الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

ملحمة وطنية.. وإرادة شعب

ملحمة وطنية.. وإرادة شعب
ملحمة وطنية.. وإرادة شعب




تقرير - أحمد إمبابى

قبل خمسة أعوام، وتحديدا فى الثلاثين من يونيو 2013، خرجت الملايين من أبناء الشعب المصرى بمختلف فئاته وشرائحه، ليثبت للعالم أجمع أنه أكثر وعيًا مما تصور أعداؤه، وأقوى إرادةً مما اعتقد مَن حاولوا سلب إرادته، وأشد عزمًا ممن أرادوا به الشر.
إسقاط حكم المرشد كانت هى الغاية، وبثورة شعبية سلمية كانت هى الوسيلة، وبدعم القوات المسلحة لإرادة الشعب المصرى كان التنفيذ، ثم بيان اتفاق القوى الوطنية بعزل محمد مرسى ووضع خارطة طريق متفق عليها كانت هى النتيجة.

فى مثل هذه الأيام المجيدة، انتفض المصريون بأعدادٍ غير مسبوقة، ليسطروا ملحمةً وطنية فريدة، عمادها الحفاظ على الوطن، أرضِه وهويته، استقلاله وحريته، من قوى تصورت أنها نجحت فى السيطرة على مقدرات هذا الشعب.
مشهد ثورة الثلاثين من يونيو وتفاعل شرائح الشعب المصرى ومؤسساته مع إرادة أبناء هذا الوطن، مثّل نموذجا فريدا فى تاريخ الثورات الشعبية، حيث يثور الشعب ويعلن إرادته واضحة جلية، فتستجيب له مؤسسات دولته الوطنية، فى مشهدٍ تاريخى، لن يُمحَى من ذاكرة من عايشوه، وسيظل ملهما لأجيالٍ مقبلة من أبنائنا وبناتنا.
وقتها قال الشعب المصرى العظيم كلمته بصوت هادرٍ مسموع، لينحنى العالم احتراما لإرادته، ويتغير وجه المنطقة وتتغير وجهتها.. وقتها انتفض ملايين المصريين، نساءً ورجالا، شيوخا وشبابا، ليعلنوا أنه لا مكان بينهم لمتآمرٍ أو خائن، وليؤكدوا أنهم لا يرتضون قِبْلَةً للعمل الوطنى إلا الولاء لهذا الوطن، والانتماء إليه بالقول والفعل.
نجاح الدولة المصرية فى مواجهة التحديات
ما يستحق أولا التوقف معه فى الذكرى الخامسة لثورة الثلاثين من يونيو، تطور صيغة خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى فى هذه الذكرى، ذلك أن الرئيس تحدث بحسم فى كلمته بالذكرى الخامسة للثورة عن نجاح الدولة المصرية فى مواجهة ثلاث تحديات رئيسية أنتجتها ما أسماه بسنوات العاصفة التى مرت بها مصر والمنطقة منذ عام 2011.
وعدد الرئيس تلك التحديات فى غياب الأمن والاستقرار السياسى، وانتشار الإرهاب والعنف المسلح، وانهيار الاقتصاد، مطالبًا كل مصرى ومصرية بأن يشعر بالفخر بما أنجزته الدولة فى مواجهة هذه التحديات، فى حين كان خطاب الرئيس العام الماضى يتحدث عن ثلاث مسارات مضت فيها الثورة منذ انطلاقها فى 2013 وهى التصدى للإرهاب مواجهة القوى الخارجية الداعمة له وتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية.
والتطور هنا أن الرئيس يتحدث عن ثمرة نجاح تحققت نتيجة لمسارات ثورة 30 يونيو منذ بدايتها تحقيقًا لتوافق القوى الوطنية كمايلي:
1- على صعيد الأمن والاستقرار، استكملت فى مصر تثبيت أركان الدولة وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية، من دستور وسلطة تنفيذية وتشريعية، ليشكلوا مع السلطة القضائية الشامخة، استقرارا سياسيا.
2- على صعيد التصدى للإرهاب والعنف المسلح، نجح هذا الوطن الأبي، بطليعة أبنائه فى القوات المسلحة والشرطة، وبدعم شعبى لا مثيل له، فى محاصرة الإرهاب، ووقف انتشاره، وملاحقته أينما كان، وصمدت مصر وحدها، وقدمت التضحيات الغالية من دماء أبنائها الأبطال.
3- على صعيد الأوضاع الاقتصادية بدأ تنفيذ برنامج شامل ومدروس بدقة للإصلاح الاقتصادى الوطنى، ونتج عنه ارتفاع احتياطى مصر من النقد الأجنبى من حوالى 15 مليار دولار ليصل إلى 44 مليار دولار حاليا، مسجلا أعلى مستوى حققته مصر فى تاريخها، كما ارتفع معدل النمو الاقتصادى من حدود 2% منذ خمس سنوات ليصل إلى 5.4%.  

كانت هناك عشرات الأسباب التى تدفع ملايين المصريين للاحتشاد فى الشوارع والميادين، دون الالتفات لتهديدات عناصر جماعة الاخوان، فقد افتعلت الاخوان عشرات الأزمات الداخلية والخارجية ودخلت فى خصومة مع مؤسسات الدولة وفئات وشرائح المجتمع المصرى، مما زاد من حجم الانقسام الداخلى وتهديد الأمن القومى المصرى.
خلال عام واحد كانت الإخوان قد دخلت فى صدام مع القضاء وككان أبرز تلك المشاهد حصار المحكمة الدستورية وعزل النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، وصدام آخر مع الإعلام بحصار مدينة الإنتاج الإعلامى، وصدام مع الشرطة والأمن بالسعى لأخونة أجهزة الأمن.
ليس هذا فقط، لكن تسارع الإخوان للسيطرة على كافة مؤسسات الدولة وأخونة المناصب القيادية، وتجاهل مختلف دعوات الحوار الوطنى والتوافق السياسى.
كل هذا بالاضافة لإخفاق الجماعة خارجيا مما تسبب فى عزلة مصرية وتهديد المصالح المصرية فى إفريقيا وحقوقها التاريخية من مياه نهر النيل.. حتى أن الصورة التى تشكلت فى ذهن المواطن المصرى أن هناك عشوائية بينة فى إدارة الحكم فى مصر.

تفاعل الشعب المصرى مع مطالب القوى السياسية بعزل حكم الإخوان قبل ثورة 30 يونيو بعدة أشهر، عندما نجحت حركة تمرد فى جمع أكثر من 22 مليون استمارة تطالب برحيل المعزول محمد مرسى واجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
كانت رسالة واضحة من الشارع المصرى لرفض حكم الجماعة قبل ثورة 30 يونيو، ورغم ذلك تجاهلتها الاخوان ومؤيدوها وأخذوا يشككون ويتوعدون القائمين عليها.
لم ينتظر الشعب المصرى استجابة الإخوان لدعوات القيادة العامة للقوات المسلحة بالاستجابة لمطالب المواطنين خلال مهلة تم تحديدها بأسبوع، وخرجت الملايين لاستعادة مسار الدولة المصرية إلى مسارها الصحيح.
كانت الثورة وهتافاتها حاضرة فى مختلف الميادين، بالتحرير وعبدالمنعم رياض وطلعت حرب وإلى جانب قصر الاتحادية وميدان مصطفى محمود بالجيزة وفى ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية وميدان الأربعين بالسويس وميدان الشونة بالمحلة، وميدان التركى بأسيوط ومختلف مدن المحافظات.
وسرعان ما تفاعلت القوات المسلحة مع مطالب الملايين فى الميادين المختلفة، المطالبة بانهاء حكم الاخوان، ووقفت داعمة لارادة المصريين، ليؤكد الجيش المصرى مرة أخرى دعمه لإرادة الشعب مثلما حدث فى الخامس والعشرين من يناير.
فى عصر اليوم التالى الأول من يوليو، أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانًا يمهل القوى السياسية 48 ساعة لتحمل أعباء الظرف التاريخى، وذكر البيان أنه فى حال لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة فإن القوات المسلحة ستعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها.
وكالعادة تجاهلت الإخوان كل هذه المطالب، حتى مشهد النصر، لحظة نجاح الثورة فى الاطاحة بحكم الاخوان، عندما ظهر الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع وقتها فى مساء الثالث من يوليو مع ممثلى القوى الوطنى لإعلان خارطة الطريق وانهاء حكم الاخوان.

منذ نجاح ثورة 30 يونيو مرَ مسار الحكم فى مصر بمنعطفات مختلفة.. تحديات مختلفة ومخاطر عدة مرت بها الدولة المصرية، كان أبرزها تحدى العنف والإرهاب، ومحاولات إفشال الدولة المصرية، لكن الدولة والأجهزة الأمنية استطاعت مجابهة أخطر موجات للارهاب حفاظًا على أمن الدولة المصرية.
كان التحدى الأهم هو تثبيت دعائم مؤسسات الدولة المصرية حفظ أمن واستقرار الدولة فى مواجهة قوى الارهاب، بما يضمن استكمال تشكيل المؤسسات الدستورية.
وبالفعل نجحت الدولة فى وضع دستور جديد والاستفتاء عليه فى يناير 2014، واجراء انتخابات رئاسية فاز بها بأغلبة ساحقة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى يونيو 2014.
بتولى الرئيس السيسى مقاليد الحكم كانت الدولة المصرية مع منعطف جديد فى إدارة الحكم، اعتمد فيه على علاج مشكلات وأزمات يعانى منها المواطن وبالتوازى طرح مشروعات تنموية جديدة.
الاستراتيجية التى تبناها الرئيس السيسى فى فترة حكمه والذى بدأ تقريبا مع الذكرى الأولى لثورة الثلاثين من يونيو استهدفت علاج الإرث الثقيل من التحديات والمشكلات التى عانى منها المواطن المصرى لسنوات من التجريف السياسى والتردى الاقتصادى والظلم الاجتماعى وغياب العدالة الاجتماعية وطرح مشروعات كبرى تضع مصر على خريطة التنمية وتوفر فرص عمل.
 وحتى تتضح الصورة كاملة سنعدد فى تلك السطور أبرز مكاسب ثورة 30 يونيو، وأبرز ما تحقق على مدى خمس سنوات من مشاريع وإنجازات غيرت من الواقع المصرى الداخلى بشكل يشعر به المواطن على عكس ما تم فى حكم الإخوان، حتى وإن بقت تحديات لا يزال يعانى منها شرائح مختلفة من المجتمع المصرى ويتم التعامل معها.. ومن هذه المكاسب:
1- تنفيذ خارطة الطريق التى توافقت عليها القوى الوطنية فى بيان 3 يوليو 2013.
2- استعادة الأمن والاستقرار الداخلى بعد فترة من الانفلات الأمنى والهجمات الارهابية.
 3- نجحت الدولة فى إنجاز مجموعة من المشروعات القومية فى أوقات قياسية، أبرزها مشروع حفر قناة السويس الجديدة.
4- أعلنت الدولة عن أكبر مشروع للإسكان الاجتماعى.
5- تطوير العشوائيات والمناطق الخطرة.
6- نفذت الدولة مرحلة مهمة من المشروع القومى للطرق الذى يستهدف رصف 30 ألف كيلو متر.
7- أعلنت الدولة عن مشروع قومى للاستصلاح الزراعى وهو مشرو المليون ونصف المليون فدان.
8- واجهت الدولة أزمة انقطاع الكهرباء التى كانت عبئا على المواطنين خاصة فى فصل الصيف، ونجحت فى تنويع مصادر الطاقة الكهربائية .
9- نجحت الدولة فى توفير الطاقة والوقود لكافة المصانع والمستثمرين.
10- وضعت الدولة خطة للرعاية الصحية وتطوير المستشفيات، ومن أهم ملامحها برنامج القضاء على فيروس سى.
11- ولم تغب سيناء عن مشاريع التنمية، حيث تنفذ الدولة مجموعة من المشروعات تستهدف التنمية فى شبه جزيرة سيناء.
12- اهتمام الدولة بالشباب، وترجم ذلك مجموعة من المبادرات والفعاليات، أهمها البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة.
 13- وأعلنت الدولة عن إنشاء 6 مدن جديدة هى العاصمة الإدارية الجديدة، ومدن العلمين الجديدة والإسماعيلية الجديدة وشرق بورسعيد والجلالة البحرية والسويس الجديدة.
14- تطوير تسليح الجيش المصرى وتطوير قدراته الدفاعية والهجومية لصد أى هجوم على الدولة المصرية.
15- نجحت الدولة المصرية خارجيًا فى استعادة علاقاتها مع مختلف دول العالم بسياسة خارجية تعتمد على التوازن.