الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العلماء يرصدون الآيات القرآنية التى تستغلها داعش للتضليل

العلماء يرصدون الآيات القرآنية  التى تستغلها داعش  للتضليل
العلماء يرصدون الآيات القرآنية التى تستغلها داعش للتضليل




كتب - عمر حسن

 

حاول تنظيم داعش منذ نشأته وحتى يومنا هذا أن يستغل الدين أسوأ استغلال من خلال استخدام النصوص القرآنية والأحاديث الدينية ، ونتيجة انعدام الثقافة الدينية وجدت استدلالات تنظيم داعش الإرهابى قبولا عند البعض لا سيما من الشباب الذى يعانى من الأمية الدينية .
وفى محاولة لإيضاح طرق داعش الملتوية لاستغلال النصوص القرآنية رصد عدد من العلماء عددا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وردت فى بيانات الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، عقب تنفيذها لعمليات إرهابية، حاولت من خلالها صبغ أعمالها الدموية بالغطاء الديني، لربما تعاطف معهم كل متدين، أو مدع للتدين.


 ومن بين تلك الآيات التى وردت فى بيانات «داعش» هى الآية رقم 5 من سورة التوبة، والتى تقول:  فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
من جانبه أوضح الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، أن سورة التوبة نزلت لتعلن براءة الله ورسوله من قتال مشركى العرب الوثنين، لأن العرب المشركين لم يكن لهم سوى أمر من اثنين، إما اعتناق الإسلام أو القتال، فى حين أن غير العرب من المشركين أوجب الله لهم عهودا وعقودا للتعامل، وهى التى تسمى الآن بالعلاقات الدولية، وأصبحت تلك العهود ملزمة للأمة الإسلامية حين تبرمها مع غيرها من الأمم.
وأوضح عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر أن سورة براءة أعطت للمسلمين الحق فى احترام عهد المشرك الوثنى إذا أتم عهده إلى مدته، ولا يجوز للمشركين أن ينقضوا هذا العهد، لافتا إلى أن المتطرفين يجرون بجهلهم الآيات القرآنية على عمومها دون النظر إلى سياقها، بل أحيانا ينزلون تلك الآيات - التى نزلت فى المشركين - ليطبقوها على من يخالفهم الرأى حتى وإن كانوا مسلمين، فيرمون غيرهم بالكفر لمجرد أنهم لا يؤمنون بنفس معتقداتهم الشخصية.
وتابع قائلا:  هم يرون أن مقاتلة المسلم المخالف لهم فى معتقداتهم أولى من مقاتلة غيره من الأمم الأخرى، فيبدأون بنا ويكفروننا ويحكمون على المجتمع بالجهل، ومن ثم يستبيحون دماءنا.
أما الآية الثانية التى وردت فى بيانات الجماعات المتطرفة فكانت من سورة الحج، وتقول:  أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ».
وفسر «العواري» تلك الآية بقوله: «هذه أول آية أُذن فيها بتشريع القتال، وهذا أمر لم يتأتى إلا فى مجتمع المدينة، إذ كان المشركون لا يكفون عن إيذاء المسلمين الذين تركوا ديارهم وأموالهم وهاجروا إلى المدينة من أجل دعوتهم، بل وذهبوا من أجل القضاء عليهم»، وتابع: «أبو جهل أرسل إلى أبى سفيان يخبره بأن أصحاب محمد يعترضون قوافلهم، فخرج المشركون بقوافلهم ولم يعترضهم أحد من أصحاب محمد».
وبيّن الدكتور «العواري» أن الله أذن للمستضعفين بالقتال، وهناك فرق بين القتال والقتل، إذ يكون القتال دفعا للعدوان الواقع نتيجة ظلم، مستدلا بباقى الآية التى تؤكد أن لولا دفع الناس بعضهم لبعض لُهدمت الصوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله، إذن حق الدفاع عن بيوت العبادة مكفول فى الإسلام، وواجب على كل مسلم أن يدافع عن الكنائس والمعابد قبل الدفاع عن المسجد.
واختتم حديثه لـ«روزاليوسف» مؤكدا: «لا يوجد ما يسمى الآن بجهاد الأفراد، فالجهاد الآن مرهون بولى الأمر، الذى هو رئيس الدولة أو حاكمها بشكل عام، فويل لمن خرج عن طاعة ولى الأمر، الذى هو من يأذن بالخروج للقتال أو الكف عن ذلك، وهذه مهمة الجيوش فى العالم».
واستند أيضًا تنظيم «داعش» فى ذبح وتعذيب أسراه، إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لرجال قريش حينما قال لهم: «لقد جئتكم بالذبح»،وربما يستدل لهم استدلالاً باطلاً بلفظة وردت فى بعض الأحاديث وهى «والله يا أهل مكة لقد جئتكم بالذبح» متصورين أن النبى صلى الله عليه وسلم أراد حقيقة الذبح بمعنى قطع الرءوس وهذا فهم باطل.
الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالجامع الأزهر، أكد أن تفسير ذلك الحديث فى إطار مغاير هو افتراء على الله ورسوله، لافتا إلى أن الرسول لم يأمر يوما بذبح أسراه، بل كان يعاملهم معاملة الأب لأبنائه، مستدلا على ذلك بواقعة «ثمامة بن اثال»، الذى وقع أسيرا عن المسلمين، فعرض عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - اعتناق الإسلام، ولما رفض أمر أصحابه بإطلاق سراحه، فعاد إليه ثمامة وقال له: يا محمد لقد كان وجهك أبغض الوجوه إلى والان وجهك أحب الوجوه إلى ، ومن ثم اعتنق الإسلام.
وتابع الأطرش حديثه لـ »روزاليوسف»: «رسول الله كان يأمر الجيش بألا يقطع شجرة أو يقتل راهبا فى صومعته ولا شيخا كبيرا ولا طفلا ولا امرأة، فما بالنا بالرجع السجود فى المسجد ، مضيفا أن هؤلاء القتلة الفجرة يجب أن يطبق عليهم حد الحرابة، وقد توعدهم الله بجهنم وبئس المصير، مختتما:  هؤلاء يحفظون القرآن ويأخذون من كلا خير البرية وهم خوارج عن الإسلام وبيعدون كل البعد عنه.