الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. حتى لا تسير الأرض

واحة الإبداع.. حتى  لا تسير الأرض
واحة الإبداع.. حتى لا تسير الأرض




اللوحات للفنان هانى الأشقر

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    

[email protected]


 

حتى لا تسير الأرض

قصة قصيرة

 

كتبها - أحمد محمد أبورحاب

أثناء سيرى فى الطريق استوقفنى رجل ضخم الجثة يرتدى ملابس موحدة اللون وهو يشير بيده إلى لافتة تعلو إحدى البنايات: انظر فيها، استغربت ربما هو أمى يجهل القراءة والكتابة؟ ويطلب مساعدتي، فأجبته: هذه لافته تخص طبيب، هل هو ما تبحث عنه.. لا دقق النظر جيدًا هذه لافتة استرشادية لعربة قطار مكتوب فيها «الساعة الآن التاسعة مساء سيتم التحرك ولأن الوقت ليل فستضاء الأنوار الداخلية».. ثم عقب: أهنئك على اختيارك السفر بقطار بولمان الأسرع فى قطارات المجموعة المتحدة للنقل.. انحنت باتجاهنا رقبة رجل يفترش التراب وجسده موجه للأمام كأنه بمقعد خلفى لحافلة.
قاطعه قائلًا: أوه أنت لا تقول الصدق هناك «راني» و«صقر» أفضل من مجموعاتكم.. تركتهم الاثنين وانصرفت إلى المقهى المقابل وأنا فى قمة التعجب من حديثهم.. سحبت كرسى ارتحت عليه قليلًا طلبت أن يأتينى النادل بشاى
فرد وهو يدق بعصا صغيرة على إناء حديدى فوق ذراعه: حاجة ساقعة، شاى، بسكويت كله باثنين جنيه، ثم وضع كوب الشاى أمامى على المنضدة بعد أن قام بملئه من الماء الساخن الموجود بالإناء، تعجبت أكثر فنصبة إعداد المشروبات أمامى فى رأس المقهى  لماذا يتركها ويحمل المشروبات فوق ذراعه.
على مقربة منى عدة مقاعد متراصة بجانب بعضها، يجلس عليها  كهل وشاب،  الكهل:  لماذا تتعس نفسك بحمل  الهم محطة بنها القادمة وعندما نصل أعهدك سيحل كل ما ينغص عليك راحة بالك، الشاب: عشت ضعيفًا مقهورًا بالفقر والجوع والمرض ونظرات الناس بالسوء. فأدركت أنى مهزوم مهزوم فأنا مجرد إنسان ولا حياة لى.. انطلقت بخطى سريعة وأنا أردد بينى وبين نفسى أكيد فى شيء خطأ، أحسست بدوخة بسيطة، دخلت صيدلية وطلبت بعض الدواء، الصيدلى: لا تقلق الدوخة ولو معها ترجيع  سببها سرعة القطار العالية ثم دفع لى حبتين بيده فرفضت قبلوهم منه وأنا مندهش من كلامه، خرجت على عجل فاصطدمت قدمى بسيدة تجلس مع ابنها على الرصيف سألتنى محطة بنها القادمة أم قليوب.
أه، أكاد أجن حتى أنت نحن فى شارع وليس قطار، عند كشك السجاير أخرج البائع رأسه من شرفته بعينه الجاحظتين، وقفت أمامه قلت لنفسى ربما هو من سيوضح لى سوء الفهم، دفعت له عشرين جنيها طلبا لابتياع علبة ثقاب وسجائر، أعطانى المطلوب دون الباقي، سألته عنه.. بعد أن طوى ورقة صغيرة فى يدى قال: الباقى قطعت لك به تذكره لأنك نسيت قطعها قبل ركوب القطار.