاجتماعية والسياسية والقيام بمجموعة واسعة من الأنشطة.
وركزت الجماعة على توجيه خطابها إلى الجاليات المسلمة فى بريطانيا، واتخذت من الجمعيات والمنظمات الخيرية غطاء لعملها. وأشار ميرلى إلى أن التمويل الإسلامى يتوسع بشكل كبير فى بريطانيا مذكرا بمشروع المركز الإسلامى الكبير فى شيفيلد. وكانت مصادر أمنية بريطانية قد أعربت عن مخاوف بشأن المبالغ التى تم دفعها للمساجد التى اجتذبت الملايين من التبرعات من قطر ومن جمعيات خيرية.
ولفت الخبير البريطانى إلى أن الإخوان تنظيم مائع الشكل والتراتبية ليس له رأس محدد وفروع واضحة، مضيفا أن فروع الإخوان لا تتلقى تعليمات مركزية بمقدار ما هى شبكة أفقية تتحرك ضمن توجهات وتوجيهات عامة تحددها التطورات والمتغيرات.
 ويوضح ميرلى هذه الفكرة من خلال الحديث عن اهتمام إخوانى لافت، فى الفترة الأخيرة، بالجالية اليمنية فى بريطانيا، وأوروبا عموما، حيث يشير إلى أنه تم رصد تركيز من قطر الخيرية والإخوان باليمنيين فى أوروبا وعمليات استقطاب كبرى لجماعات وتنظيمات إسلامية معروف أن قادتها من اليمن، الذى يشهد حربا بين الحوثيين، المدعومين من إيران حليفة قطر، وقوات استعادة الشرعية المدعومين من التحالف العربي، بقيادة السعودية والتى تناهض أغلب الدول المشاركة فيه جماعة الإخوان المسلمين.
وتشكل بؤر الصراعات والحروب بيئة مناسبة لنشاط الإخوان تحت ستار العمل الخيرى وضرب السياسات المعارضة لهم، وفى اليمن يبحث الإخوان عن فرصة للوصول إلى السلطة، كما فى دول أخرى، وهم يهددون بذلك هذه الدول كما مصالح حلفائها الغربيين مثل بريطانيا.
ويحث ميرلى هنا، الحكومات الأوروبية على ضرورة مراجعة السياسات التى تمنح الإخوان قبلة الحياة لأجندتهم التخريبية، مشيرا إلى أن بعض الدول الخليجية التى تورطت سابقا بدعم الإخوان، الآن صارت تحاربهم بعدما شاهدت آثارهم التخريبية، مشيرا إلى أن الإخوان يتحركون بدهاء فهم يتجنبون أى عمل إرهابى أو عنفى داخل الدول الأوروبية مما يجعل من الصعوبة اتخاذ قرار بمنعهم، كما أنهم يستغلون السياسات الغربية فى العالم الإسلامى لتجنيد العملاء والموالين.
وأضاف ميرلى أن الإخوان يستخدمون التدخل فى أفغانستان والعراق كبروبغندا ضد الغرب، مستطردا إلى أنه مهما فعل الغرب فى العالم الإسلامي، فإن الإخوان سيوظفون ذلك بعقلية مؤامراتية. وشدد على أن جماعة الإخوان ليست منظمة دينية بل سياسية تستخدم الدين كوسيلة للوصول إلى الحكم.

نقلاً عن صحيفة
العرب اللندنية