الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المخرج محمد الشرقاوى: المسرح فى مواجهة الإرهاب بالقرى والنجوع

المخرج محمد الشرقاوى: المسرح فى مواجهة الإرهاب بالقرى والنجوع
المخرج محمد الشرقاوى: المسرح فى مواجهة الإرهاب بالقرى والنجوع




خلق المخرج محمد الشرقاوى توجها جديدا بالبيت الفنى منذ خطوته الأولى والمهمة التى بدأها بعد ثورة 25 يناير 2011، حيث قام بعمل جولات بمحافظات مصر للوصول بإبداعه إلى قطاعات  الشعب المحرومة من الفن والثقافة، وبالتالى فتحت هذه التجربة عيون الوزارة على مستوى آخر من الجماهير فاتسعت الرؤية والبحث عن اشكال مختلفة من الأماكن المتطرفة فى صعيد وصحراء مصر، وهو ما دفع الدكتورة إيناس عبد الدايم لإصدار قرار بتعيين الشرقاوى مديرا لمسرح المواجهة، وعن مشروعه والقرار الأخير قال الشرقاوى لـ«روزاليوسف»:

بدأت الحكاية منذ عام 2011 بعرض «عاشقين ترابك» وكان وقتها هناك صدام حقيقى مع الإخوان المسلمين والتيارات الأصولية، لذلك أدركت مدى خطورة ما يفعله الفن فى نفوس هؤلاء فنحن قادرون على هز أى كيان وتغيير كل شيء، وهو ما دعانى للتفكير فى ضرورة أن يرى المواطن ما نقدمه من منتج فنى من أسوان إلى مرسى مطروح كنوع من تحقيق العدالة الثقافية؛ وكان التحدى أن يحقق العرض إيرادات أعلى من عروض العاصمة، وأذكر أنه حدث احتكاك معنا فى مرسى مطروح من بعض التيارات السلفية مما اضطر المحافظة ومدير الأمن لإحاطة المسرح، ثم طلب منى بعدها الفنان فتوح أحمد رئيس البيت الفنى فى ذلك الوقت، أن نقوم بعمل جولات بمعسكرات الأمن المركزى فاقترحت أن نذهب إلى معسكرات الأمن المركزى بأسوان، وبالفعل انطلقنا لتنفيذ هذه الأفكار فى مجموعة من الجولات المتفرقة.
■ هل وجدت صعوبة فى استقبال الجمهور لعروضك؟
- بالتأكيد، لأن الثقة مفقودة فى الجهاز الإدراى للدولة وهناك إنطباع سيء عن منتج وزارة الثقافة وأن الفن «عيب وحرام»، جلسنا وأعددت خطة مع الأستاذ خالد جلال الذى دعمنى وطالبنى بالاستمرار فى تحقيق النجاح وأعددنا وقتها برنامجا بجدول محدد لمدة سنة كاملة، وهذا ما منحنى القوة ولأول مرة استطعنا الوصول إلى الوديان فى سيناء، والقرى والنجوع فى الصعيد وجنوب سيناء.
■ إذن كيف جاء قرار تحويل مشروعك إلى كيان له هيكل إدارى؟
- ظل المشروع متوقفا ككيان لفترة طويلة بسبب رفض المستشار القانونى لبعض الشروط فيه، والدكتورة إيناس عبد الدايم  كانت تتواصل معى قبل توليها منصب الوزارة أثناء رئاستها لدار الأوبرا، وكانت تعرض على المساعدات من الأوبرا، بعد زيارتنا لجنوب سيناء مؤخرا طلبت الجلوس معي، وقالت لى أن أكثر ما يهمها بناء واستمرار هذا الكيان وبقائه على أرض الواقع وأنشأناه تحت عنوان مبادرة «مسرح المواجهة».
■ كيف ترى هذا المشروع؟
- أرى أنه لابد أن يصل إلى قلب كل قرية ونجع فى محافظات مصر، مثلا محافظة الفيوم ظهر بها اخطر تيار اصولى «الشوقيين» هى جماعة ارهابية خطيرة، وكذلك قرى ونجوع الأقصر الأكثر احتياجا فكل مجلس قروى تحته سبع نجوع والقرى التى تضم 50% مسلمين و50% مسيحيين، والأماكن التى لاتزال تحتفظ باللبس التقليدى كل هذه أماكن مستهدفة للمشروع، كما أن وجود أحمد عواض بالثقافة الجماهيرية ساعدنى كثيرا لأنه كان يفاجأنى مثلا بحضور ليلة عرض فى اسنا بالأقصر مديرى عموم الثقافة كانوا جهات داعمة للإنتاج والمشروع، وبالتالى كان إصدار الدكتورة إيناس عبد الدايم لقرار رقم 550 لسنة 2018 بإنشاء شعبة لمسرح المواجهة والتجوال بالبيت الفنى وتكليفى بالإشراف عليها قرار فى غاية الأهمية والصعوبة فهى شخصية قادرة على اتخاذ القرار.
■ ما هى الخطة المستقبلية لمسرح المواجهة؟
- نحن مطالبون بإنتاج عروض لبناء هذا الكيان لكن سنبدأ بالمحور الأول وهو التدريب عن طريق الاستعانة بخريجى المعهد العالى للفنون المسرحية لعمل ورش فى مناطق الصعيد وسيناء ومدن الدلتا ورش مصاحبة للعروض التى سيتم انتاجها وتكون ملتزمة التزاما كبير بالمنهج والرؤية بفكرة المواجهة بعمل مسرح تفاعلى يهتم بمصر هنا والآن بعرض أهم المشاكل التى تواجه المواطن وتفكيك افكار التيارات الأصولية وصياغتها وتقديمها فى عمل فنى محترم فالمسرح فن حى منضبط؛ وعلى سبيل المثال هناك أطفال بعد مغادرتنا للمكان يقومون بتقليدنا وتمثيل المسرحية فى بيوتهم وهذا شيء مهم للغاية ويستحق التأمل والتطوير، عرضنا فى ملاجىء ومعسكرات قمنا بالتدريب على صناعة مسرح فى الشارع والجرن وبالتالى تدريب شباب الأقاليم سيكون خط الدفاع الأول، ثم نقدم أعمال صالحة لكل زمان ومكان يتم عرضها فى دار الأوبرا أو تعرض فى اقصى جنوب الصعيد لأن اعتمادنا الأول سيكون على الممثل فقط.
■ هل هناك خطة لتجوال عروض من البيت الفنى؟
- بالتأكيد ندرس حاليا نوع العروض التى سيتم تجوالها بالمحافظات وسنبدأ بمسرح الطفل لأننى أحلم بمشاهدة «الليلة الكبيرة» فى نجع من نجوع قنا و«آليس فى بلاد العجائب» فى الصعيد، بجانب أى عمل ناجح ومتميز سنسعى لضمه بالإتفاق مع رئيس البيت.
 ■  ما طبيعة الصعوبات التى تواجه المسرح المتجول؟
- هناك صعوبات تظهر بمجرد وصولنا إلى المكان فأحيانا الأماكن لا تكون مجهزة لاستقبال العروض، أول ليلة عرض تكون الأصعب ثم يسهل الأمر بالتدريج كما أن هناك شيئا فى غاية الأهمية وخبرة اكتسبتها من هذه الجولات هو كل ما أظن أننى رأيت مصر من الداخل اكتشف أننى مازلت لم ارها على حقيقتها كاملة ففى كل مرة أخرج بتجارب واكتشافات جديدة؛ لأن مصر كبيرة وشعبها متنوع وطبيعتهم مختلفة ومظلومين على مستوى المعيشة والخدمات الحكومية برغم وجود منجز حقيقى من طرق وكبارى إلا أن يومهم مغلق ومنغلقين جدا فى أفكار بالية ومتشددة متسيدة الموقف، لكن بمجرد شعورهم أننا نمثلهم ولا نتعالى عليهم بالفن يرحبون بنا بكل الوسائل ولن أنسى تعليق امرأة من الأقصر تبلغ من العمر 90 عاما قالت لى «يا ابنى كتر خيرك انا حاسة انك طبطبت عليَّ».
■ هل سيكون هناك إنتاج مخصوص لمسرح المواجهة؟
- طبعا وهذه الفترة اعتقدت أن الدولة مهتمة وتوجه رعايتها إلى دعم الثقافة فى الأماكن النائية وهو محور فى غاية الأهمية وبالتالى يجب استغلال فرصة اهتمام رئيس الجمهورية شخصيا بالجانب الثقافى وسوف اعتمد على زملائى الشباب مثل إسلام سعيد فهو عائد من منحة الأكاديمية المصرية بروما لذلك قررت استغلال خبرته بمسرح الشارع وهذه الفترة يعد لمشروع «جمهورية الطوب الأحمر» وسيتم عرضه أول 15 يوما بالأماكن الأثرية بالسيدة زينب والأسمرات، ثم نضع برنامج لتجواله بالأطراف وسيقوم بعمل ورش نهارا فى الكتابة والديكور والإخراج وأسامة فوزى هو مخرج مهم جدا سوف نستعين به ايضا فى تقديم مشروع جديد.
■ هل سيكون هناك تعاون مع الهناجر وقصور الثقافة؟
- كل قطاعات الوزارة سوف تتكاتف لإنجاح ودعم المشروع لأنه فى رأيى لو اختفت جهة ستؤثر سلبا علينا؛ كما أن الوزيرة مهتمة ومؤمنة جدا بما نفعله وتتابع تفاصيله بشكل يومى حتى أنها تهتم بأدق تفاصيل الشباب المشاركين بالعرض، فالجزء المعنوى فى الدعم النفسى للفنانين مهم للغاية فعلى سبيل المثال احيانا قد يشعر الممثلون بطاقة سلبية لأى سبب محبط، لكن مع وجود الدعم النفسى والمعنوى المتكرر والمستمر يستطيع الشباب تجاوز هذه المشاعر والمحن ويشعل الطاقة والحماس داخلهم.
■ ما اصعب الأماكن التى قمت بزيارتها؟
- أصعب تجربة كانت معسكر الأمن المركزى فى العريش عام 2016 بعرض «عاشقين ترابك» كانت تجربة صعبة ومهمة للغاية، وغيرتنى على على المستوى النفسى لأنني تأثرت بها كثيرا عندما طلب منى السفر إلى هذا المكان ابديت استعدادى بلا تردد وطلبت أن اقضى معهم عيد الفطر، كانت المفاجأة غياب ناس من العرض بسبب خوفهم من سفر العريش ثم دخولنا فندق مهدم كانت الدنيا مظلمة ووجدت وجهة الفندق متصدعة بعد آخر عملية ارهابية مات فيها القضاة وعند وصولى الغرفة سمعت صوت انفجار بجانب ظروف حظر التجول وقتها شعرت باقتراب الموت ثم بدأت فى التجهيز للعرض، وكان من الصعب العمل تحت ضغط توقع الموت، كانت مشاعر رعب حقيقية لكن بعد أن شاهد مدير امن العريش العرض قال لى «دوركم تجاوز دورنا»، يوازيها فى نفس الظروف نجوع الأقصر كان هناك نساء لم تشاهد مسرحا من قبل والمرأة فى الصعيد مهمة بالنسبة لى للغاية لأنها المحدد والمؤثر الأول فى البيئة كلها، الحقيقة أننا زرنا محافظات مصر بالكامل بعرض «عاشقين ترابك» لكن كنا نقدمه بالمحافظة لكن فى جولات «ولاد البلد» تجاوزنا المحافظات بالقرى والنجوع والأطراف البعيدة التى شاهدت مسرح لأول مرة على ايدينا.