الديوان الأول للكاتبة زيزى شوشة: «غرباء علقوا بحذائى» القرية والمدينة فى مرآة الشِعر

كتب - إسلام أنور

 

فى ديوانها الأول «غرباء علقوا بحذائى» تخوض الكاتبة زيزى شوشة رحلة قاسية بين عالمى القرية والمدينة، تكتشف من خلالها ذاتها والعالم المحيط بها.
الديوان الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، يتضمن عشرات القصائد النثرية، التى تجمع بين جزالة الشعر ومتعة السرد، وتطرح العديد من الأسئلة عن الموت والحياة والقدر والحب والخيانة والألم.
على عكس كثير من الأعمال الأدبية التى أما تقدم القرية بوصفها مساحة الآمان والطيبة والجمال والطبيعة، بينما تظهر المدينة كمصدر القسوة والغربة، أو العكس تبدو المدينة رمز للعالم الجديد وفضاء للحرية والتحقق، بينما تبدو القرية عالما ضيقا ومحاصرا بالخوف والفقر والجهل والخرافة.
 تتجاوز زيزى شوشة هذه الثائية، لتقدم بورتريه كبير للقرية والمدينة، تمتزج فيه مشاعر الخوف والوحدة والبرودة والظلام التى لا تقتصر على مكان محدد بل تمتد لتصنع سياجا كبيرا يحاصر الأرواح الحالمة.
 تظهر المدينة فى قصائد الديوان كقاتل أنيق يحسن التجمل، لكنه عند لحظة محددة يتحول لوحش يمتص روحك على مهل «تتضح الرؤية أمامى/ أرى فى عيونكم/ رجلًا مشنوقًا بحبل التاريخ/ وبين أياديكم أطفالًا موتى/ لا تتوقفون عن هدهدتهم/ أما ظهوركم فتتسع للطعن».
بينما تبدو القرية كبيت قديم متهالك، ينتظر موعد الرحيل «من بعيد/ بدا بيتنا مطعونًا بشىء ما/ رأيته عاريًا/ كان هناك سقف/ يضغط على رأس أبي/ حتى جعله كتلة معتمة/ من تلك النقطة البعيدة/ رأيت بيتنا يتلاشى/ خلفى سنوات قليلة/ يمكن فرشه/ حصيره من الخوض فى مأتم / وأمامى بيت تبتلعه الأرض».
بين عالمى القرية والمدينة وخطوطهما المتقاطعة، تستحوذ الرحلة على مساحة كبيرة من قصائد الديوان، هذه الرحلة المتخمة بالأسئلة والذكريات المؤلمة والمستقبل المجهول «ثمة بيوت تفوح منها رائحة قديمة/ وعشش متناثرة/ تحفها بيوت شاحبة/ وبشر ينازعون الطين/ تحت الكتل السوداء/ كنت أسير عبر خطوط/ تشبه الطرق/ فوق ظهرى حقيبة/ ظلت تقدم لى الأشياء/ كحقائق ثابتة/ لا يمكن الطعن فيها/ الكتب فى الحقيبة/ تختصر العالم/ فى صور ملونة/ ومعادلات حسابية/ تمشى فى مسار واحد/ للوصول إلى نتيجة وحيدة».