النصب التذكارى للمحمودية بالبحيرة.. التاريخ يواجه الإهمال
محمد عيسوى
كتب - محمد عيسوى
«قيلدى أجرانيلى رحمانية دن محمود خان» على مدار ما يقارب القرنين من الزمان، مر من هنا الآلاف من المحدقين فى هذه الكلمات ذات الحروف العربية، ولكنها لم تكن كافية لفهم وإدراك ما تخفيه من معان وأسرار، «هنا المحمودية»، استوقفت هذه الكلمات التى افتتح بها النص المنقوش على لوح التاريخ التذكارى، لشق ترعة المحمودية الرائح والغادى من المارين عند هويس ترعة المحمودية بالبحيرة، حيث النصب التذكارى الذى أقيم على فم ترعة المحمودية منذ سنين طويلة، اختلفت الروايات عن مضمون ما يحمله هذا النص، ولكن يزول العجب حين نعرف أن اللغة التى كتب بها هى التركية القديمة.
النصب التذكارى الذى يعتبر أحد أهم معالم مدينة المحمودية، هوقطعة فنية فريدة أنشئت فى عام 1234 هجرية، احتفالا بافتتاح هذه القناة التى أمر بحفرها محمد على باشا عام 1807م، لتصبح شريانا للحياة فى القطر، حيث تمتد هذه الترعة من نهر النيل فرع رشيد وحتى ميناء الإسكندرية، استغرق حفر هذه الترعة 13 عاما وكانت مشروعا قوميا ضخما بذل فيه الكثير من المصريين من عرقهم وأرواحهم، حيث مات أثناء الحفر ما يقارب 12 ألف عامل دفنوا على ضفتيها .
وبسؤال، مصطفى عبد المنعم، الباحث فى الفنون ومدرس التصميم بجامعة الأزهر، قال :إنه بالإضافة إلى القيمة التاريخية لهذا النصب التذكارى تتجلى أيضا قيم فنية ثمينة, حيث نقش هذا النص والذى هوعبارة عن قصيدة شعرية باللغة التركية، موقعة باسم الشاعر التركي، عزت ملا أفندى تمدح وتمجد السلطان العثمانى محمود خان، حيث كانت مصر ولاية عثمانية وقتها، وبرغم كل ما ذكرناه إلى جانب القيمة الفنية والتاريخية لهذا الأثر، إلا أنه لم يسلم من الإهمال والتشويه حيث طمست الترجمتان العربية والإنجليزية، وسقط الهلال الذى يعلوالقبة وأصبح المكان خربا بعد أن كان شامخا تحيطه حديقة صغيرة غناء منذ سنين، ويزيد الدهشة والعجب كونه على بعد أمتار من مركز شرطة المحمودية.