الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى القرن 21 قطر تُعيد العبودية

فى القرن 21 قطر تُعيد العبودية
فى القرن 21 قطر تُعيد العبودية




كتبت - أمانى عزام


دون مأوى وفى ظروف مأساوية تفتقر لتوفير الأدنى من متطلبات الحياة يعيش عمال كأس العالم فى قطر حياة أقرب ما تكون إلى العبودية، إذ إنهم يواجهون الموت أثناء تشييدهم للملاعب التى ستحتضن مونديال 2022، وسط التكتم القطرى حيال أعداد الوفيات، والأرقام المغلوطة التى تذكرها السلطات القطرية لمنظمات حقوق الإنسان داخل إمارة الظلم والإرهاب، لذا دعت بعض المنظمات الحقوقية فى ندوة جانبية نظمتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان فى بريطانيا وأوروبا، والرابطة الخليجية للحقوق والحريات، بمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة بجنيف خلال الدورة ٣٩، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان، ومديرى منظمتى العمل الدولية والعربية، والاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا»، إلى سحب حق تنظيم بطولة كأس العالم 2022 من قطر وفرض عقوبات عليها لانتهاكها حقوق العمال.

هذه ليست المرة الأولى التى تفضح فيها المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام العالمية سوء الأوضاع لمعيشية لعمال كأس العالم فى قطر، إذ أزاح تقرير لإذاعة صوت ألمانيا «دويتش فيليه» الستار عن الظروف القاسية التى يتعرض لها العمال الآسيويون فى موقع إستاد المدينة التعليمية، ضمن منشآت كأس العالم 2022، الذى تنظمه «الدوحة»، والتى أدت إلى وفاة الآلاف من العمال فى ظل إصرار الإمارة الخليجية على عدم الاعتراف بتورطها فى مقتل العمال.
فيما وصف العمال الآسيويون، خلال التقرير الذى نشرته «دويتش فيليه»، ظروف معيشتهم بأنها «الأسوأ على الإطلاق»، قائلين – حسب التقرير-: «إن حياة الكلاب أفضل من حياتهم»، مؤكدين أنهم يتلقون رواتب زهيدة لا تناسب ما يقومون به من عمل، فضلاً عن رداءة الطعام الذى يقدم لهم.
التقرير كشف أن الحكومة القطرية تصادر جوازات السفر للعمال لمنعهم من ترك العمل والعودة إلى وطنهم، ونقلت «دويتشه فيليه» عن محمد أكرم، الذى تحدّث باسم مستعار: «نعيش 7 فى غرفة واحدة، والطعام الذى نحصل عليه سيئ، لقد صادر صاحب العمل جوازات سفرنا لحظة وصولنا».
وعندما واجهت «دويتشه فيليه» شركة قطر للسكك الحديدية بهذه الانتهاكات، جاء ردها أنها بدأت مراجعة داخلية لتحديد ما إذا كان هناك خرق للقانون»، فيما ترفض الحكومية القطرية الاعتراف بأن وفاة العمال نتيجة الظروف القاسية، مشيرين إلى أن حالات الوفاة نتيجة إصابة العمال بالأمراض.
فيما أوضح مراسل الإذاعة الألمانية أنه شاهد فى نهاية يوليو الماضى قرابة العشرة عمال يعملون بين الحادية عشرة والنصف صباحًا والثالثة مساءً، وهى الساعات التى حددتها دولة قطر للراحة فى الفترة بين 15 يونيو و31 أغسطس نظرًا لكونه الوقت الأشد حرارة فى فصل الصيف.
«نيكولاس ماكيجهان»، الخبير فى حقوق العمال المهاجرين فى الخليج، الذى يبحث فى وفاة العمال لصالح «هيومان رايتس ووتش» أكد خلال التقرير الذى نشرته الاذاعة الألمانية، أنه صُدم نتيجة ما توصل إليه من نتائج، ويرى أن حدوث انتهاك فى ملعب مرتبط بالفيفا أمراً أكثر خطورة لأن مشروعات الفيفا تحكمها اللجنة العليا  للتسليم والتراث التى تعد بمعايير أعلى للرخاء من أجل العمال، ورأى أن هذه الواقعة تشير إلى أن المتعاقدين لا يلتزمون بالقوانين الأساسية.
كما نشرت صحيفة «لوموند الفرنسية» فى وقت سابق تحقيقا تحت عنوان «المقلق لعمّال كأس العالم 2022، فى قطر»، كشفت فيه أن الحرارة الشديدة التى تحتدم فى قطر خلال فصل الصيف، بدرجات حرارة تتجاوز 50 درجة، سببت العديد من الوفيات فى مواقع البناء، إضافة إلى نظام الكفالة الذى يربط العمال الأجانب بأصحاب العمل، والذى يخضعهم لرغبة الكفلاء فى تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد، مشيرة إلى أن العالم صُدم من فكرة أن مئات الآلاف من المهاجرين الآسيويين العاملين فى مشاريع كأس العالم يُذبحون فى ظروف قريبة من «العبودية»، الأمر الذى دفع بمنظمات حقوق الإنسان لدق ناقوس الخطر، مطالبين بإلغاء الكفالة.
وأشارت الصحيفة إلى أن فى تحقيقات مدوية قامت بها صحيفة الجارديان فى 2013، أكد الاتحاد النقابى الدولى خلالها (CSI) أن 4000 عامل معرضون لخطر الهلاك فى قطر بحلول المباراة الافتتاحية فى عام 2022، موضحة أن التحقيق لم يعارضه سوى المسئولين المحليين فى قطر، بعد أن حصلت «الغارديان» عليه من الإحصاءات الرسمية فى عام 2012، والتى كشفت عن فناء 520 عاملا من نيبال والهند وبنجلاديش، من بينهم 385 حالة وفاة غامضة، موضحة أن العمال القادمين من نيبال والهند وبنجلاديش يشكلون ثلاثة أرباع القوى العاملة فى قطر، والذين يُقدر عددهم بنحو مليونى شخص.
التقت «لوموند» خمسة شباب نيباليين عملوا فى استاد الوكرة، والذين كانوا قادرين على التعبير عن أنفسهم بحرية، خارج نطاق سيطرة رؤسائهم؛ حيث لم يشهد أيّ منهم حادثة قاتلة، وقال أحدهم إنه سمع بمثل هذه الحالة فى بداية العمل فقط.
قال أحد العاملين فى إنشاء الملاعب يدعى سوشانت، يبلغ من العمر 21 عامًا، وعمل لمدة عام ونصف فى موقع بناء الملعب: «عليك التركيز كثيرًا، فالعمل شديد الخطورة، فى بعض الأحيان نعمل فى ارتفاعات عالية جدًا، أصغر قطعة تسقط منك يمكن أن تسبب ضررًا هائلاً، وكانت هناك إصابات طفيفة فى الآونة الأخيرة، ولكن لم تحدث وفيات. أما تك، الذى يعمل سائق شاحنة ويبلغ من العمر 31 عاماً عمل لمدة سبعة أشهر فى الوكرة، يرى من جانبه، أن «الأمن مُشدد عليه للغاية».
فى هذا السياق قال سلمان ناصر، رئيس مجموعة «حقوقيون مستقلون» بالبحرين، إن انتهاكات قطر لحقوق العمال تتمثل فى نظام استقدام العمل المعيب، وتجاهل شكاوى العمال وسبل الإنصاف، والتعويضات غير الكافية، والقوانين القطرية التى تفتقر التشريعات الحامية للعمالة الوافدة، مؤكداً أن انتهاكات قطر لحقوق العمال وصمة عار فى جبين المجتمع الدولي؛ حيث إن الشكاوى العمالية التى تم الحصول عليها تبين ظروف عمل العمال التى لا تتوافق مع جميع التعهدات والصكوك الدولية المعنية بحقوق العمالة الوافدة والمهاجرة.
أوضح «ناصر» فى تصريح خاص لـ«روزاليوسف»، أنه بعد حصول قطر على تنظيم كأس العالم 2022 لكرة القدم، الذى يشوبه العمل غير النزيه المتمثل فى الرشاوى والتحشيد غير الأخلاقى حسبما ورد على لسان جوزيف بلاتر الرئيس السابق للفيفا واعترافات عدد من أعضاء وموظفى الفيفا، بأن قطر قامت باستقطاب جيش جرار من العمالة الوافدة؛ إذ تبلغ نسبة العمالة الوافدة فى قطر 94% من إجمالى العمل فى قطر - 1.2 مليون من بين 1.7 مليون شخص هو عدد سكان قطر.
وكشف رئيس مجموعة حقوقيون مستقلون بالبحرين، أن التقارير أثبتت عبر الشكاوى الواردة من العمال فى قطر أن أجر العامل يتراوح بين 6 إلى 8 دولارات فقط مقابل العمل 9-11 ساعة يومياً فى العراء فى ظروف شاقة حيث اشتكى العمال أن هذه المبالغ لا تغطى قوت يومهم ناهيك عن القروض التى يأخذونها فى بلدانهم لدفعها للمكاتب للقدوم لقطر التى يأخذ نصيبا منها مكاتب الاستقدام بقطر، وفى بعض الأحيان لا يحصلون على الأجر الشهري، كما أفاد العملاء بتعرضهم لخصومات واقتطاعات غير قانونية وتعسفية من أجورهم، على أشياء مثل الإقامة والطعام والرعاية الصحية، وأن العمال يقيمون فى مخيمات وليس لديهم مياه صالحة للشرب.
تابع: «هذا بجانب السلطة المطلقة للكفيل؛ إذ يحق له إلغاء تأشيرة العامل متى يشاء لأى سبب ودون مراعاة حقوقه المادية، كما أن الرقابة للحقوق العمالية قد تكون شبه معدومة بسبب وجود 150 موظفا لمتابعة العمال الذين يصل عددهم إلى 1.2 مليون شخص، مطالبا الاتحاد الدولى لكرة القدم أن يقوم بدوره تجاه هذه القضية الإنسانية، وألا يمكن قطر من بناء منشآتها على حساب حاجة العمال القادمين من ظروف اقتصادية صعبة فى بلدانهم ويتم استغلالهم من قبل الشركات القطرية ونظام الكفيل.
استكمل: «نحن كمراقبين نرى أن إفلات قطر من هذه الجرائم فى حق العمال الأجانب يؤسس لعدم احترام القوانين الدولية الناظمة والحاكمة لحمايتهم، ومن جهة أخرى يؤسس للدول التى امتهنت سبيل الرشوة والتحايل على القانون الهروب بجرائمها والتنصل من المسئولية القانونية والإنسانية عبر دفع الرشاوى والتضليل الإعلامى كما تمارسه دولة قطر».