الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أحمد سمير سعد: ما يقدم لطفل اليوم غير مكافئ للتغيرات التى يشهدها العالم

أحمد سمير سعد: ما يقدم لطفل اليوم غير مكافئ للتغيرات التى يشهدها العالم
أحمد سمير سعد: ما يقدم لطفل اليوم غير مكافئ للتغيرات التى يشهدها العالم




حوار - رانيا هلال

 

لم تمنعه مهنته كطبيب من اختبار العديد من الأشكال الأدبية فى الكتابة فمارس الكتابة الروائية وعرج على الكتابة القصصية واقتحم عالم الأطفال حتى انه ذاق لذة الكتابة العلمية المبسطة بشجاعة اقتحم أحمد سمير سعد، مدرس التخدير بكلية الطب جامعة القاهرة، علام الكتابة كقاص وروائى ومهتم بتبسيط العلوم، وصدر له المجموعات القصصية (الضئيل صاحب غية الحمام) و(طرح الخيال) و(الله.. الوطن.. الهُو)، روايات (سِفر الأراجوز) و(شواش) و(المزين) ومجموعة قصصية للأطفال (ممالك ملونة) ونص (تسبيحة دستورية) وكتابان فى تبسيط العلوم (لعب مع الكون) و(الإكسير، سحر البنج الذى نمزج) حصل المركز الثالث فى المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة عن المجموعة القصصية (الضئيل صاحب غية الحمام) عام ٢٠٠٩، المركز الثانى فى مسابقة لجنة الشباب باتحاد الكتاب عام ٢٠١٤ عن قصة (ليلة الدخلة)، المركز الثالث جائزة الشارقة لأدب الطفل ٢٠١٧ عن مجموعته القصصية للأطفال (ممالك ملونة).. وحول أدب الأطفال دار حوارنا معه.


■ كيف جاءتك فكرة «ممالك ملونة»؟
راودتنى فكرة الكتابة للطفل منذ وقت مبكر جدا، كنت واقع تحت تأثير كتاب كبار كتبوا للطفل فى عبقرية وإبداع، كتابات بسيطة لكنها لا تستخف بالطفل. فعلى بساطتها الظاهرة تحمل عمقا شديدا فى محتواها بحيث إنها تحرك فى الكبار متى أقدموا على قراءتها الكثير من المشاعر والأفكار والتساؤلات والمعاني. كنت أتطلع فى إعجاب شديد لكامل الكيلانى وللويس كارول صاحب أليس فى بلاد العجائب وهو بالمناسبة عالم فى مجال الرياضيات ذو شأن وباع وكذلك هانز كريستيان أندرسون العبقرى الذى لا تمل أبدا من قراءة قصصه مهما كان عمرك طفلًا وشابًا وشيخًا، عوالم الطفل هى عوالم مفعمة بالدهشة والجمال والاقتراب منها ومنهم يحفز طاقات لا نهائية ويمنح الكون مذاقا مختلفا ورغم كل محاولاتى فى الاقتراب من تلك العوالم والتى تبلورت فى نصيحة قدمها لى كذلك د. رمضان بسطاويسى أستاذ علم الجمال عندما قرأ قصصى الأولى بأن أجرب فى مجال الكتابة للطفل إلا أننى لم أستطع ذلك حتى جاءت ميار ابنتى ومن بعدها يحيى، «ممالك ملونة» هى أول قصة أكتبها لميار وتلقتها بشكل رائع حيث قامت برسم أحداثها وهو ما حفزنى على مواصلة الكتابة حتى كانت المجموعة.
■ كيف ترى الإصدارات المختلفة التى تخاطب الأطفال فى مصر؟
لا يمكن أبدا التقليل من كافة المحاولات الجادة التى تسعى لإثراء أدب الطفل وعوالمه بشكل عام لكن على القائمين على تلك الإصدارات كذلك تطويرها بالشكل الذى يلاءم أطفال هذا العصر. نظرة سريعة على أغلب هذه الإصدارات سيجدها لم تختلف بأية حال عما كانت عليه منذ كنت طفلا. عزف على ذات الأوتار، لتتولد قصص متشابهات ورسوم أصبحت قوالبها معتادة، ربما باتت تلك الإصدارات فى حاجة إلى ضخ دماء جديدة سواء على مستوى التأليف أو التخييل أو الرسم أو التقنية. لكننى أعرف كذلك أن الأمر ليس بهذه السهولة فكتاب للطفل فى هذا الزمن هو أمر شديد الصعوبة لأنه يحتاج إلى استغلال كل التقنيات الحديثة على مستوى الطباعة ومعالجة الصور والألوان حتى يكون جاذبا بصريا وهو ما يعنى كلفة مادية كبيرة وضغطا على الميزانيات.
■ ما وضع مصر فى المنطقة العربية من حيث الترجمة من وإلى أدب الطفل؟
هناك محاولات جادة جدا على سبيل المثال لا الحصر، صدور الترجمة الكاملة لـ»حكايات الأخوان جريم» عن المركز القومى للترجمة والإصدارات المترجمة العديدة للطفل التى تصدر ضمن مشروع مكتبة الأسرة وبينها كتابات حديثة نقلها للعربية مهم جدًا ومفيد سواء للأطفال أو للكتاب على حد سواء بالإضافة طبعا إلى قيام بعض دور النشر الخاصة بمجهود محمود فى هذا الصدد لكننا لا نزال فى حاجة لنقل المزيد خاصة وأن كتب الطفل الأجنبية لم تعد مهتمة بالتخييل فقط بل بتبسيط العلوم والفلسفات كذلك.
■ هل ما يقدم للطفل الآن مناسب ومواكب لتطور شخصيته وخياله فى ضوء التكنولوجيا؟
للأسف لا أعتقد أن ما يقدم لطفل اليوم مكافئ للتغيرات التى يشهدها العالم. طفل اليوم منفتح بشكل لم يسبق له مثيل، مصادر معلوماته ومعارفه متعددة بشكل لم يسبق لأحد، تحمله شاشات الكمبيوتر وقنوات اليوتيوب ومحركات البحث لأراض لم يعاينها أى منا عندما كان فى مثل هذا العمر لذا علينا أن ندرك أن هذا الطفل محمل بكم هائل من التساؤلات والقضايا ربما لم نعاينها أو نعانيها عندما كنا فى سنه وعلى ذلك فأعتقد أن علينا أن نحاول مواكبة ذلك بأكبر قدر ممكن حتى نسهم فى إثراء شخصيته ووعيه بالشكل الذى يستحقونه منا، طفل اليوم يحتاج لكتاب وفنانين من طراز خاصة وبمعارف وإدراك خاص متى أرادوا أن يتداخلوا معه بشكل حقيقى وأن يفتحوا قنوات تواصل فعلية عبر ما يقدمون.
■ هل ساعدتك خبراتك السابقة كقاص فى الولوج لعالم قصص الأطفال؟
كل محاولة للكتابة هى مفيدة وتضيف على المدى البعيد، مصاحبة الكلمات وتتبع سلسلة الأفكار يفضى دوما إلى أراض جديدة ويحفز طاقات التجريب وأعتقد أنه كذلك تدريجيًا يصقل من القدرات الإبداعية لأى مجرب ويساعد تدريجيا على ظهور شخصية الكاتب فيما يكتبه. لذلك لا أشك للحظة أن كتابة القصة للكبار قد كان على درجة كبيرة من الفائدة عندما حاولت أن أجرب فى الكتابة للأطفال.
■ راعيت بشكل كبير اللغة وتخليت عن التصوير والتراكيب الشعرية المعتادة فهل جاء هذا ليناسب الطفل فى مراحل مختلفة؟
أؤمن أن كل كتابة تختار قالبها. ربما يحتفظ المؤلف بذات همومه وأفكاره وشواغله مهما كان نوع الكتابة الذى يكتبه لكن النص نفسه يختار الصورة التى تناسبه، الكتابة للأطفال تتطلب فيما أعتقد قدرًا من البساطة حتى تناسب وعيهم الذى ما يزال يخطو خطواته الأولى نحو استكشاف العالم المحيط، لكن ربما يجب أن أؤكد هنا أن هناك فارقا كبيرا بين البساطة وبين التسطيح. أعتقد أن الكتابة للطفل يجب أن تكون بسيطة لكن لا ينبغى لها بأى حال من الأحوال أن تكون مسطحة، يجب أن تبقى على اشتباكها مع العالم بشكل حقيقى وعلى إظهار عمق الصورة والمشهد بكافة ألوانه وتفاصيله ودرجاته، هذا العمق هو الذى يجذب الطفل ويسحره ويدفعه للاشتباك مع العمل والتساؤل.
■ هل تنوى استكمال رحلتك مع أدب الطفل؟
أتمنى ذلك. بالإضافة إلى كون تجربة الكتابة للطفل ممتعة بشكل عام إلا أن ردود الفعل التى جاءتنى على هذا العمل لم يسبق لها مثيل. ولأنها قادمة من أطفال لا يعرفون المجاملات أو الموائمات ولا يخلطون الأوراق فقد جاءت مصحوبة بسحر ومذاق خاص لم يسبق لى أبدا تجربته. ابنتى رسمت ولوليا ابنة صديقة سورية كتبت لى وتمنت رؤيتى ورؤية ميار ويحيى، وأطفال آخرون كتبوا كذلك ورسموا.
عوالم الأطفال كلها براءة ودهشة وسحر وإقبال على العالم وهى محفزة ودافعة وأعتقد أن من اقترب منها لا يقدر أبدًا على مفارقتها، فمن ذاق عرف.