الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«إحنا آسفين يا فاروق حسنى»





 
مخرج مسرحى جرىء ومحترف اشتبك فى معارك عديدة على مدار تاريخه الفنى وكان آخرها معركته مع عرضه «فى بيتنا شبح» عندما تقرر إيقافه نظرًا لتعسر وزارة الثقافة ماليًا إلا أن عصام السيد لم يصمت على ذلك بل اعترض وظل يتساءل حتى الآن اين ذهبت ميزانية الإنتاج ومن المسئول فعن معاركه وأعماله وحال المسرح فى مصر حدثنا السيد فى هذا الحوار:
 
تقييمى للمسرح خلال العام الماضى أنه إلى حد ما معقول لكن إذا اعتبرنا أن السنة المالية تنتهى فى 30 يونيو فبالطبع نحن فى كارثة حقيقية لأن الميزانيات انتهت بالقطاعين المسرح والفنون الشعبية منذ شهر أكتوبر الماضى ويقال إن الميزانية انتهت تمامًا بدليل أنهم أوقفوا «فى بيتنا شبح» وحرمت من السفر إلى الإسكندرية لهذا السبب وعرضت فى العيد ثمانية أيام بصعوبة شديدة لنفس السبب وطالت أيضًا الأزمة المالية عرضى «ليل الجنوب» للمخرج ناصر عبدالمنعم وعرض «حنظلة» لإسلام إمام وإذا كانت هناك أزمة مالية بالفعل فلن تكون هناك عروض مسرحية حتى 30 يونيو المقبل!!


■ هل تؤيد المنطق الذى تعامل به البيت الفنى وهو إيقاف العروض حتى ولو كانت ناجحة فى سبيل تقديم عروض أخرى؟
- هو منطق خبيث لأنه لا يمكن أن أقول لزملائى لا تعملوا حتى استكمل عرضى فهم يحاولون عمل وقيعة بيننا لكننى أكرر سؤالى لماذا ضاعت الميزانية مبكرًا هذا العام رغم أنها من قبل كانت تنتهى فى إبريل لكننا فوجئنا منذ خمسة أشهر بانتهاء الميزانية ولا أحد يجيبنا عن تساؤلاتنا، إلى جانب أن وزارة الثقافة أصيبت بالصمم أو باللامبالاة ولا نعلم السبب.
 
■ هل تتوقع أى تغيير فى أحوال المسرح خلال 2013؟
- إذا ظلت هذه القيادات فى وزارة الثقافة لن يحدث شىء جديد لأن بعضهم لا يفهم ما يفعل ولا يعى للأسف أهمية المسرح والبعض الآخر ينفذ بدقة خطة موضوعة لمحاصرة المسرح فى مصر بمعنى أن هذا سبق وحدث فى باكستان عام 1989 عندما حوصر المسرح بحجة عدم وجود أموال للإنتاج وأماكن للعروض فبدلا من إغلاق المسرح بشكل مباشر يتم حصاره بطرق أخرى فهم قصوا أطرافه حتى يموت القلب وهذا ما يحدث حاليًا ستظل هذه القيادات لتنفيذ الخطة، فعلى سبيل المثال من ضمن ما قيل فى مهاجمة «فى بيتنا شبح» أن ميزانيتها كبيرة وتهاجم الإخوان فى الوقت الذى يصرف على مهرجانات أخرى مبالغ طائلة ثم تستمر بالشهور ويتم توفير الأموال لها، ويقال إن الأموال صرفت لعمل زيادات الإداريين حتى لا يقف موظف أمام مكتب مسئول وفى رأيى هذا نوع من أنواع التحايل على مطالب الجماهير لأنهم عملوا على إيقاف الإنتاج لتلبية المطالب الفئوية حفاظًا على مناصبهم.


■ فى رأيك هل تتوقع أن يسود مسرح الإخوان الفترة القادمة؟
- مستحيل لا يمكن أن يحدث ذلك لسبب بسيط أن المهمومين بالمسرح فى مصر لن يصمتوا وسيبحثون عن منافذ أخرى مثل الفرق المستقلة أو المراكز الثقافية.
 
 

 
■ على مدار تاريخك الفنى عاصرت فترات مختلفة بالمسرح فى رأيك متى كانت أزهى عصوره؟
- ليس هناك أزهى وقت أو أسوأ وقت لأن كل فترة لها إيجابيات وسلبيات فعلى سبيل المثال فى عهد فاروق حسنى كان هناك إنتاج غزير بمعنى أنه كان يعتمد على الإنتاج المهرجاناتى دون أن يهتم بتأسيس ثقافة حقيقية وهذه تسمى «ضجة بلا طحن» لكنها بالتأكيد أفرغت وأخرجت كوادر جديدة لكن كان من المفترض أن تؤسس هذه الفترة لصناعة استراتيجية فى الثقافة أكثر من ذلك بينما تركت أثر إيجابى فيكفى أننا شاهدنا عروضاً متنوعة بمهرجان المسرح التجريبى ومنها جاءت مدارس مسرح الجسد بدلا من اعتماد المسرح على اللغة المنطوقة فقط، فلا ننكر أنه حدث تطور واحتكاك من كثرة المهرجانات، أيضًا فترة الستينيات التى كان يقال عنها أفضل عصور المسرح رغم أنها كانت تحمل سلبيات وشهدت مشاكل ومعارك بين تقديم الكم والكيف.
 
■ هل ترى أن وقت فاروق حسنى كان جيدًا رغم أن الكثيرون يرون العكس دائمًا؟
- أريد أن أقول «إحنا آسفين يا فاروق يا حسنى» ليست هناك فترة سلبية بشكل كامل كما ذكرت أو إيجابية تمامًا لكن بالنسبة للفترة الحالية ليس هناك شىء إيجابى أو سلبى لأنه لا يوجد إنتاج حقيقى والمسرح سيتوقف خلال شهر.


■ هل ترى أننا قادرون على إقامة مهرجان دولى الفترة المقبلة خاصة بعد إلغاء التجريبى؟
- سبق وقدمنا التجريبى طوال 23 سنة فأعتقد أننا نستطيع ولم لا لكن هذا الأمر ستحسمه فى النهاية وزارة الثقافة لأن المسألة فى يدها فالمهرجان الدولى كان اقتراح من لجنة المسرح وتمت الموافقة عليه ثم ذهب محضر اللجنة للوزارة وننتظر قرارها بالموافقة على إقامته لكن هناك سؤال مهماً لم يجبنا عليه أحد أين ذهبت ميزانية المهرجان التجريبى الذى لم يقم منذ عامين؟!!
 
■ كان لديك مشروع لإعادة طرح مسألة تجسيد شخصية الحسين على المسرح من خلال نص «الحسين ثائرا وشهيدا» ما آخر التطورات؟
- الرقابة لم تجبنا بعد لكنهم يقولون إن الموضوع مازال محل الدراسة وعرض النص على المجلس الأعلى للشئون الإسلامية لكنه منقسم بين الموافقة والرفض ولم يحسموا موقفهم حولها حتى الآن.
 
■ وماذا لو تم رفض العمل كما حدث من قبل؟
- سأقدم العمل سواء تمت الموافقة عليه أو لم تتم وأيام الراحل كرم مطاوع كان اعتراض الأزهر على أمرين ضرورة عدم تجسيد شخصية الحسين ثم اشترطوا أن يكون العرض ذا قيمة فنية عالية وعندما جاء موعد البروفة الأخيرة لعرض المسرحية اعترض الأزهر على الحوار وقالوا أن هذا ليس الكلام الذى قاله الحسين وهذا طبيعى لأن الحسين لم يدون وراءه أحد وهذه الكتابات كتبت بعد بمئات السنين فلا يعلم أحد ماذا قال وبالتالى من الممكن أن تختلف الروايات أو الألفاظ وفتحها كرم مطاوع لمدة شهر للجمهور بلا تذكر.
 
■ هل تتوقع حاليا نفس الموقف خاصة بعد تعدد التيارات الإسلامية؟
- أعتقد أن الأزهر لا يمكن أن يكون أقل من السعودية لأنها سمحت بتجسيد الحسين وعمر وأبوبكر وعلى فلماذا مازال يتعامل معنا الأزهر وكأننا أطفال، لكننى أعتقد أن رفضهم هذه المرة لن يكون خوفا من التيارات الإسلامية لكنى سيأتى الرفض بسبب النص نفسه لأن النص يتحدث عن علاقة الحاكم بالمحكوم فهو يرفض الكذب والخداع ويرسخ لفكرة أنه لا يجوز أن يعطى الرجل كلمة ثم يتراجع عنها فالنص له علاقة مباشرة بما يحدث حاليا، وهو نص سياسى منذ وقت كتابته لأنه يبيح الثورة على الحاكم عندما يرى المحكوم منه ظلما يقع عليه وتصبح الثورة واجبة، عكس المقولة التى يروج لها دائما لأنه لا يجوز الخروج على الحاكم وفى النهاية إذا رفض العرض لن أقدمه على مسارح الدولة.
 
■ ذكرت أنك تعكف حاليا على تأليف كتاب عن الفترات التى عاصرتها بالمسرح ماذا عنه؟
- مازلت أكتب حتى الآن وهو ليس مذكرات أو ذكريات بل أكتب عن معارك مسرحية عاصرتها ففى كل فترة كانت تحدث معارك وينتج عنها إما انتصارات أو هزائم فقد يسود رأى ثم يسود عكسه، لذلك أكتب للأجيال الجديدة حتى يعلموا أننا لم ندخر جهدا وحاولنا قدر ما نستطيع أن نقدم شيئاً حقيقياً بالطبع لا أتحدث عن نفسى لكننى أتحدث عن جيلا كاملا وما أورثه هذا الجيل للشباب المقبل وأؤكد لهم من خلال الكتاب أننا ليس لنا يد فيما ورثوه عنا من أزمات، كما أتحدث عن ارتباط المسرح بالاقتصاد والسياسية وتأثره بالتغييرات الاجتماعية السائدة من خلال صعود الطبقة الوسطى وسقوطها وكما قال محمد حسنين هيكل عندما لا تدخل السياسة فى الثقافة هذا نوع من أنواع السياسة فالكتاب يتناول المعارك المسرحية فى ظرف تاريخى.
 
 

مشهد من مسرحية فى بيتنا شبح
■ هل تتوقع حدوث ثورة ثانية فى 25 يناير المقبل؟
- لا أحب أن أحبط الناس لكن الثورة لن تحدث حاليا وأتوقع احتدام الأزمة وليس هناك أزمة بلا حل فإذا كان لدينا دستور باطل ومر بطريقة خطأ باجماع منقوص فأعتقد أن المعركة المقبلة ستكون الانتخابات البرلمانية وإذا حدث تروير لن تكون نهاية الطريق بل ستطول فترة الكفاح لأنه لن يستطيع أحد أن يقمع هذا الشعب الذى يفاجأنا دائما لذلك أعتقد أن الثورة المقبلة ستحدث عندما تمس لقمة عيش الرجل الفقير وقتها سيثور هذا الشعب ويفاجأنا بشدة كما فاجأنا من قبل لأنه قد تكون فى بلدان عديدة النخبة هى المحرك الأساسى للشعب بينما مصر دائما الشعب يكون هو المحرك الأساسى للنخبة وهكذا قالت جبهة الانقاذ إن الشعب هو الذى يحركنا دائما.