الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الحياة تعود لـ«مانشستر» الشرق

الحياة تعود لـ«مانشستر» الشرق
الحياة تعود لـ«مانشستر» الشرق




أخيرا وبعد غياب نصف قرن من الإهمال حتى تحولت إلى «خرابات» وتوقفت عجلة الإنتاج بدأت الحكومة فى تنفيذ أكبر خطة إنقاذ لشركات الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وكفر الدوار من خلال ضخ 27 مليار جنيه حصيلة بيع محالج أقطان تابعة لتلك الشركات لتعيد بذلك الدولة أمجاد القلاع الصناعية والتى طالما تغنى بها العالم لدرجة أن العالم كان يلقب مدينة كفر الدوار بمانشستر الشرق الأوسط تيمنا بمدينة مانشستر الإنجليزية قلعة الصناعة فى العالم آنذاك.. وبالتزامن مع خطة إصلاح شركات الغزل والنسيج قامت وزارة قطاع الأعمال بتسوية للمديونية التاريخية لتلك الشركات والبالغة 8 مليارات جنيه من خلال مبادلة لأصول من الأراضى لصالح بنك الاستثمار القومى الدائن لتلك الشركات.

يرجع بعض شركات الغزل والنسيج فى نشأتها إلى أكثر من ١٠٠ عام حيث كانت البداية لبناء صناعة غزل ونسيج وطنية فى مصر على يد طلعت باشا حرب بتأسيس بنك مصر عام ١٩٢٠ وتأسيس العديد من الصناعات الوطنية من خلال البنك كان من أهمها صناعة الغزل والنسيج وأولها إنشاء شركة «مصر للغزل والنسيج» فى المحلة  الكبرى  ١٩٢٧ ثم تبعها تأسيس عدد آخر من الشركات فى مجال الغزل والنسيج.
وفى عهد الرئيس جمال عبدالناصر بعد ثورة يوليو ١٩٥٢ واتجاه الدولة للنهوض بالصناعة تم التوسع فى إنشاء مصانع للغزل والنسيج فى جميع أنحاء الجمهورية وركزت الدولة على التوسع فى زراعة القطن ليصل إنتاج مصر من القطن طويل التيلة فى الستينيات إلى ١٢ مليون قنطار يتم تصنيع ٦ ملايين منها وتصدير الباقى لتصل صادرات النسيج إلى نحو ٢٥٪ من الصادرات، وتتحول مدينة كفر الدوار بالبحيرة والمحلة الكبرى التى تتركز بها معظم مصانع ومحالج الغزل والنسيج إلى إحدى القلاع الصناعية ليطلق عليها «مانشستر الشرق الأوسط» ذات سمعة عالمية لجودة المنتج المصرى الذى يخرج منها.
ومع تبنى سياسة الانفتاح الاقتصادى فى السبعينيات كان له انعكاس على الشركات العاملة فى مجال الغزل والنسيج الحكومية وعددها ٣٢ شركة يتبعها أكثر من ٥٠ مصنعًا وما يقرب من ٤٠ محلجًا للقطن ولكن كان تأثيرًا محدودًا ولكن فى منتصف الثمانينيات والتسعينيات بدأ يعانى قطاع الغزل والنسيج حالة من التدهور الملحوظ وتراجع حاد فى الأداء عاما تلو الآخر للتراكم مديونيات هذه الشركات لتصل إلى نحو ٤٥ مليار جنيه وحجم خسائر سنوية تصل إلى ٣ مليارات جنيه للتحول قلاع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وكفر الدوار  إلى مجرد ماضى.
وترجع الأسباب الأساسية إلى تدهور أغلب مصانع القطاع وتوقف بعضها إلى عدم ضخ استثمارات بها أو حتى الاهتمام بتطوير وتحديث المعدات والآلات وتقادم أغلبها حيث يرجع إنشاء بعضها إلى العشرينيات، وأيضا كان قانون ٢١٠ لعام ١٩٩٤ الخاص بتحرير تجارة القطن بمثابة الضربة القاضية لشركات الغزل والنسيج وأدى تفاقم مديونياتها نتيجة لعدم قدرتها على الحصول على القطن بأسعار مدعمة وبالكميات التى تحتاجها وارتفاع سعر القنطار وقتها من ١٠٠ جنيه إلى ٥٠٠ جنيه ورفعت الدولة يدها من مهمة توفير القطن للشركات وتراجع أيضا دور وزارة الزراعة فى الاهتمام بزراعة القطن طويل التيلة، إلى جانب زيادة العمالة فى هذه المصانع عن الحاجة ليصل العاملون بالشركات التابعة للغزل إلى ٦٠ ألف عامل وأغلب الشركات لا تستطيع تدبير قيمة رواتب العاملين حتى حصلت على دعم ١٠٠ مليون جنيه شهريا من صندوق إعادة الهيكلة لتسديد الرواتب، وتصل أجور العاملين بشركات الغزل والنسيج إلى ٢,٥ مليار جنيه سنويا.
مع توالى الأزمات التى تسببها شركات الغزل والنسيج لقطاع الأعمال أقر خلالها بالحاجة الملحة لإعادة هيكلة هذا القطاع الحيوى وضرورة إنقاذه من الانهيار، وتمثل ذلك فى التعاقد مع مكتب «وارنر» الأمريكى للاستشارات لعمل دراسة لإعادة هيكلة وتطوير ٢٥ شركة من أصل ٣٢ تابعة للقابضة للغزل، وبدأ المكتب مهمته فى شهر يناير ٢٠١٦ وانتهى منها فى مارس ٢٠١٧ وحصل المكتب على مليون دولار نظير الدراسة.
ووفقا للدراسة «وارنر» قدر احتياج عمليات تحديث وتطوير الشركات إلى ٩ مليارات جنيه قبل التعويم واقترح تدبيرها من خلال بيع أراضى محالج القطن غير المستغلة، وتضمنت الدراسة إعادة هيكلة شاملة سواء فنية ومالية أو إدارية وتسويقية،  كما تمثلت أبرز توصيات المكتب فى إنشاء خطوط إنتاج جديدة فى شركات كفر الدوار والمحلة الكبرى وتحديث شامل بماكينات الإنتاج الحالية.