الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أنطون تشيخوف.. احتفى بالإنسانية ودعا عبر كتابته لإعادة التفكير بالمسلمات

أنطون تشيخوف.. احتفى بالإنسانية ودعا عبر كتابته لإعادة التفكير بالمسلمات
أنطون تشيخوف.. احتفى بالإنسانية ودعا عبر كتابته لإعادة التفكير بالمسلمات




كتبت: رانيا هلال


«إن التفكير الحر العميق الذى يسعى لفهم الحياة، والاحتقار التام لأباطيل الدنيا الحمقاء، هما النعمتان اللتان لم يعرف الإنسان شيئًا أسمى منهما» تلخص لنا هذه المقولة التى جاءت على لسان أحد أبطاله لنا فلسفة أنطون تشيخوف الذى تحل هذه الأيام ذكرى وفاته، وتكشف المقولة رؤيته للحياة والتى حاول أن يصفها لنا بكل ما يملك من أساليب سردية.
وُلد أنطون فى 29 يناير 1860، وهو الثالث من ستة أطفال بقوا على قيد الحياة بميناء على بحر آزوف فى جنوب روسيا كان والده بافل تشيخوف يوصف بأنه كان أبًا تعسفيًا بل نظر إليه بعض المؤرخون على أنه نموذج فى النفاق فى التعامل مع ابنه، أما والدة تشيخوف، فكانت راوية ممتازة فى حكايتها الترفيهية للأطفال عن رحلاتها مع والدها تاجر القماش فى جميع أنحاء روسيا.
- أوائل كتاباته
تولى تشيخوف مسئولية دعم جميع أفراد الأسرة،ودفع الرسوم الدراسية عنهم، كان يكتب يوميًا مختصرًا استكشافات فُكاهية ومقالات قصيرة من الحياة الروسية المُعاصرة تحت أسماء مستعارة مثل إخراجاته المُذهلة بدأت تكسبه السُمعة الطيبة تدريجيًا بأنه مؤرخ ساخر من حياة الشارع الروسي، وفى عام 1884، تخرج كطبيب، التى اعتبرها مهنته الرئيسة وقد أحرز القليل من المال من هذه الوظيفة وكان يُعالج الفُقراء مجانًا، وفى عام 1887، فازت مجموعة تشيخوف للقصص القصيرة فى الشفق  بجائزة بوشكين «لأفضل إنتاج أدبى مُتميز بقيمة فنية عالية.
- بداية الانطلاق
أصيب تشيخوف بالإرهاق واعتلال الصحة، فى رحلة إلى أوكرانيا التى أحيته بفضل جمال سهوب بحر قزوين، بعد عودته، بدأ بكتابة رواية السهوب وفى سرد الرواية التى تستطرد مع عمليات التفكير من الشخصيات، يثير تشيخوف رحلة الكرسى عبر السهوب من خلال عينى طفل صغير أرسل للعيش بعيدًا عن المنزل،كانا رفيقاه الكاهن والتاجر، السهوب، التى تم تسميتها ب «قاموس شعرية تشيخوف»، الذى شكل تقدماً كبيرًا لتشيخوف، وأظهرت قدرًا كبيرًا من جودة تخيله الناضجة التى تسببت فى نشر منشوراته فى مجلة أدبية بدلًا من الصحيفة.
ذاعت شهرة تشيخوڤ فى أوربا بأسرها، وأبدع قلمه روائع مشهورة منها: المهجع رقم 6، وقصة رجل مجهول، والراهب الأسود، وثلاث سنوات، والمنزل ذو العلية، وحياتى، وثلاثية الرجل المعلب ، والكشمش الشائك، وعن الحب، وإيونيتش، والسيدة صاحبة الكلب. وفى هذه الأعمال يتفاعل تشيخوڤ فنياً مع أهم المسائل الملحة فى عصره، وتتضمن قصصه الجديدة صوراً فنية مكتملة تنطوى على تحليل عميق للواقع، ويثير بعضها فى القارئ، على نحو غير مباشر، مشاعر الرفض للحكم القيصرى المستبد، ولواقع التفاهة والجشع واللهاث وراء المصالح المادية الدنيئة. وتبرز فى هذه الأعمال موهبة الكاتب وحسه المرهف فى تصوير شخصيات نموذجية حية تختزل بفنية عالية الطبائع الاجتماعية السائدة.
وكما كان تشيخوڤ رائداً ومجدداً فى فن كتابة القصة، كان ذلك فى كتابة المسرحية، ومن أشهر المسرحيات التى كتبها: إيڤانوڤ (1887 و1889) كما كتب هزليات من فصل واحد منها: الدب، والخطوبة (1888) والعرس (1889). ولكن موهبته الدرامية تجلت بأبهى صورها فى مسرحياته الأربع الأخيرة: النورس (1896)، والخال ڤانيا (1897) والشقيقات الثلاث (1901) ، وبستان الكرز (1904). وقد لاقت هذه المسرحيات نجاحًا باهرًا عند عرضها فى مسرح موسكو للفنون ثم انتشرت على نطاق واسع فى مسارح روسية والعالم. والمزايا الرئيسة التى تتسم بها هذه المسرحيات هى التخلى عن تقسيم الشخصيات إلى أخيار وأشرار، وتفادى أحادية الجانب فى تصوير الطبائع، والانصراف عن الحبكة ذات العقدة المثيرة.. بحلول مايو 1904، كان أنطون تشيخوف مُصابًا بمرض السل وبدأ يشعر أن نهايته ليست ببعيدة وفى 15 يوليو من نفس العام توفى الكاتب متأثرًا بمرضه المزمن.