الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأبعاد التشكيلية والقيم الروحانية فى «تأثير المذاهب على العمارة الإسلامية»

الأبعاد التشكيلية والقيم الروحانية  فى «تأثير المذاهب على العمارة الإسلامية»
الأبعاد التشكيلية والقيم الروحانية فى «تأثير المذاهب على العمارة الإسلامية»




كتب - أحمد سميح


صدر حديثا عن مكتبة الأنجلو المصرية كتاب «تأثير المذاهب على العمارة الإسلامية للمساجد» للمهندسة المعمارية د.مى حواس، ويناقش الكتاب إحدي القضايا الأساسية فى كل المجالات المعرفية وهى قضية التحيز للنموذج الغربى أو قضية التغريب، والتأثر بالتيار الغربى بدون انتقاء للمناهج الفكرية كإحدي ظواهر التبعية الثقافية للعالم الغربى فى مصطلحاته ومفاهيمه، ومحاولة الفهم الجاد والعميق لتراثنا ومحاولة تفسير تراثنا المعمارى من خلال فقه وروح وهدف الفكر من خلال استبطان أبعاده التشكيلية وقيمه الروحانية.


الكتاب هو إعادة تقديم وطرح لرسالة د. مى حواس لنيل درجة الماجستير من قسم العمارة بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، ويأتى الكتاب فى أكثر من 200 صفحة من القطع المتوسط مشتملا على أربعة أبواب رئيسية، ويكشف الكتاب انعكاس تنوع المذاهب على المعمار الدينى للمساجد، وباعتبار معمار دور العبادة يترجم المفاهيم العقائدية لدى بنائه، وأن تلك المفاهيم من النصوص الواردة فى كتب العقيدة تساعد على تفسير مظاهر العمران والمعمار والمجتمع الذى شكله وباعتبار أن العمارة الإسلامية كلمة لا تطلق على معمار حقبة زمنية معينة أو معمار بطابع بصرى بعينه، لكنه معمار يحمل قيمًا روحية ينص عليها الدين، بالإضافة لتطبيق تعاليم القرآن والسنة والقيم الجمالية التى تعبر عن التوحيد والتجانس والتجريد وغيرها خاصة أن الدين والعادات والتقاليد الخاصة بالمجتمعات هى أحد رواسم العمران، حيث تتبلور على شكل طرز وأعراف تمت صياغتها عبر الزمن، كما أن الثقافة والعمران من المفاهيم المتلازمة بحيث يكون العمران معبرا عن المجتمع وهويته وثقافته.
فى الباب الأول من كتابها تتناول المؤلفة بالبحث والتحليل بداية ونشأة المذاهب السنية والمذهب الشيعى وأسباب ظهورها وتعدد فرقها علاوة على تناول شامل وموجز لتأثير شخصية المجتمع والعامل الأيديولوجى على العمران، ويحمل الباب الثانى من الكتاب عنوان «الإدراك الجمالى فى معمار المساجد» ويتناول فلسفة الحسن والجمال من منظور الإسلام وأنواع الجمال وكيفية إدراكه علاوة على القيم الجمالية فى المعمار الإسلامى المرتبطة بمضمون العقيدة ومقاييس النسبة والتناسب والتجريد فى الوحدات المستخدمة والعلاقات الهندسية والرياضية مابين العناصر والاتزان والإيقاع فيما بينها ومزية العناصر الفنية.
يتناول الباب الثالث ثنائية رمزية العناصر المعمارية وارتباطها بثنائية عقيدة المذهب، حيث تتناول فيه المؤلفة رمزية مداخل المساجد وصحنها وقاعات الصلاة وغيرها من مكونات المساجد المعمارية وذلك عند السنة والمتصوفة والشيعة.
أما الباب الرابع فجاءت فيه المؤلفة بمقارنة بين العناصر المعمارية لمساجد ومدارس العصر المملوكى السنية والصوفية ومساجد وروضات العصر الصفوى للمذهب الشيعى محاولة رصد دخول الضريح كعنصر فى المجمع الدينى للمسجد فيمكن من خلال قراءة الرمزية فى العناصر المعمارية للمساجد فى تكوينها منفردة أو فى أسلوب وفلسفة التكوين الجمالى لعدد من هذه العناصر
يعرض الكتاب مقارنة بين المساجد أو المدارس من العصر الصفوى فى العراق وإيران فى مقارنة بينها وبين مساجد ومدارس العصر المملوكى البحرى فى مصر، كما يطرح الكتاب دراسة العناصر المعمارية للمسجد، والتعرف على أسباب التغير فى هيئته المرتبطة بالعقيدة، تبعا لمفهوم المذهب السنى أو الشيعى فى بعض المناطق.
تشير الكاتبة إلى أن الفكر العقائدى ركيزة فى تفسير المعمار الديني، يدعمه ويساعده باقى المؤثرات المادية للتعبير عن الفكر المذهبي، وتؤكد أن محاولة التفسير من خلال معمار المسجد محاولة لتبين النموذج المعرفى الكامن فى تعبيرية المعمار عن فكر بانيه، وتلفت إلى تكامل العمارة والفنون فى التعبير عن المذهب الدينى على اختلافه فى المعمار الدينى للمساجد.
يهدف الكتاب إلى تحليل المعمار الدينى للمساجد، انطلاقا من وجهة نظر مرتبطة بالعقيدة كمؤثر أساسى على التصميم وبعيدا عن اعتبار المؤثرات المادية (جغرافيا- مناخيا-..) أساسا لفهم مضمونها، كذلك الحال بالنسبة للتحليل الوصفى للهيئة المعمارية.
كما يحاول الكتاب تفسير معمار المساجد من خلال المنظومة الاجتماعية بحيث يمكن التمييز بين مسجد وآخر من خلال فهم اللغة التشكيلية فى تعبيرها عن تلك المنظومة التى تنتمى إليها.
كما يهدف الكتاب إلى فهم وإدراك تأثير العقيدة أو المذهب عند محاولة تفسير الناتج المعمارى للمجتمع، من خلال فهم النصوص والتفسير الخاص بالمذهب للنصوص القرآنية والحديث الشريف.
علاوة على فهم ما خلفه لنا السابقون من تجارب وفهم ثقافتهم وبواعث اختياراتهم، للوعى بالغاية التى سعى إليها السابقون وأهدافهم التى أرادوها، وغربلة كل ما نصل إليه، للتوصل إلى شخصيتنا وخصائصها التى تمنحها ملامحها المتميزة عن غيرها من الجماعات، لنتقدم بما يتفق مع فطرتنا وطبيعتنا.
يتناول الكتاب المذهب السنى والمذهب الشيعى بالدراسة باعتبارهما المذهبين الرئيسيين فى الفكر الإسلامى ويحلل المنتج المعمارى لمساجد العصر المملوكى البحرى بمصر، والتى تأثرت بالفكر السنى الصوفي.
كما يتناول الكتاب بالدراسة المنتج المعمارى للمساجد والأضرحة فى العصر الصفوى بإيران والعراق، حيث ازدهر المذهب الشيعى كمذهب رسمى للبلاد.
يشير الكتاب إلى أن للعقيدة تأثيرا على الناتج المعمارى لجماعة ما تؤمن بتلك العقيدة وأن تفسير الناتج المعمارى لا يتم إلا بإدراك أن الإنسان كل مركب، كما يشير إلى أن محاولة تفسير الناتج المعمارى يكون من خلال فهم وإدراك فلسفة التفكير العقائدى لدى الجماعة خاصة أن للمذهب السنى مفاهيم تختلف عن مفاهيم المذهب الشيعى عن الله والإنسان والعمران والمجتمع وبالتالى فإن ناتجهم المعمارى متباين.
وتلفت المؤلفة إلى ضرورة التواصل مع ما خلفه لنا الماضى من تجارب وأفكار وغربلتها، لامتلاك الأساس والجذور التى لا تعوق انطلاقنا للمستقبل بأفكارنا وتقاليدنا ومفاهيمنا الخاصة عن الحياة والمجتمع والعمران والكون.
ويضم الكتاب عرضًا تحليليًا لمفهوم المذهبين السنى والشيعى ودور ذلك الفهم فى إدراك النموذج المعرفى للمجتمع المؤثر بالضرورة على المنتج المعمارى للمساجد، ويضم دراسة لمفاهيم الفكر الدينى للمذهب السنى وللمذهب الشيعي، ومدى تأثيره على فكر عمارة المساجد فى نطاق حدود البحث الزمانية والمكانية.
ويضم الكتاب بين طياته دراسة مقارنة تتناول دراسة تأثير مفاهيم الفكر الشيعى والفكر السنى على العناصر المعمارية للمساجد، كمحاولة لتمييز ذلك المعمار من منظور أيديولوجي.