السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المؤيدون لمبارك مرضي "بالتعاطف مع الجاني"






روزاليوسف اليومية : 18 - 08 - 2011


رغم ما فعله الرئيس السابق حسني مبارك في الشعب المصري من اضطهاد وإذلال لم ينج منه أحد إلا أننا نجد أنصارًا له يستنكرون مجرد تقديمه للعدالة للقصاص مما ارتكبت يداه ونجد هؤلاء الأنصار منفعلين في دفاعهم عن الرئيس المخلوع مستهدفين أسر الشهداء وأنصار محاكمة مبارك ومستخدمين العنف، مما يثير الاندهاش إلا أن هذا الأمر في حقيقته طبقًا لأساتذة الطب النفسي مرض أصيب به أنصار مبارك. فقد صدر الأسبوع الماضي تحليل علمي بعنوان «شعب مبارك مريض نفسي» جاء في إطار تقرير (سري للغاية) أكدت فيه دراسة متخصصة قام بها علماء وأطباء نفسيون متخصصون من فرع مركز البحوث والدراسات المعلوماتية في «سي آي ايه» أن الجماعة المصرية التي ما زالت تؤيد الرئيس المخلوع ونجليه ليست سوي مجموعة كبيرة من الشعب المصري مصابة بمرض نفسي معروف في طب النفس باسم «ستوكهولم سانديروم» أو «متلازمة ستوكهولم» أو كما وجدناها في ترجمات كتب النفس الحديثة باسم «أعراض ستوكهولم».
في التقرير ذكروا أن أعراض ستوكهولم بعيدة كل البعد عن متلازمات غسيل الدماغ المحددة في علوم النفس فلا يمكن قيام مبارك أو نظامه بالكامل بعمل غسيل دماغ لكل ذلك العدد من المؤيدين غير أن تقرير ال«سي آي إيه» يؤكد أن الشعب المصري بالكامل ودولته كانوا مخطوفين علي مدي 30 عامًا بواسطة حاكم وحكومة ونظام قهروا الشعب بالكامل حتي الأغنياء منهم فتساوي الشعب بفئاته المختلفة في حالة نفسية مثبتة علميا يتعرض لها المخطوفون والمعتقلون لمدد طويلة وأسري الحروب والأقليات الدينية وطوائفها والشعوب المحتلة وضحايا زني المحارم وضحايا الاغتصاب والنسوة اللاتي يتعرضن بشكل دائم للضرب المبرح وللاضطهاد الشديد والعاهرات والمجرمون وأفراد العصابات ذوي الدرجات الدنيا في سلم العصابة وعلي شاكلتهم ذكر التقرير رجال النظام السابق مع اختلاف وزاراته وأعضائه من مجلسي الشعب والشوري والحزب الوطني المنحل وبينهم أصحاب الوظائف المختلفة حتي مناصب رؤساء مجلسي الشعب والشوري والحزب والأمين العام له فقد كانوا طبقا للدراسة مرضي نفسيين.
التقرير بدأ بتفسير معني «متلازمة ستوكهولم» وهو مصطلح يطلق علي الحالة النفسية التي تصيب الفرد أو الجماعة عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه الحقيقي أو من أساء إليه بأي شكل من الأشكال أو حتي أن يظهر بعض الولاء للعدو مثل أن يتعاطف المجني عليه المخطوف مع المختطف الجاني وهو ذات المصطلح الذي ألفت بسببه القصة الشعبية الأوروبية الشهيرة «الجميلة والوحش».
«أعراض ستوكهولم» اكتشفت علميا في عام 1973 نسبة إلي حادثة وقعت في مدينة ستوكهولم في دولة السويد حيث سطت مجموعة من اللصوص علي بنك «كريديت بانكين» واتخذوا عددا من موظفي البنك من الرجال والسيدات رهائن لمدة ستة أيام لاقي فيها المختطفون أبشع أنواع التعذيب والاضطهاد الجسدي فقد منعوا من كل شيء وضربوا وأهينوا واغتصبت النساء علي مدار الساعة ومعهم بعض الرجال من الرهائن وسرقت كل متعلقاتهم الشخصية ومنعوا من كل حقوقهم الفردية والإنسانية حتي الذهاب للحمام، ومع هذا بدأ الرهائن خلال فترة الستة أيام يرتبطون عاطفيا ونفسيا وجسديا مع الجناة بل قاموا أثناء نظر القضية عقب تحريرهم وتقديم الجناة للعدالة بالدفاع عن المجرمين وهاجموا كل من مثل الشعب في القضية أمام المحكمة ضد الجناة واعتدوا بالضرب المبرح وبالرشق بالحجارة علي كل من حضر الجلسات من المحامين وأفراد الشرطة التي كانت تؤمن المحاكمة حتي ذويهم الذين حضروا المحاكمة هاجموهم ناهيك عن أنهم مولوا حملة منظمة لتأييد الخاطفين ووكلوا المحامين دفاعا عنهم من أموالهم الخاصة وقلبوا السويد والعالم إعلاميا للدفاع عن الجناة.
معلومات غريبة تلك التي يذكرها ذلك التقرير المهم الصادر عن المخابرات المركزية الأمريكية وكأننا نتابع ما يحدث حاليا في مصر من جانب تلك الجماعات التي ما زالت تؤيد الرئيس المخلوع.
يستمر التقرير الشيق شارحا سبب مرض (شعب مبارك) كما أطلق التقرير عليهم غير أنهم هنا مؤيدو مبارك وليس بمعني الشعب المصري كله ويقول التقرير: «تحدث تلك الظاهرة المرضية عندما تتعرض الضحية (الشعب) لضغط نفسي كبير ومتواصل وكلما زادت فترة الضغط كلما كان المرض أعمق لدي البعض من أفراد ذلك الشعب الضحية وفي الحالة المرضية يبدأ المرضي في تكوين آلية نفسية خاصة للدفاع عن أنفسهم بشكل نفسي لا إرادي وذلك من خلال الشعور بالاطمئنان للجاني خاصة إذا أبدي الجاني أي حركة تنم عن الحنان أو الاهتمام بالضحية حتي ولو كانت متناهية في الصغر فإن الضحية تقوم بتضخيمها حيث تبدو الحركة في عقلية الضحية المريضة كبيرة للغاية ومؤثرة وفي بعض الأحيان المدروسة تؤمن الضحية بأن هناك خطورة في إنقاذها وأنها من الممكن أن تتأذي إذا حاول أحد مساعدتها أو إنقاذها ولذلك تتعلق الضحية بالجاني بوتيرة متصاعدة كلما شعرت بأن نهاية الجاني قد اقتربت وهو في حالة الشعب المصري المخطوف طبقا لوصف التقرير الأمريكي تقديم مبارك وعائلته وعصابته للمحاكمة».
في التقرير الأمريكي المتخصص والمميز لل«سي آي إيه» تحذير علي البعض أن ينتبه إليه وهو أن (شعب مبارك) المريض سوف يقوم بأعمال عنيفة للغاية ستصل لحد العمل الإرهابي في خلال الجلسات والأيام القادمة لأنهم كلما شعروا بأن نهاية مبارك تقترب شيئًا فشيء فسوف يفجرون البلاد حيث إنهم يعتقدون أنها ستكون نهايتهم هم أيضًا مع أن النهاية قد أسدل الستار عليها منذ تنحي مبارك علي حد تعبير التقرير.
التقرير يعود لوصف حالة المرض المصاب بها (شعب مبارك) ويقول: «يظهر مرض حالة (شعب مبارك) الذي ربما آن الأوان العلمي كي يضاف للقاموس الطبي كمصطلح علمي حديث لوصف المرض في حالات يكون فيها شخص أو جماعة قد تعرضوا لعنف أو استغلال مدني أو سياسي أو جسدي أو عاطفي أو جنسي وهي حالة تحدث عامة داخل إطار العائلة الواحدة خاصة عندما يكون المجني عليهم أطفالاً أو شبابًا أو رجالاً أو سيدات منعهم الاضطهاد من النضوج النفسي فهم في تلك الحالة مثلهم في التفكير والتصرفات مثل الأطفال والشباب يتعلقون بالجاني علي أساس أنه أب لهم وهم نفسيا لا يمكنهم الإشارة بأصابع الاتهام إليه ولا يمكنهم حتي التفكير في أنه ظلمهم ولو أن الدلائل واضحة أمامهم فعقلهم ونفسيتهم المريضة تمنعهم من الرؤية بوضوح وهم يحاربون أنفسهم قبل أن يحاربوا المحيط بهم ومجتمعهم وهم في ذلك يتعرضون لآلام نفسية مبرحة تجعل السيطرة عليهم عملية صعبة للغاية وفي حالة الجموع المريضة تصبح مؤشرات الكارثة من جانبهم حقيقة».
التقرير ببساطة من النوع الصادم ويعلمنا أننا نعيش حالة علمية نفسية مرضية حقيقية وأن علينا مساعدة (شعب مبارك) حتي يشفوا من مرضهم غير أنه يستمر في الكشف لنا عن جوانب أخري أكثر تحديدا تحدثت عنها المخابرات المركزية الأمريكية وعلماؤها النفسيون وهي تدخل في إطار مسببات أعراض مرض «متلازمة ستوكهولم» وفي التقرير نجدهم وصفوا أهم سبب لمتلازمة ستوكهولم خاصة ولو أن الحالة جماعية كما هي لدي (شعب مبارك) ويقولون: «السبب الرئيسي الذي أدي لمرض شعب مبارك الجماعي يكمن في الحديث عن الدولة القمعية بالنسبة لوجودها وفاعليتها ضمن أي مجتمع وكان منه المجتمع المصري فالنظام القمعي المصري وصفه العلم بالسلطة التي لا تملك الشرعية من أغلبية الشعب فتتحول لمجموعة يديرون نظامًا قمعيا تضطرهم عدم شرعيتهم في خطف المجتمع ككل وتصبح في ذلك كل الوسائل والسياسات لديهم قمعية ضاغطة علي أفراد المجتمع الرافض أو الذي يخشون أنه يمكن له أن يفكر يوما في الرفض فيضطهدون ذلك الشعب وبسبب أن لديهم هم أنفسهم أمراضاً نفسية أكثر تعقيدا وعمقا من تلك المسماة بمتلازمة ستوكهولم فإنهم يعاملون الشعب كأنهم أسياده ويشعرون أنهم أعلي درجة وربما درجات لكنهم في الواقع النفسي الإنساني يكونون في أحط درجات السلم النفسي وفي هذا الإطار لعلاقة غير سوية نفسيا يطور أفراد المجتمع حالة وعلاقة من الخوف من النظام وأعوانه حتي يتحول المجتمع لضحية كبيرة للنظام فيدرك النظام وقتها هذه الحالة من الضعف والوهن التي أصابت الشعب فيطور النظام العديد من الحيل السياسية لابتزاز الشعب الضحية وهو ما قد حدث بالفعل طبقا لدراسات المخابرات المركزية الأمريكية العلمية المتخصصة في المجتمع المصري خلال ال30 عاما الماضية».
ربما لن نجد وصفا أكثر دقة لما حدث ويحدث في المجتمع المصري من الوصف التفصيلي للحالة الموجودة عليها حاليا الجماعات التي مازالت مؤيدة لمبارك وعائلته ونظامه ونصل هنا لنقطة خطيرة يصفها التقرير ويشرح لها ويحذر منها لو صح التعبير وهي خشية انقلاب متوقع لمجموعات أخري إما أنها مريضة وتعاند المرض أو أن مراكزها ومناصبها تمنعها من إظهار المرض أو أنها تنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض علي الجمع السليم من المجتمع أو أنها مجموعات كانت وما زالت مستفيدة من تلك العلاقة المرضية غير السوية بين الجاني والمجني عليه الضحية مثل رجال الحكم السابق ومن عاونهم من الأذرع الأمنية الباطشة.
المخابرات المركزية الأمريكية تؤكد رصدها لعناصر متعددة من خلال دراستها لتسجيلات وقائع الجلستين اللتين اقتيد فيهما الجاني (المخلوع) للمحاكمة وأن ال«سي آي ايه» درس كل حركة صدرت عن كل إنسان جاءت صورته بالكادر علي الشاشات ومنها توثقوا من أن هناك ضباطًا كبارًا وصغارًا ومسئولين وجدوا في شرائط المحاكمات تزيد بسبب أفعالهم المخاطر من حدوث هجمة مرتدة علي الثوار في مصر فالدراسة لما قاموا به تدل علي إنهم مستمرون في ولائهم للمخلوع وعائلته حتي أنهم طبقا للتقرير الخطير لا يزالون يؤدون التحية العسكرية لهم ولأعضاء نظامهم وهو ما يدل علميا أن هناك مجموعة كبيرة ما زالت مخطوفة وأن المرض متمكن منها لكن وظائفهم تمنعهم من الكشف عن أنفسهم وهم يتحينون اللحظة المناسبة أو الهدوء النهائي لتوابع الثورة حتي يعيدوا آلة القهر وبشكل أكثر منهجية وقوة لأنهم تعلموا من درس سقوط الطاغية الكبير وهم في ذلك سيكونون أشد قهرا وطغيانا وربما ظل الشعب المصري تحت حكمهم قرونا أخري حتي يمكنه القيام بثورة ثانية وهم في ذلك لا يهتمون طالما أن تلك الثورة ستكون بعد موتهم بعشرات أو حتي مئات السنين.
تقرير مفزع وتكهنات مدروسة وأحداث موصوفة منها ما تحقق بالفعل أو مازال يتحقق يوما بعد يوم وبالفعل هناك من يؤدي التحية العسكرية للجناة ومن يعتدي بالضرب علي أسر الشهداء ومن بدأ بالفعل من الثوار يتعرض للمخاطر الحقيقية وكلها علامات وصفت بالتقرير وكأنها تنبوءات للقادم وعلي المعني بالموضوع أن يهتم ويتابع ويستمر في تأييد الثورة ولا أجد في الحقيقة ما يطمئن في ذلك التقرير المرعب سوي أمر واحد فقط وهو تأكيد علماء المخابرات المركزية الأمريكية أن الجزء الأكبر من الشعب المصري قد نجا من «متلازمة ستوكهولم» وأن أكثر من 60% من تعداد الشعب المصري تأكد أنهم لا يعانون من هذا المرض الذي يجب أن ندرسه ونحاول وضع الأساليب العاجلة لعلاج المرضي به وإلا سنتعرض لتحذيرات ومخاطر القسم الأخير من التقرير العلمي عن الحالة المرضية التي يعاني منها حاليا (شعب مبارك).