الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الدولة تكسر احتكار صناعة الأسمنت

الدولة تكسر احتكار صناعة الأسمنت
الدولة تكسر احتكار صناعة الأسمنت




أعد الملف – رضا داود وهيثم يونس

أخيرا وبعد مرور ربع قرن من الهيمنة والسيطرة الأجنبية على شركات الأسمنت فى مصر والتى أفسحت الخصخصة لها الباب فى التسعينيات حتى تحكم «الخواجات» فى أهم صناعة أستراتيجية فى مصر. رجعت هيبة الدولة من جديد فى تلك الصناعة على يد مصنعى العريش وبنى سويف للأسمنت حيث يشاركان بحصة تصل لـ30% من حجم السوق  وهو الأمر الذى كسر احتكار الأجانب لتلك الصناعة والتى طالما راوغ وتلاعب الأجانب بالمستهلك المصرى بالاتفاق على رفع الأسعار وتقويض المنافسة طيلة السنوات الماضية ولا ننسى فى هذا الأمر قضية الاحتكار الشهيرة لتلك الشركات فى عهد وزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد حينما أحال جميع الشركات المنتجة والبالغ عددها فى ذلك الوقت 13 شركة إلى المحاكمة العاجلة وبالفعل صدر الحكم الشهير بتغريم تلك الشركات 200 مليون جنيه ووقتها قامت الدنيا ولم تقعد وهددت الشركات بالانسحاب من السوق المصرية إلا أن الدولة لم تلتفت لتك التهديدات.. اليوم وبعد دخول الدولة كصانع للسوق فى قطاع الأسمنت تبدلت حصص الاستحواذ وسقطت الهيمنة الأجنبية فالسوق الحر لا يعنى الفوضى ولكن لا بد أن تكون للدولة ذراع قوية تتدخل بها للحفاظ على الاستقرار ..حتى فى أعتى النظم الرأسمالية فى بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا لا تزال تحتفظ بشركات استراتيجية لحفظ توازن السوق. اليوم نفتح ملف صناعة الأسمنت فى مصر وما وصلت إليه الأمور فى هذا السوق.


1- «بنى سويف» و«العريش للأسمنت» ذراعا الدولة فى إنتاج الأسمنت

بعد معاناة المواطنين من سيطرة الأجانب على سوق الأسمنت والتحكم فى الأسعار خلال الـ 25 عاما الماضية جاءت القيادة السياسية لتصحح أخطاء الماضى بتدخل الدولة كمنتج فاعل فى سوق الأسمنت من خلال مصنعى العريش وبنى سويف للأسمنت واللذين يساهمان بحصة سوقية تصل لـ 30 % من حجم سوق الأسمنت بطاقة إنتاجية تقدر بـنحو 20 مليون طن من إجمالى 60 مليون طن حجم الإنتاج الكلى للشركات العاملة داخل السوق وتدرك الدولة جيدا أن اقتصاد السوق الحر لا يعنى الفوضى وأن الدولة لا بد أن يكون لها أنياب ولم تكتف الدولة فقط بتدخلها كمنتج قوى فى سوق الأسمنت بل وفتحت الباب أمام المنافسة للقطاع الخاص ليصل إجمالى عدد الشركات العاملة فى سوق الأسمنت داخل مصر إلى نحو 23 شركة وتستعد الحكومة حاليا لمواجهة فجوة كبيرة بين الإنتاج والاستهلاك تصل إلى 30 مليون طن بحلول عام 2020 حيث من المقرر ان تطرح وزارة التجارة والصناعة 14 رخصة جديدة للأسمنت خلال العام المالى الجارى بنظام المزايدة، ومن المتوقع أن تصل حصيلة طرح الرخص من المزايدات نحو 300 مليون جنيه تؤول لخزانة الدولة، وتصل الطاقة الإنتاجية للرخصة الواحدة 1.5 مليون طن وسوف تتركز غالبية المصانع الجديدة المزمع إنشاؤها بمحافظات الصعيد، نظرا لتوافر الخامات اللازمة لتصنيع الأسمنت فى تلك المناطق. ويعد هذا الطرح هو الثالث بعد عمليتى الطرح اللتين حدثتا فى 2007 و2005 وبحسب بيانات هيئة التنمية الصناعية فإن عدد مصانع الأسمنت العاملة داخل السوق المصرية بلغ 23 مصنعا بعدما كان 13 مصنعا قبل 2012 وهو ما يدل على توسع الدولة فى تلك الصناعة الاستراتيجية لتغطية الاحتياجات الاستهلاكية المتزايدة التى تنمو بمعدل يتراوح ما بين 7% و10% سنويا نتيجة التوسع العمرانى الكبير الذى لم تشهده مصر منذ سنوات.

2- خصخصة التسعينيات وضعت شركات الأسمنت تحت رحمة الأحتكار 25 سنة


خطيئة كبيرة ارتكبها نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى حق الشعب والمواطن؛ حينما باع شركات الأسمنت الوطنية تحت مسمى برنامج الخصخصة فى التسعينيات من القرن الماضى حيث قضت الخصخصة على الشركات الوطنية التى كانت تحقق أرباحا كبيرة للخزانة العامة للدولة فى تلك الفترة وتحفظ توازن الأسعار داخل السوق حيث مكنت الخصخصة الأجانب من السيطرة الكاملة على سوق الأسمنت لتتحكم الشركات الأجنبية فى الأسعار وممارسة الاحتكار تحت سمع وبصر الحكومات السابقة وبالنظر لتطور ملكية شركات الأسمنت فقد بدأت تلك الصناعة الاستراتيجية على يد القطاع الخاص لكن تم تأميمها عام 1961 ثم تم إنشاء شركات أخرى تابعة للقطاع العام مثل شركة بنى سويف للأسمنت وشركة أسيوط وشركة العامرية فى حين تم إنشاء شركة السويس لتتبع قانون الاستثمار واعتبرت شركة قطاع خاص رغم تملك معظم اسهمها لشركات أسمنت وبنوك وشركات تأمين تابعة للقطاع العام. وعن تطبيق برنامج الخصخصة بداية من عام 1995 باعت الحكومة فى ذلك الوقت شركة اسمنت بورتلاند حلوان للقطاع الخاص وفى عام 1999 تم بيع كل من وأسمنت بنى سويف، وأسمنت الإسكندرية وأسمنت أسويط فأصـبح عـدد الشـركات العامة 3والخاصة 5. وبحلول عام 2000 تم بيع شركة أسمنت العامرية تلتها شركة أسمنت طرة فأصبحت الخريطة تضم شركة واحدة عامة و7 شركات قطاع خاص وخلال تلك الفترة تم تشغيل 4  شركات قطاع خاص جديدة ليرتفع بذلك عدد شركات الأسمنت التى يسيطر عليها الأجانب إلى 12 شركة مثل سيمكس ولافارج وتيتان وإيتال سيمنتى.

3- 400 مليون دولار فاتورة استخدام الفحم فى الإنتاج العام الماضى


تحول معظم شركات الأسمنت العاملة داخل السوق المصرية للعمل بالفحم بجانب المازوت بدلا من الغاز وهو الأمر الذى يمثل تخفيضا كبيرا فى تكلفة الإنتاج على اعتبار أن الفحم من أرخص أنواع الطاقة الموجود حاليا وهو الأمر الذى يضع تلك الشركات فى موقف حرج إذا حاولت رفع الأسعار أو بررت ذلك بزيادة أسعار الطاقة ووضعت الحكومة اشتراطات مشددة للعمل بالفحم للحفاظ على البيئة وصحة المواطنين حيث تتمركز غالبية مصانع الأسمنت بمناطق صحراوية بعيدة عن الكتلة السكنية وبحسب إحصاءات شعبة مواد البناء باتحاد الصناعات فإن قيمة توريدات الفحم المحلى والمستورد للشركات المنتجة بلغت نحو 400 مليون دولار خلال العام الماضى وكانت وزارة البيئة قد وضعت اشتراطات محددة عند استخدام الفحم فى صناعة الأسمنت أبرزها تحديد كمية الفحم السنوية المرخص بها على أساس ألا يزيد معدل استهلاك الطاقة الحرارية على 4000 ميجاجول لكل طن كلنكر الأسمنت الأسود و6200 ميجاجول لكل طن كلنكر الأسمنت الأبيض.
وبالنسبة للتداول والتخزين بالمصنع يجب أن يتم جميع عمليات التحميل والتفريغ والتداول فى منطقة التشغيل آليا وبمعدات محكمة ويكون تخزين الفحم فى منطقة التشغيل بالكميات اللازمة للتشغيل لفترة لا تتجاوز 15 يوما فى أماكن مغلقة مع تركيب مصدات رياح مصممة وفق المواصفات العالمية.

4 - استقرار كبير فى الأسعار ومصانع الدولة تقهر الغلاء


تشهد سوق الأسمنت استقرارا كبيرا منذ دخول مصنع بنى سويف الجديد المملوك للدولة مرحلة الإنتاج بطاقة إنتاجية تصل لـ13 مليون طن سنويا فضلا عن إعادة تشغيل مصنع العريش للأسمنت بكامل حصته الإنتاجية ليصل إلى 7 ملايين طن ومن ثم يصل إجمالى الطاقة الإنتاجية للشركات المملوكة للدولة إلى 20 مليون طن سنويا بما يعادل 30% من حجم الطاقة الإنتاجية الكلية لجميع المصانع العاملة داخل السوق والتى يصل حجم إنتاجها السنوى 60 مليون طن. واستقرت أسعار الأسمنت لتتراوح ما بين 850 جنيها إلى 950 جنيها للطن بعدما قفزت الأسعار إلى رقم قياسى لتصل إلى 1250 جنيها قبل دخول مصنع بنى سويف للأسمنت مرحلة الإنتاج ليقضى على أسطورة الاحتكار وقهر الأسعار. ويتوافر معظم خامات صناعة الأسمنت من الطفلة والحجر الجيرى بمصر ما يجعل تلك الصناعة محلية الصنع بنسبة 100% ويزيد من القيمة المضافة فى ظل توافر الطاقة اللازمة للتشغيل ورخص الأيدى العاملة.