الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تركيا إلى الجحيم

تركيا إلى الجحيم
تركيا إلى الجحيم




ترجمة - خلود عدنان

 

لازال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يتوهم أنه بسياسة تكبيل الأيادى وتكميم الأفواه يستطيع أن يحمل شعبه على دفع فواتير فشله فى توطيد علاقاته الدبلوماسية بجيرانه ومن ثم وقوع بلاده فى فخ الانهيار الاقتصادى.

 

لا شك إن الانهيار الاقتصادى كان السبب فى تزايد مخاوف الأتراك على مستقبلهم بسبب ارتفاع أسعار الخبز والمواد الغذائية والأدوية والسلع الأخرى بشكل يهدد توفير متطلبات حياتهم اليومية.
هكذا استيقظ الأتراك ليجدوا مخاوفهم قد أصبحت حقيقة بائسة، بسبب تأخر صرف رواتب الموظفين ومعاشات المتقاعدين، ذلك رغم تحملهم تأخر معونات العيد، إذ وعدت وزارة التضامن الاجتماعى بصرف ما تأخر من مستحقاتهم يوم الأحد بالأمس، ولكنها كالعادة أخلفت وعدها. الأمر الذى دفع الآلاف من الموظفين وكبار السن من المتقاعدين رجالا ونساء إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام البنوك مطالبين بصرف مستحقاتهم. صحيفة «جمهورييت» التركية سلطت الضوء على جرائم وسرقات صهر أردوغان «برات ألبيرق» وزير المالية الذى لم يضع وقتا خلال الأزمة الاقتصادية التى تعيشها تركيا فى تأمين نفوذه وثروته، قائلة بأن «بيراق» استولى على أموال صندوق البطالة، ووفقا للقانون لا يمكن استخدام إيرادات الصندوق لأ غرض آخر غير دعم العاطلين عن العمل. وذكرت الصحيفة أن صندوق البطالة فى تركيا منذ مارس 2002، وحتى الآن يتم سرقته وسط تخاذل الحكومة، منهم 17 مليار جنيه دفعت لإقراض المال إلى الشركة المسئولة عن مقتل 301 عمال ولم يتم احتساب تلك الأموال. فى حين يظل أردوغان متفرجا أمام تحويل مبلغ 553 مليون ليرة من ميزانية الصندوق إلى حساب صهره ألبيرق.
«من قتل أبنائنا؟»، قد يكون سؤال يصعب على أردوغان الإجابة عنه بسبب تورط أجهزة تابعة للدولة فى اختطاف المشاركين فى تمرد حزب العمال الكردستانى للمطالبة بحكم ذاتى فى جنوب شرق البلاد حيث الغالبية الكردية فى نزاع مستمر منذ 1984 أدى إلى عشرات آلاف القتلى.
فى ذلك الوقت كان أردوغان عمدة مدينة إسطنبول التركية من 1994 إلى 1998، ورئيس حزب العدالة والتنمية الذى يملك غالبية مقاعد البرلمان التركى، إذ وعد بمعرفة الجناة فى هذة القضية، محاولا الحصول على أصوات الأكراد فى الانتخابات، ولكنه بالطبع أغلق القضية فور تمكنه من زمام الحكم.
لذا لجأت شرطة النظام التركى للعنف تجاه خمسين من الأمهات خلال تظاهرة أسبوعية يقمنها للمطالبة بكشف مصير أبنائهن المفقودين منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، وكانت من بينهن أمينة أوجاك القيادية فى التحرك والتى تفيد تقارير بأنها تبلغ 82 عاما.
«معاملة مخزية ووحشية» هكذا وصفت مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش فى تركيا إيما سنكلير ويب الاعتقالات  التى تعرض لها عائلات تطالب بالعدالة فى جرائم ارتكبتها سلطات النظام التركى.

 

المعارضة التركية كان لها رد فعل قوى تجاه مشاهد العنف التى تعرض لها الأمهات، قائلين:  «لقد وضع أردوغان الجحيم تحت أقدام الأمهات بدلا من الجنة»، إذ أدان رئيس حزب الشعب الجمهورى كيليجدار أوغلو والعديد من النواب تدخل الشرطة بالضرب والغاز المسيل للدموع فى تظاهرات نسائية سلمية.
البرلمانى التركى «أوزجور يلماز» مساعد رئيس حزب الشعب الجمهوري، قال إن أردوغان منذ توليه الحكم لم يف بأى من الوعود التى أعطاها منذ توليه رئاسة الوزراء وحتى اليوم، فكل ما نجح فيه هو هز هيبة تركيا فى نظر العالم كله، وتحويلها من دولة ديمقراطية لديكتاتورية عبثية.
وذكر «أوزيل» لـ«روزاليوسف»: أنه على الدولة توفير العدالة، وإعادة فتح التحقيق فى هذه القضية، بدلا من مهاجمة أهالى المفقودين وتهديهم ليتنازلوا عن حقوق أبنائهم رغم شرعية مطالبهم.
بدوره قال «ألباى أنتمين» النائب عن دائرة مرسين، إن الانتهاكات التى تعرض لها النشطاء الأكراد وأهالى المفقودين ومشاهد سحل النساء المسنات ستلقى بأعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم، فى سلة نفايات التاريخ مثل نظرائه، ولن يستطيع أحد الدفاع عنهم وقتها.
وأضاف «أنتمين» لـ«روزاليوسف» إن القائمين على حكم تركيا اليوم سيسألون عن دموع الأمهات التى ستكون ثقلا على ظهورهم فى الأخرة، كيف لهم أن يحكموا دولة بحجم تركيا وهم  لا يستطيعون تحمل تظاهرة سلمية استغرقت 700 أسبوع.
«سزكين تانريكولو» نائب حزب الشعب الجمهورى عن مدينة اسطنبول، قال: إن هذه الممارسات القاسية ليست غريبة على أذهان الشعب التركى، موضحا أنه قبل 23 عاما فض الأمن اعتصام سلمى فى ميدان غلطة سراى التركى للمطالبة عن كشف مصير الابن الضال حسن ايمين، وبالأمس تعرضت والدته للسحل والضرب. وأضاف «تانريكولو» لـ«روزاليوسف»: من الضرورى دعم هذه العائلات التى تحترق بألم أطفالها، ونحن سندعم هؤلاء المواطنين وسنكون مشاركين معهم السبت القادم فى وقفاتهم السلمية حتى ترد لهم حقوقهم ويعاد فتح القضية.