الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رضا عبد الرحمن فى جلباب «شهداء يناير»




لم يقل فقط أن الفنان التشكيلى ليس بعيدا عن الشارع والأحداث، بل ذهب إلى أبعد من ذلك فى معرضه مؤكدا أنه كفنان متحدا مع الناس حتى صار (هو هم) و(هم هو)، خرج من مرسمه وحمل أدواته الفنية اللوحات والألوان، وحمل بأعماقه أدواته الوجدانية والإنسانية،وارتدى عباءة الميدان وزى الجندى المناضل والتحم مع الشباب والشعب منذ اللحظات الأولى للثورة 25 يناير،هو الفنان التشكيلى رضا عبدالرحمن الذى يتابع الموجات الثورية للثوار بكل ما فيها من عنف، واليوم ومن خلال معرضه «أنا فى الثورة» المقام بقاعة الباب بمتحف الفن الحديث بالأوبرا، الذى قام بافتتاحه الدكتور صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية، ويستمر حتى 24 يناير.
 عرض الفنان 20 لوحة تصويرية كبيرة الحجم، مزج فيها بين واقعية الحدث وبين التعبيرية الإنسانية، وطرح تجربة فنية تشكيلية جديدة غير نمطية فى التقنية وأسلوب المعالجة واستخدام خامات مختلفة على توال، المعرض فى مجمله حالة إبداعية وطنية وقرار تشكيلى وإنسانى من خلال تقمص الفنان كل الشخصيات المؤثرة فى الثورة من مصابين وشهداء وشخصيات يرفضها ويعارضها، وهو لقاء الروح بين الفنان والشهيد، استبدل ملامح الشخصيات الحقيقية وضع ملامحه الشخصية وارتدى صفاتهم ليرسل بذلك رسالة وفاء لأرواح الشهداء، ورسالة هجوم على أوضاع بشكل ساخر ونقدى.
جاء اللوحات تمثل ثلاث مجموعات المجموعة الأولى ضمت لوحتى «ملائكة الثورة» و»أيام صنعت الثورة»، ورسمهما رضا عبد الرحمن من واقع الثمانية عشر يوماً فى  ميدان التحرير، ولأن عاشق للفن المصرى القديم رسم الفنان طائر حورس فى يسار اللوحة يحيط بأسد رابض كرمز للحراسة، وضع فناننا إيزيس المرأة الفرعونية التى تنظر إلى طائرها لحورس بكل قوة وشموخ وعلى رأسها تاج زهرة اللوتس مع خلفية حمراء دموية رمز للشهداء، هذا العمل وقع عليه العديد من الفنانين والإعلاميين والسياسيين والبسطاء من الشعب المصرى الذين كانوا موجودين فى الميدان.
 

المجموعة الثانية: تحت عناوين مختلفة «أنا الجنوبى» و»أنا مينا دانيال»، و»أنا خالد سعيد»، و»أنا مصاب الثورة»، و»أنا حرارة»، و»أنا بسيوني»، و»أنا الشيخ عماد عفت»، و»أنا الشيخ أنا القس»، و»أنا فى الثورة».. كل لوحة شخصية تقمصها وانصهرت بملامحه وكأنها منسوجة بتعبيراته، تقمص الفنان فى لوحة «أنا بسيونى» ملامح شخصية الفنان الشهيد أحمد بسيونى بنظارته الشفافة وخصلات شعره المجعد، وملى وجه بقع من اللوحة الأحمر الدموى معبرا عن أقصى درجات الانصهار الروحى بين الفنان والشهيد، ومن خلال لوحة «أنا مينا دانيال» تقمص شهيد احداث ماسبيرو بشعره ولحيته الناعمة وأعطى ارقى نموذج الوحدة الإنسانية والوطنية، وفى لوحة «أنا عماد عفت» تقمص شخصية الشيخ عماد عفت الذى استشهد فى أحداث مجلس الوزراء وقد ارتكز فى اللوحة على لونين هما الأسود والأحمر، حيث الطاقية الحمراء الملفوفة بالعمامة والزى الأسود.
تميزت هذه المجموعة بوجود اللون الأبيض الشفاف، رمز الأمل القادم، مع وجود اللون الأحمر رمز للدم الشهداء الذى دفع فى الثورة من أجل الحرية، ولوحة «أنا الجنوبي» الذى ارتدى فيها الفنان الزى الصعيدى المنقوش بزخارف تفوح منها الهوية التراثية والمصرية للنوبة، وهذا رمز لوجود جنوب مصر فى الثورة.

المجموعة الثالثة: نمط آخر من التقمص، تقمص ساخر ينتقد الأوضاع السياسية فى لوحات تحت عنوان «أنا السفلى»، و»أنا الشرطة العسكرية»، و»لا للفاشية»، و»أنا طبقا للنموذج التركى»، فمن اللوحات الساخرة جاءت لوحة «أنا طبقا لنموذج التركي» ينتقد الفنان من خلال ملامحه بعض التصريحات التى تهدد هوية مصر وتراثها وحضارتها، ارتدى الفنان طربوش تركيا الأحمر يرجع لزمن فات، مشيراً إلى الرجعية الفكرية، وفى لوحه آخرى بعنوان «أنا بيريز» ارتدى الفنان طاقية يهودية زرقاء وهذا إيماء للخطاب بيريز.

ثم عاد الفنان الى ملامحه ليختم معرضه بلوحة «أنا فى الثورة»، صور فيها ملامحه الحقيقية، مؤكدا أنه كان مع هؤلاء الشهداء والمصابين على أرض الميدان فى الثورة، وشاهدا على أحداثها وسجلها إنسانياً وروحانياً وفنيا وتشكيليا وتعبيرياً وتقنياً من خلال ضربات فرشاة سريعة ومتلاحقة ومضطربة ومتشابكة تشبه الأحداث الحالية.