الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. حذاء

واحة الإبداع.. حذاء
واحة الإبداع.. حذاء




اللوحات للفنان هانى الأشقر

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    

[email protected]


 

حذاء

قصة قصيرة

 

كتبتها - داليا رأفت

وَجَدَته، شَعرت به يداها قبل أن تراه، وهي تفتش بصندوق النفايات المطلوب منها إفراغ محتوياته، أخرجته، تأملته، جرت به لممرٍ خلفي مختفية عن الباقين، المنتشرون حول باقي الصناديق، والأكياس.
تركت زجاجات البلاستيك التي تتخصص في جمعها، أسندت، ظهرها على جدار إحدى بنايات الحي. تفحصته، أمسكت به بعناية، كأنه جديد تخشى خدشه، وكأنها تغافلت أنه خرج توا من صندوق فضلات وبقايا.
نظفته بيدها، وبذيل ثوبها المشقوق. شرعت في قياسه، متسع، لكنه جميل، ذو كعب عال، ليست هذه عقبات.
انتعلته، وقعت تقريبا حين نهضت، ثم كادت تقع مرة أخرى، مشيت بتأن باسطة يديها على الجانبين في الهواء؛ لتحافظ على توازنها.
أول مرة لها ترتدي مثله، بل أول مرة بحياتها تلبس حذاء.
ناداها زميل لها متعجبا حين رآها تاركة حصيلة يومها دون اكتراث.
أشاحت بوجهها وتمتمت فهي رغم بلوغها العاشرة لا تجيد الكلام ولا تسمع جيدًا.
دلفت من باب منزلها، هب أبيها غاضبا عندما لم يجد أكياسها الممتلئة، شتائمه موجهة إليها، تعرفها حرفيا من حركة شفاهه لكنها تتظاهر أنها لا تفهم، تمضي لحجرتها، لا ينتبه الأب لمشيتها المعوجة، إلا بعد غلقها باب الغرفة بهدوء، يتساءل في نفسه ماذا دهاها تلك الصماء البلهاء، بينما هي منكفئة على كنزها تحشوه قصاصات من ورق وقماش؛ حتى تتمكن من ارتدائه.