الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«صندوق مصر السيادى».. بوابة الحفاظ على أصول الدولة

«صندوق مصر السيادى».. بوابة الحفاظ على أصول الدولة
«صندوق مصر السيادى».. بوابة الحفاظ على أصول الدولة




بعد موافقة  مجلس النواب نهائيًا خلال الجلسة العامة الشهر الماضى، على مشروع قانون إنشاء «صندوق مصر» لإدارة الأصول غير المستغلة المقدم من الحكومة، ترصد «روزاليوسف» التفاصيل الكاملة  لـ«صندوق مصر السيادى» الذى يحقق أهداف رؤية مصر 2030 من خلال الحفاظ على موارد اقتصادية واستثمارات طويلة الأمد.
وتعتبر صناديق «الثروة السيادية» صناديق استثمارية تعود ملكيتها للحكومة، وذلك طبقا لتعريف مجموعة العمل الدولية حيث تنشئ الحكومة هذه الصناديق لأغراض اقتصادية من الدرجة الأولى لم تمتلكه هذه الصناديق من فوائد حيث تحتفظ «صناديق الثروة السيادية بالأصول أو تتولى توظيفها أو إدارتها لتحقيق أهداف مالية مستخدمة فى استراتيجيات استثمارية تشمل أيضا الاستثمار فى الأصل المالية الأجنية.
ولم يغفل  التعريف احتياطى النقد الأجنبى ، حيث أكد تعريف مجموعة العمل الدولية أن الصناديق السيادية لا تتضمن أصول احتياطيات النقد الأجنبية التى تديرها السلطات النقدية والتى تتمثل فى «البنوك المركزية»، حيث تستخدم فى ضبط أداء ميزان المدفوعات ، وصناديق التأمينات والمعاشات لموظفى القطاع العام.

دور الصندوق

تركز دور الصناديق السيادية فى استثمار الفوائض المالية للدولة بما يحقق عوائد مالية مرتفعة تحافظ على قيمة العملة المحلية  من التراجع عبر الزمن، نتيجة الارتفاع العام فى الأسعار أو ما يعرف بين المتخصصين بتقلبات معدلات التضخم عبر الزمن.
كما تعد صناديق الثروة السيادية بمثابة صناديق مملوكة للدول وتتكون من أصول مثل الأراضى والأسهم والسندات، وتشتمل على استثمارات ضخمة، فهى بمثابة الذراع الاستثمارية للدول ذات الفوائض المالية.
وقد وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بإنشاء صندوق مصر السيادى بهدف المساهمة فى التنمية الاقتصادية المستدامة،  ولاحقا وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون الحكومة بإنشاء «صندوق مصر».
وتتكون أصول الصندوق فى الأساس من الأراضى والأسهم والسندات أو أجهزة استثمارية أخري، وله الحق فى المشاركة بكل الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، بما فى ذلك تأسيس الشركات والاستثمار فى الأدوات المالية وأدوات الدين الأخرى فى مصر والخارج.

أهداف الصندوق


يهدف الصندوق إلى تنمية ثروات مصر من الأصول والموارد الطبيعية بشكل مستدام، لتعظيم قيمة هذه الموارد للأجيال المقبلة، من خلال المساهمة فى تأسيس الشركات أو زيادة رءوس أموالها، والاستثمار فى الأوراق المالية المقيدة بأسواق الأوراق المالية وغير المقيدة بها وأدوات الدين وغيرها من الأوراق المالية داخل أو خارج البلاد، والاقتراض والحصول على التسهيلات الائتمانية وإصدار السندات وصكوك التمويل وغيرها من أدوات الدين، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، وإقراض أو ضمان صناديق الاستثمار والشركات التابعة التى يملكها أو يساهم فيها مع الغير.
ويبلغ رأس مال الصندوق المرخص به 200 مليار جنيه، فيما يبلغ رأس ماله المصدر 5 مليارات جنيه، بجانب موارده من رأسمال الصندوق، والأصول التى ستنقل له، وعائد استثمار الأصول.
ويتكون مجلس إدارة الصندوق من الوزارات المعنية فى المجموعة الاقتصادية، ويكون الوزير المختص- رئيس مجلس إدارة غير تنفيذى-، بالإضافة إلى 5 أعضاء مستقلين من ذوى الخبرة، وتكون مدة عضويتهم بالمجلس 4 سنوات قابلة للتجديد لمدة مماثلة، وممثل عن وزارات التخطيط والمالية والاستثمار.
ومن المنتظر أن يعقد الصندوق أول اجتماعاته خلال أيام برئاسة رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، لاختيار مجلس إدارة الصندوق الذى يتشكل بموجب قرار من رئيس الجمهورية.

مزايا صندوق مصر


لا يهدف إلى بيع أصول الدولة أو خصخصتها، بل بالعكس يسعى الصندوق لتعظيم الاستفادة من أصول وثروات الدولة غير المستغلة، بالإضافة إلى تنوع الموارد ومصادر أرباح الدولة التى تصب فى خفض عجز الموازنة العامة للدولة.
حيث يعتبر الصندوق بمثابة إحدى الآليات المهمة فى الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص بهدف تعظيم العائد من الأصول المملوكة للدولة ودعم برنامج الإصلاح الاقتصادى.
كما يدعم العائد من الصندوق توفير التمويل اللازم للمشروعات القومية التى يحتاجها السوق المصرية كالاستثمار فى البنية الأساسية، والتعليم، والصحة، والزراعة.
ويضمن أيضًا استدامة التنمية، وتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 من خلال الحفاظ على موارد اقتصادية واستثمارات طويلة الأمد، بما يزيد من العائد المتوقع للأجيال المقبلة، وتعظيم نصيب الفرد من الثروة، حتى وإن نفدت الموارد الاقتصادية غير المتجددة كالبترول والغاز الطبيعى.
كما يدعم الصندوق السيادى تطبيق معايير الحوكمة والشفافية من خلال خضوع إدارة أصول الصندوق لقوانين الرقابة المالية، إذ يتولى مراجعة حسابات الصندوق مراقبا حسابات أحدهما من الجهاز المركزى للمحاسبات، والآخر من المراقبين المقيدين لدى البنك المركزى المصرى أو الهيئة العامة للرقابة المالية، ويقوم مراقبا الحسابات بمراجعة القوائم المالية السنوية وربع السنوية، وتعرض القوائم المالية السنوية وتقرير مراقب الحسابات وتقرير سنوى تفصيلى عن نشاط الصندوق وخطته للعام التالى على الجمعية العمومية للصندوق، تمهيدًا لعرضها على رئيس الجمهورية خلال ثلاثة أشهر من انتهاء السنة المالية.

صناديق الثروة السيادية عالميًا


تعد صناديق الثروة السيادية بمثابة أحد أبرز الأدوات الاقتصادية التى يعود ظهورها إلى القرن الماضى، إذ تعتبر مؤسسة النقد العربى السعودى «المصرف المركزى للمملكة العربية السعودية» أو المعروف اختصارًا SAMA، والذى أُنشئ عام 1952 بمثابة أحد أقدم وأشهر الصناديق السيادية على مستوى العالم، إلا أن الصناديق السيادية لم تكن معروفة لدى الجمهور إلى أن تغير الأمر فى عام 2006 عندما أثير الجدل حول محاولة شركة دبى للموانئ شراء عمليات إدارة الموانئ فى ست محطات بحرية كبرى فى الولايات المتحدة الأمريكية، فى إطار سعيها لضم مزيد من الأصول إلى صناديق الثروة السيادية التى تمتلكها وفقًا لصندوق النقد الدولي، ما أثار النقاش حول أثر تلك الصفقة على الأمن القومى الأمريكى، ومن هنا كانت نقطة الانطلاق إلى مزيد من النقاشات والمباحثات حول صناديق الثروة وهيئات الاستثمار السيادية.
والجدير بالذكر أن أصول صناديق الثروة السيادية حول العالم قفزت 13% على أساس سنوى إلى 7045 تريليون دولار فى مارس 2018، بدعم من أداء قوى فى أسواق الأسهم العالمية وفقًا لتقرير صادر عن شركة بريكين للأبحاث.
وتتركز الثروة السيادية فى عدد محدود من الصناديق، إذ تدير أكبر 10 صناديق أصولًا بقيمة 5046 تريليون دولار، أو 74% من إجمالى الصناديق السيادية حول العالم، وتبلغ حاليًا أصول صناديق الثروة السيادية حول العالم نحو 7.946 تريليون دولار وفقا لمؤسسة SWF.

أبرز الصناديق الدولية


يعد صندوق معاشات التقاعد الحكومى فى النرويج الذى تدعمه إيرادات النفط بمثابة أكبر صندوق للثروة السيادية فى العالم بأصول إجمالية قدرها 1.035 دولار.
ويشكل هذا الصندوق نحو 20% من الزيادة فى أصول الصناديق السيادية على أساس سنوى، والتى بلغت 866 مليار دولار، وتمكن الصندوق النرويجى من مضاعفة العائد على مجمل استثماراته فى عام 2017.
كما شهدت مؤسسة الصين للاستثمار «cic» التى تعد بمثابة صندوق الثروة السيادية لجمهورية الصين الشعبية زيادة كبيرة فى الأصول بدعم من نمو أقوى من المتوقع لثانى أكبر اقتصاد فى العالم، ووفقا لآخر الإحصائيات تمتلك مؤسسة الصين للاستثمار أصول بقيمة 941.4 مليار دولار.
وعلى الجانب الآخر، أوقف صندوق الاحتياطى فى روسيا وهو أحد صناديق الثروة السيادية للبلاد، عملياته فى بداية عام 2018 بعد أن أنفقت وزارة المالية الروسية معظم رأسمال الصندوق على تغطية العجز فى الميزانية، وجرى توزيع باقى رأس المال على صندوق الثروة الوطنية.
وعلى صعيد الدول العربية تعد كل من الإمارات والسعودية والكويت بمثابة رواد الصناديق السيادية فى منطقة الخليج والعالم أجمع.
ويعد جهاز أبو ظبى للاستثمار ثالث أكبر صندوق ثروة سيادى بالعالم وأكبر صندوق من هذا النوع بالشرق الأوسط، حيث تقدر أصوله بنحو 683 مليار دولار، يمتلك من خلالها حصصًا فى مطار لندن هيثرو وشركة الغاز النرويجية «غازليد» و3 فنادق فى هونج كونج، واعتمد فى تأسيسه على عائدات النفط.