الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. خليـج

واحة الإبداع.. خليـج
واحة الإبداع.. خليـج




اللوحات للفنان
حسن سليمان

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    

[email protected]


 

خليـج

قصة قصيرة

 

بقلم: طارق عبدالوهاب

 

ذلك الأفق الداكن لا يصافح أحدًا
قلت
ألست معى
فأومأت:
- نعم.
على الشاطئ الرملى كانت تمدد ساقيها، وكنت أتكئ جوارها على مرفقى، أتأمل عينيها أحيانًا ومرات أخرى أرنو إلى الأفق، وددت لو أن الموج اجتاحنا فبلل رداءها وأقدامى، لكنه أبدًا لم يكن كذلك.. كان الماء بلا وشيش.. وصفحته كانت هادئة.
أخرجت من حقيبتها الصغير أوراق اللعب ووضعتها أمامى..
سألت:
- أقرأ طالعك؟
قلت:
- لو تعرفين!
قلبت لى ورقة.. ثم أخرى.. وأخرى.. وقالت:
- تمنى...
هبت من ناحية الماء رياح خفيفة كادت أن تطيح بأوراقها، خافت.. فأحطت بكفى الأوراق.. ومثلى كانت تفعل فالتقت أصابعنا، جفلت هى.. وابتسمت أنا، سكنت الريح بجانبنا.. ومن بعيد كانت ناقلات النفط تكشف سترنا.
همست بأذنيها:
- أتوق لصوت الموج الهادر يكسر هذا الجمود.. ينثر رذاذ الماء البارد فوق رأسى.. أغسل عينى من رغوته البيضاء وأتطهر.
قالت:
- تمنى...
غيبت رأسى فى نسيج الغيم المتشابك.. قلت:
- أريد شايًا بالحليب من كف أمى..
ضحكت، ومالت برأسها نحوى، عبثت بالأوراق قليلًا وتطلعت إلى وجهى، أرادت أن تقول شيئا فقرأته فى عينيها قبل أن تنطق.
واجهتها:
- أنت أيضًا.. مثلى!
لمعت فى زاويتى عينيها دمعة، ولم تعلق، لملمت الأوراق من بين أصابعها وقلت متحمسًا:
- الآن دورى.
سألت:
- وهل تعرف؟
أجبت:
- أجرب.
وزعت الأوراق على الطاولة أمامها.. وهتفت بها:
- تمنى شيئًا...
تنهدت.. ورسمت فى الفراغ حروفًا متقطعة.
- بيت صغير.. يطل على منظر.
قلت:
- و.........
قالت:
- وحقيبة تمتلئ بالعرائس والدمى!
داعبتها:
- مممم... ربما.
قالت:
- هكذا؟!
قلت:
- أجل.
نظرت فى ساعة يدها فجأة فتغير وجهها، أحسست كأنها تريد البكاء، لكنها لم تفعل، وقامت تجمع الأوراق على عجل، أوضحت بعد أن لاحظت علامات الدهشة على وجهى أن الوقت قد تأخر.. وأضافت:
- ... يغلقون الباب فى الثامنة!
لوحت مبتعدة، وعبثا حاولت استبقاءها لكنى فشلت، تذكرت بعد أن غابت فى معالم المكان أننى لم أسألها: «هل تتحقق الأمنيات؟.. وهل سنلتقى فى نفس الموعد غدا؟»... لكننى شعرت بأن ذلك لا يهم كثيرا.. وعندما كانت السفن على امتداد البصر تعلن عن رحيلها بذلك الصفير الطويل تساءلت:
«ترى.. هل تمر ببلادى؟»