الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بهلول وإخوانه» احتلوا كورنيش النيل




على أنغام الموسيقى الصاخبة والإضاءات ذات الألف لون، يتمايلن بأجسادهن يمينا ويسارا ليسحرن المتواجدين برقصهن ويحاولن جذب المزيد من الحضور «الزبائن»، كما يحاول الباعة فرض منتجاتهم بشتى الطرق، خاصة عندما يكون بصحبتك «جنس ناعم» سواء خطيبتك أو حبيبتك أو حتى أختك بخلاف الكم الهائل من التحرش بالقول والفعل. هذا كله لا يحدث فى غرزة «المعلم سامبو» صاحب أشهر غرزة لتعاطى المخدرات فى قلعة الكبش، إنما يظهر بشكل فج وعلنى فى مكان تحدث عنه الكثير من المؤرخين أشهرهم «هيرودت» حين قال: «مصر هبة النيل» كورنيش النيل.. «فسحة الغلابة» التى لا تتكلف بضعة جنيهات ملاذاً لأغلب الأسر والشباب للتنزه والاستمتاع بسماء وليل القاهرة.. يحظون بساعة أو اثنين من التنزه بالمراكب النيلية وتناول البطاطا والترمس دون الشعور بخوف أو قلق تغيرت ملامحه إلى النقيض ليصبح مكاناً تسكنه البلطجة والعنف والاتاوات والتحرش بل والدعارة الكاملة فى ظل استمرار مسلسل الغياب الأمنى تزايد الانفلات على كل الأصعدة بداية من مراكب ومراس غير مرخصة وباعة جائلين، ليصبح السلاح والجريمة هما الطريق الوحيد للحصول على المال، وكان من الطبيعى أن يقل الاقبال ليقتصر غالبية الرواد على فئة المراهقين الفارين من مدارسهم أو بعض الشباب الجامعى حاولت «روزاليوسف» الدخول أكثر وأكثر فى سراديب ذلك العالم والتعرف على المتحكمين فيه فوجدنا الآتى:

هز وسط و«حاجات تانية»
بداية لم يكن لنا سبيلا لبيان حقيقة ما يقال إلا أن نصعد لتلك المراكب غير المرخصة لنرى بأنفسنا واقع الأمور بعد اخفاء هويتنا ومنذ أن وطأت اقدامنا المركب لفت انتباهنا العديد من الملاحظات لعل اولها أن كل الركاب من الشباب لا يتعدى عمر اكبرهم الثلاثين عاما، ولكننا لم نفهم فى حينها سر أن الركاب جميعهم من الذكور.
أكثر من خمس بنات يرقصن بلا انقطاع مع استخدام حركات مثيرة. ولاحظنا أيضا عند تحصيل صاحب المركب مقابل الرحلة انهن لم يدفعن مثلنا، حاولنا الاقتراب من احداهن بحجة تصويرنا، وتحدثنا معها قائلين: «هو ليه صاحب المركب مخدش منك فلوس»؟ فأجابت: احنا بنشتغل معاه، بتشتغلى ايه؟ بعد صمت اجابت: بنسلى الزبائن: والذى منه.. وكفاية كده احسن المعلم ياخد باله».
وإلى هنا انتهى حديثنا المقتضب ثم انقلب المركب إلى صالة ديسكو ليس فيها شىء «ممنوع»، فالرقص «الفاضح» بين الشباب و«بنات المعلم»، ناهيك عن المخدرات والتلامس الذى تطورت مراحله بشكل مبالغ فيه، ونحن فى حالة من الذهول حتى انتهت رحلتنا
 

المعلم «بهلول» صاحب الكورنيش
«أنا هكلمك بصراحة بس متكتبش اسمى، احسن يبهدلونى، الكورنيش ده بتاع معلمين كبار وهما اللى مدورين الدنيا هنا، وكلنا بنشتغل عندهم»، هكذا تحدث إلينا احد العاملين فى «كافتيريات الكورنيش» رافضا ذكر اسمه، واضاف جميع هؤلاء من عائلة واحدة تتولى السيطرة على كورنيش النيل منذ عشرات السنوات ولديهم جيش من العمال، اما عن اسمائهم قال: «المعلم الكبير بهلول الصعيدى واخوته».
«الريس دندراوى»
«بص يا أستاذ أنا عايز اقولك حاجة: من بعد الثورة سبوبة المراكب دى باظت» بهذه العبارة اعطى الريس حسين الدندراوى صاحب احدى المراسى على كورنيش التحرير الإذن لحنجرته بتصويب سهامها تجاه الجميع «شرطة المسحطات المائية، البلطجية، الإخوان، الرئيس»، واكمل: البلطجية احتلوا النيل واقاموا مراسى خاصة واشتروا مراكب غير مصرح لها، «من الآخر بيعملوا أى حاجة تجيبلهم فلوس مخدرات شغال، دعارة ماشى، ويوضح أنه رغم عدم تجاوز عدد المراكب المرخصة حاليا ضعف هذا الرقم وبالطبع غير مرخصة، والمراسى أيضا المرخصة حوالى عشرة فقط وربما هناك مثلها غير مرخص. وأضاف دندراوى: ورثت تلك المهنة عن اجدادى حتى أصبحت مالكا لأحد المراسى الخاصة، ولكنى لم أر فى حياتى مثل ما يحدث الآن، فمنذ الثورة الحال يسير من سيئ إلى أسوأ ولم يعد الإقبال على النيل كبيراً، كما كان فيومنا يبدأ بعد أذان المغرب ولا نجد زبائن إلا قليلاً رغم أن النزهة لا تتعدى الجنيهين للفرد، وكذلك لم تعد العائلات تفضل التنزه على الكورنيش خاصة بعد انتشار البلطجة والتحرش فأغلب الزبائن اصبحوا من المراهقين والأطفال.

«الحنطور»
وعلى احد جوانب الكورنيش يقف اصحاب الحنطور فى انتظار الزبائن وتحدث احدهم معنا قائلا أنه يعمل بتلك المهنة منذ سنوات وللاسف شهدت ركودا ولم تعد كما كانت، مدللاً على ذلك بان طعام الحصان يتعدى الثلاثين جنيها يوميا وربما لا يحصل فى نهاية اليوم على طعامه، ويحصل العامل على الحنطور ثلث الايراد لنفسه ولصاحب الحنطور الثلثين، واضاف انه هناك قرابة 5 مواقف للحنطور على الكورنيش ويشرف على كل موقف شخص يتولى ادارة العمل وتنظيم السير على الكورنيش طبقا لدور محدد مسبقاً
 
.
«كازينوهات الكورنيش»
أما عن أبرز السلبيات على الكورنيش يقول الـــــريس حجاج النوبى صاحب مركز «عروس النيل» أن السبب الرئيسى لــــعزوف «الزبائن» هو انتشار البلطجية والسريحة الذين استولوا على اجزاء كبيرة من الكورنيش وأقاموا عليها «غرز وكازينوهات» اســــفل الأسوار على حافة المياه مباشرة داخل مراكبهم غير المرخصــة، ويقومــــون بتأجير كراسى بالمشروبات باسعار مرتفعة عن المراكب فى مقابل السمــــاح بجميع أنواع التجاوزات من تعاطى للمخدرات وممارسة الدعارة خـــــاصة ليلاً
 
 

«الأمن مستتب»
وحول الاوضاع الأمنية تحدث مصدر أمنى «برتبة عميد وهو أحد المسئولين فى شرطة المسطحات المائية» عن الوضع الأمنى بالكورنيش قائلا أن حال الكورنيش لا يختلف كثيراً عما يحدث بالدولة من فوضى، والجريمة كما هى منتشرة على البر فهى فى البحر والنهر أيضاً، وهناك تجاوزات تحدث على أسطح المراكب النيلية تسعى شرطة المسطحات للقضاء عليها، لعل ابرزها تناول مواد مخدرة والأعمال المنافية للاداب، وللاسف اغلب المتورطين فى تلك الممارسات طلاب مدارس فى مرحلة المراهقة وبعض الشباب والفتيات الهاربين من اسرهم.