الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د.خالد أبو الليل: الحدوتة المصرية تاهت وسط صفحات الإنترنت وأفلام الكارتون المدبلجة

د.خالد أبو الليل: الحدوتة المصرية تاهت وسط صفحات الإنترنت وأفلام الكارتون المدبلجة
د.خالد أبو الليل: الحدوتة المصرية تاهت وسط صفحات الإنترنت وأفلام الكارتون المدبلجة




حوار- مروة مظلوم

 

«بعد المديح فى المكمل أحمد أبو درب سالك نحكى فى سيرة وأكمل.. عرب يذكرون قبل ذلك فى سيرة عرب أقدمين.. كانوا ناسا يخشون الملامة رئيسهم أسد سبع ومتين.. يسمى الهلالى سلامة».. كلمات تغنى بها جابر أبو حسين ورواها الأبنودى فى مجلدات لواحدة من أهم ملاحم الشعوب العربية سيرة بنى هلال خلدها شعراؤنا الشعبيون واحتفظوا بها لأكثر من 850 سنة.. وبالنظر إلى غيرها من السير نجد أن الأبنودى ليس وحده من كان شغوفاً بجمع التراث من أغانى الشعراء على الربابة وإنما غيره الكثير سعى خلف قصصها ليجمع حقائق أغفلها كتاب التاريخ وأبطال بعضها حقيقى وبعضها أسطورى غلفت رواياتهم مايختلج فى صدور الشعب من نقمة وظلم وفساد وقسوة الغزاة، وينثرون فيها قيمهم وحكمتهم وبطولاتهم وأبطالهم الحقيقين أبطال قصص لم يعرها التاريخ اهتماما وحفظتها صدورهم قرون ..د. خالد أبو الليل أستاذ الأدب الشعبى بكلية الآداب جامعة القاهرة والحاصل على جائزة الدولة التشجيعية واحداً من متعقبى السير الشعبية وروايتها  كان لروزاليوسف معه هذا الحوار..

■ لماذا اخترت الأدب الشعبى كمادة للبحث والدراسة؟
توجهت لدراسة الأدب الشعبى بسبب نشأتى الريفية.. كنت أتلقى المأثورات الشعبية كالماء والهواء ، فكانت الحواديت والأمثال والأغانى كلها مواد أساسية كونت شخصيتى، وكان هذا دافعاً لى فى  البداية لتجنب الأدب الشعبى كمادة تخصص فوجهة نظرى عقب تخرجى أن الأدب الشعبى مجال مستصاغ لى ومهضوم وأولى بى دراسة شيء جديد،  ما أعادنى للتفكير فى جعلها مادة دراسة أننى رأيت فيها جنبا مفيدا للتخصص نفسه أن أدرس لشيء أنا أدرى الناس به فعلى السبيل المثال ليس سهلا على ابن القاهرة عمل دراسة ميدانية فى الصعيد بينما يكون الأمر ميسرا لابن الريف والصعيد فهو أدرى الناس ببيئته التى تربى ونشأ فيها،وعليه نويت استكمال المشوار وصقل الخبرة بالدراسة باعتبارى ابن هذه الثقافة.
■ لماذا ربطت الإبداع الشعبى بالمرأة المصرية واعتبرتها جزءًا منه يستحق الدراسة ؟
صورة المرأة فى الأدب الشعبى أول قضية أخذتها على عاتقى منذ عام 2006، وكان أول كتاب لى بعنوان «الإبداع الشعبى والمرأة المصرية» وذلك لأن الصورة مغلوطة وهناك من تاجر بهذه القضية واتهموا الأدب الشعبى بأنه أدب مضطهد للمرأة ويحمل لها العداء واستدل أصحاب هذا الرأى إلى عدد كبير من الأمثال والحكايات وغاب عنهم الموضوعية، لكن الحقيقة تقضى بأن الأدب الشعبى ابن السياق الثقافى والاجتماعى،يتحكم فيه الموقف «تبعاً للموقف وظروفه » تتكون الصورة، وبنظرة موضوعية للأدب الشعبى نجد أنه لا اضطهد المرأة ولا انحاز للرجل ضدها، وإنما يسير وفقاً لسياق الموقف وظروفه» فإن كان جيدا امتدح صاحبه رجلا كان أو امرأة وعلى العكس إن كان مسيئاً .. فهو يعتمد على نظرة العين للموقف وتقييم العقل له، فما كان منى إلا أن أصدرت كتابا بعنوان «المرأة والحدوتة  دراسة فى الإبداع الشعبى الحكائى للمرأة المصرية» عام 2008 عن دار العين للنشر،وخلال السنوات الأربع التى أعقبتها قمت بمجموعة من الأبحاث المرتبطة بهذا الموضوع ثم صدر لى كتاب الإبداع الشعبى والمرأة المصرية عن الهيئة العامة لقصور الثقافة مكتبة الدراسات الشعبية،والكتابين تناولوا القضية بحيادية من زوايا متعددة لكن الباعث الحقيقى لإهتمامى بهذه القضية أن هناك من يسعى لوضع الأدب الشعبى فى خانة ضد حقوق المرأة وهى أمور بعيدة كل البعد عن الواقع.
■ فى كتاب «المرأة والحدوتة» تناولت فكرة حفاظ المرأة على التراث فهل المرأة المصرية حافظة التراث؟
المرأة حافظة التراث وليس فى مصر فقط وإنما على مستوى العالم لدرجة أن الأديب الألمانى «جوتة» يقول: «كثيراً ماهوجمت الحواديت لا لشيء إلا أنها حكايات العجائز»، الحقيقة تقضى بأن النساء يحفظن التراث وينقلنه بحرفية  حتى أن علم الفلكلور فى مصر فى بداية القرن العشرين كان يسمى بـدفتر النسوان - مصطلح شائع فى هذه الفترة- وذلك لأن معظم قضاياه مرتبطة بالمرأة..وهناك العديد  من مشروعات اليونسكو تعتمد على فكرة أن المرأة حافظة التراث.
■ حدثنا عن محاولات اليهود لإقحام قصصهم فى التراث المصرى؟
كان لى كتاب بعنوان «صورة اليهودى فى الأدب الشعبى العربى» صدر عن المجلس الأعلى للثقافة عام 2009 عندما كنت أحمل فكرة معينة تبددت بجمعى لمادة البحث وكتابته  فبوصفى باحث عربى مسلم ضد الصهيونية .وجهة نظرى قبل البحث أن الأدب الشعبى العربى منذ نشأته لايحمل لليهود إلا العداء إلا أن النصوص التى جمعتها قادتنى لحقيقة أخرى،أن صورة اليهودى فى الأدب الشعبى العربى القديم عادية جداً لايوجد موقف عدائى فشأنه شأن المسلم والمسيحى، جميعهم وقع فريسة لنفس الظروف السياسية والاجتماعية خلافاتهم حياتية لا علاقة لها بالدين ولا السياسة كخلافات المسلم مع المسلم والمسيحى مع المسيحى على العكس كان العداء بين اليهود والمسيحيين أشد ويرجع ذلك إلى معتقد اليهود الدينى «فطيرة من دم المسيح» فى عيد الفصح كان اليهود يختطفون أى مسيحى على الطريق لعمل فطيرة من دمه وهو ماولد صورة ذهنية عند كل مسيحى أنه فى أى وقت يمكن أن يكون ضحية لفطيرة اليهود، وهناك قضايا فى هذا الشأن معروفة فى لبنان وأوروبا وبها أسماء حاخامات اتهموا فيها  وحكم على 16 حاخاما فى قضية لبنان،وهو ما أتهم فيه عادل حمودة  بمعاداة السامية عندما ترجم كتاب يحمل نفس الفكرة ويحكى قصة موثقة.
خلاصة القول ماكان بين المسيحيين واليهود أقوى بكثير مما كان بين اليهود والمسلمين، والدليل أن اليهود فى العالم العربى كانوا يتمتعون بجميع حقوقهم فى عهد عبد الملك بن مروان وفى عصر صلاح الدين الأيوبى عُين وزير يهودى علماً بأن أوروبا حتى القرن الـ18 كانت تمنع اليهود من تقلد المناصب الرسمية فى الدولة،ففى بريطانيا على سبيل المثال كان هناك يهودي ليتقلد منصب الوزير غير ديانته تنصر لأنه كان من الصعب تقبله اجتماعيا داخل بلاط الحكومة وهو يهودى، هذه العنصرية لم تكن موجودة عند العرب، فى حين أنه فى أوروبا كان التمييز واضحا فى الملبس فى الشكل، حتى فى حكايات ألف ليلة وليلة قدمت اليهودى كشخص عادى جداً خلافاتهم كخلافات أبناء الملة الواحدة حياتية.
■ متى وقع التمييز والخلاف وروج للصورة الشائعة لدينا عن اليهودى؟
الخلاف والتمييز حدث بأيدي اليهود أنفسهم إذا وقع بعد وعد بلفور وفكرة إنشاء وطن قومى لليهود «دولة دينية» فأصبح المجتمع العربى فى مواجهة منظومة أفكار مختلفة فكيف يفرق بين اليهودى جاره الذى يختلف عنه فقط فى أسلوب العبادة ويتفق معه فى المعتقد والأخلاق والمبادئ،وذلك الإسرائيلى المغتصب للأرض العربية وهو ما أنعكس على تحول صورته فى الأدب الشعبى فأصبحنا أمام صورة مغايرة لليهودى فى الأدب الشعبى.. تختلف تماماً عن صورة اليهودى المسالم المتعايش فى سلام مع جيرانه من المسلمين والمسيحيين، فصار اليهودى فى الأدب الشعبى هو «الإسرائيلي» الصهيونى المغتصب..حتى فى الأمثال الشعبية تحولت الصورة فهناك مثل شائع يقول: «حطوا اليهودى والحية فى كيس طلعت الحية تستغيث».. وغيرها من الأمثال والنكت التى تسخر من بخل اليهودى وأغتصابه وظلمه وجبروته لم يكن هذا موجودا قبل إعلان إسرائيل كدولة 1948.
■ هل كان لعهد جمال عبد الناصر دور فى تغيير صورة اليهودى فى المجتمع المصرى بنقل صورة مسيسة  للشعب؟
لم يكن الشعب بحاجة إلى دور سياسى لتغيير الصورة فالأدب الشعبى هو منتج شعبى، لكن وسائل الإعلام فى عهد عبدالناصر خلطت بين صورة اليهودى وصورة الصهيونى الإسرائيلى.. فضلا عن كون المنظمات الصهيونية ساهمت فى تأكيد الصورة من خلال أعمال عنف كحرق سينمات ومسارح مثل هذه المواقف تعجل بالصورة الذهنية السيئة الجديدة لليهود.
■ وماذا عن صورة عبد الناصر فى الأدب الشعبى وهو عنوان كتابك الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية ..فى رأيك ما هى أهمية بعث فكرة البطل القومى فى الأدب الشعبى وإلتفاف الناس حوله؟
فى التاريخ دائماً مايفقد الإنسان الثقة فى نفسه فيبحث عن الشخص المخلص ليسير تحت ظله ولذلك فكرة «البطل المخلص» فى الأدب الشعبى تسببت فى نشأة فن أعتبره فن المقاومة  الشعبية  وهو فن السيرة الشعبية ،وصداها نبت من فكرة «المهدى المنتظر» وهى الفترة التى يظهر فيها البطل المخلص يحل كل القضايا ويقضى على كل الأعداء ويمحو كل سيىء .. وفى الأدب الشعبى البطل المخلص يظهر الآن أما دينياً فوقته مجهول، أجيال حملت أمل ظهوره لكنه لم يظهر بعد  وهو ما يرسخ للعجز وفقدان الإنسان الثقة فى نفسه فلايحرك ساكناً لحل مشاكله، فقط ينتظر من يخلصه منها جميعاً.
أما البطل الشعبى بطولته قريبة جداً فيولد بطلا من بين الناس يخلصهم من كل مشاكلهم وهنا ظهر أبو زيد الهلالى وعنترة بن شداد والأميرة ذات الهمة والجازية وبيبرس والزير سالم وعلى الزيبق كل منهم وجهته كانت مختلفة وقضيته مختلفة وفقاً لقضايا وظروف الفترة التى عاشها،وبالتالى نشأة البطل الشعبى جاءت من انتصاره للقيمة الجماعية وليس للقيمة الذاتية وهى مشكلة ثوراتنا غير المكتملة لأنها تعتمد على الأنا الأعلى، كل يثور من أجل هدف يعود عليه بالنفع لا على الجماعة.. ولذلك لو قارنا رموز الحركة الفكرية والسياسية عقب ثورة 1952 نجدهم أكثر ثورية من شباب 25 يناير الذى خرج لأزمات تخصه وحده لا الوطن وعندما تحققت له بعض الأشياء التى تمناها نسى الشعار الذى استظل به فى ثورته وهو «الوطن» فإذا خرج عشرة شباب  ووصل أحدهم لمكانة ما تلقائياً يتنصل من التسع الآخرين.. وهو ماعبرت عنه سلفاً رواية «اللص والكلاب» لنجيب محفوظ، الحقيقة أن البطل الشعبى طوال الوقت تقابله مغريات فى موقع المسئولية ولايستسلم لها مادامت لاتخدم جماعته التى رفعته إلى هذه المرتبة.
■ هل كان ينقص ثورة يناير البطل الشعبى؟
أزمتها افتقارها للبطل الذى يلتف حوله الناس،وحتى صمود الـ18 يوم كانت بمثابة تنويم للصراعات بين التيارات السياسية وبعضها البعض، أشبه بتعهد ضمنى ألا ترفع شعارات تنشب أى نوع من الخلاف ولاتصب فى مصلحة الهدف الأساسي، وبعد إزاحة الرئيس مبارك تحولت مصر إلى «كعكة كبيرة» كل منهم يبحث عن نصيبه وينسب الفضل لنفسه وأختلفت الأقوال عن الأفعال وتناقضت غلبت المصلحة الخاصة عن العامة وازدادت الأنا علواً.. وكل هذا بسبب أنه لم تتحقق البطولة الشعبية وألتفاف الجماهير حول فكرة واحدة تجسد فى شخص يحملها ويسير بالركب إلى بر النجاة.
■ اليهود أيضاً سعوا خلف فكرة البطل الشعبى ونسجوا عنه قصصا غير حقيقية فى تراثهم تصل إلى حد سرقة التراث العربى.. مارأيك فى ذلك؟
اليهود طوال الوقت يحاولون أن يجدوا لهم مكانا ومكانة فى التاريخ يحوى رمزاً للبطولة، فضلاً عن محاولاتهم سرقة التراث الشعبى المصرى والعربى وينسبونه إلى أنفسهم لأنهم يخلطون الدين بالسياسة،التراث الدينى اليهودى موجود فهم من أول الديانات السماوية لا جدال لكنهم اعتبروا كل ماهو يهودى إسرائيلى بمعنى أن كل ماهو دينى سياسى.. فعلى سبيل المثال إذا سافر إليهم يهودى مصرى بمعتقداته بقصصه وعاداته أدرجوه ضمن التراث الإسرائيلى.. ولذلك هم لديهم أول أرشيف للفلكلور فى المنطقة منذ الأربعينيات.
كذلك هم أذكياء فى خطابهم للأطفال لأنه من السهل ترسيخ معتقدات وأفكار فى رأس الطفل منذ نعومة أظافره،فنجد أن القصص الشعبية المصرية تمت معالجتها وتهويدها وأضافوا إليها ماشاءوا من قيم وأساسيات لغرسها فى النشئ الجديد فى حين أن الحدوتة المصرية تاهت على صفحات الإنترنت وقنوات وأفلام الكارتون المدبلجة والمحملة بمعتقدات الدول التى تنتمى إليها.         
■ هناك خلط بين حكايات ألف ليلة وليلة المعربة والصينية؟
ألف ليلة الموجودة حالياً عربية صبغت بالطابع العربى مستحيل أن يتعايش نص مع الناس كل هذه العصور دون أن يتشرب بقصصهم وحكاياتهم، لم يكن لها هذا القبول لو تلقاها المجتمع كنص غريب، هى الآن تحمل نص الأفكار والقيم والمبادئ العربية والمصرية.. فى الحقيقة ألف ليلة وليلة  تمصرت بقصص المصريين.
■ كيف أبرزت السيرة الهلالية الخلافات والفرقة بين الشعوب العربية؟
بدأت بدراسة السيرة الهلالية منذ عام 2003 نظراً لأنها كانت موضوع رسالة الدكتوراة وقمت بدراسة ميدانية وصدر ثلاثة كتب مجلدة بعنوان «رواية السيرة الهلالية فى قنا» وكتاب بعنوان «السيرة الهلالية دراسة للراوى والرواية»، والسيرة الهلالية هى واحدة من عشرة نصوص لسيرة عنترة والزير سالم.. إلخ جميعهم ماتوا شفويا رصدتها فقط الكتب،لكن السيرة الهلالية هى الوحيدة الموجودة وتروى شفويا للآن ويرجع ذلك لصدقها مع واقع المجتمع العربى وهى فى غاية الموضوعية لم تجامله وأظهرت الحقيقة الصادمة له على سبيل المثال مقولة «كأنك يابوزيد ماغزيت» لو فهمها العرب لتخلصوا من الجزء الأعظم من مشاكلهم وخلافاتهم السياسية.. هذا المثل أطلق عقب وصول «بنى هلال» إلى تونس وسيطرتهم عليها من الزناتى خليفة.. لحظة نجاح بنى هلال فى السيطرة على تونس كانت لحظة الانقسام والتشتت بينهم فكانوا نموذجا مصغرا للمجتمع العربى.. فانقلب دياب على السلطان حسن وقتله وقتل أبوزيد الهلالى وكل أبطال بنى هلال وبدأت معها صراعات الثأر فيطلب أبناء حسن وأبوزيد الثأر من أبناء دياب ويصبح الوضع الجديد لهم أسوأ بكثير من وضعهم قبل انتقالهم إلى تونس «وكأنك يابوزيد ماغزيت».
إذا ما أسقطنا ذلك على الواقع العربى الحالى لا يختلف كثيرا.. بعد الثورة كأنك ياثائر ماثورت» مايحدث فى سوريا وتونس والعراق وليبيا كله بأيدينا ومالنا وسلاحنا ندمر أنفسنا ونضعف أنفسن ونفتت أنفسنا.. فصار مابين العرب وقطر أسوأ مما بينهم وبين إسرائيل وصار خلافاً أشد عداء وشراسة.. والواقع يقول أن كل المعارك التى هزم فيها العرب لم تكن لضعفهم أو لقوة الخصم وإنما كانت بسبب الخيانة.
■ هل اعتمد تقديم القصص الشعبى فى السينما على التحريف لما هو دارج فى حكايات الشعب وأدوار أبطاله؟
أى عمل يقدم برؤية كاتبه الدرامية وأوقات تطغى الدراما على التاريخ وترسخ صورة مغايرة فالقصة المصورة هى الأصدق والأقرب للناس وتعيش أكثر فى أذهانهم..وإن كانت تلك القاعدة لا تنطبق على كل القصص على سبيل المثال عندما عرضت «السيرة الهلالية «فى مسلسل ليسرى الجندى أثناء دراستى الميدانية للسيرة الهلالية فى قنا كانت هناك حالة من الغضب سيطرت على الأهالى ولسان حالهم «مش ده أبوزيد اللى نعرفه» ودافعوا عن شخصية بطل تروى حكايته فى قصصهم منذ ألف عام.
على العكس من صلاح الدين الأيوبى فهو بطل تاريخى وإن حمل سمات البطل الشعبى لكنه ليس بطل سيرة شعبية، وبالتالى تلقيهم لما ينسب لصلاح الدين من قصص فى الدراما هو تلقى سلبى فما يعرفونه عنه من الكتب لا السيرة المتداولة كشخصية عنترة أو الأميرة ذات الهمة أبوزيد وأدهم الشرقاوى، لذلك يمكن القول بأن إنتشار القصة بين الناس يحميها من التحريف السياسى والتلاعب بأهداف أبطالها.. لأنها قصة مجهولة المؤلف وبالتالى الناس وحدهم يحفظونها فى صدورهم و يدافعون عنها.