الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع .. كنز المصرى

واحة الإبداع .. كنز المصرى
واحة الإبداع .. كنز المصرى




لوحات للفنان: محمد بسطاوى

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    

[email protected]

 


 

كنز المصرى

 

قصة قصيرة

 

بقلم - إسلام الهلالى

عشرينيات القرن الماضى، الصحراء الغربية يشق عمر ابن كبير واحة سيوة طريقه فى الصحراء بفرسه متجهًا إلى الشمال وقد عزم على أن يصل إلى الكنز الذى لطالما انتظرت عائلته الشخص الذى يكون جديرًا بالعثور عليه, وقد أسدل الغروب بشفقه على الصحراء.
يستوقف عمر فرسه وهو متقلدًا خنجره وسلاحه النارى لينظر إلى بوصلته ويتأكد أنه لا يزال بالاتجاه الصحيح نحو الشمال توقف بالقرب من تل صغير ليستريح ويتناول بعض الطعام ويغفو قليلًا حتى تشرق شمس اليوم الجديد استوقد نارًا يستدفئ بها من برد الصحراء.. واستخرج البردية التى كانت بحوزته وهو يسترجع حديث والده وهو يودعه.
الأب: هذه البردية عثر عليها جدنا السابع منذ زمن بعيد ..فى المعبد الكبير «معبد آمون»، ولقد علمنا أن بها شيئًا عظيمًا بالرغم من أننا لا نستطيع أن نعرف ما هو مكتوب بها ولكننا أدركنا ذلك من طريقة إخفائها، فلقد كانت مخبأة بعناية كبيرة فى مكان علمنا بعدها أنه أهم جزء فى هذا المعبد «قدس الأقداس»، وظلت هذه البردية تتناقل بين أفراد عائلتنا حتى حصلت أنا عليها من أبى.. واحتفظت بها حتى يأتى من بيننا من يستطيع أن يعرف سر هذه البردية كما أوصانا جدنا الأكبر وشاء القدير أن التقى برجل من الإنجليز وهى بحوزتى والذى كان يعلم لغة المصريين القدماء ليخبرنى أن هذه البردية هى الطريق إلى قبر الإسكندر الكبير كما قال لى ويبدو أنه تم إخفاؤها فى المكان الذي زاره هذا السلطان الكبير منذ ألفى عام فى واحتنا وهو المعبد كما سمعنا من قبل.
يجيب الابن: ولكن يا أبى كان من الممكن أن يخبر هذا الرجل أحدًا بما قرأه فى هذه البردية ويصل الإنجليز الملاعين إلى هذا الكنز
يجيب الأب بحزن: لهذا اضطررت إلى قتله.
يتعجب الابن ولكن يكمل الأب: كنت مضطرًا يا ولدى حتى لايفشى هذا الرجل السر الذى ظللنا نحافظ عليه كل هذا الوقت من دون حتى أن نعرف ما هو هذا السر وأدعو الله فى كل صلاة أن يسامحنى ويغفر لى ما فعلته ومنذ ذلك الحين وأنا انتظر اللحظة المناسبة لكى أعطيك هذه البردية, ومن أجل هذا جعلتك تتعلم لغة المصريين القدماء دون غيرك وتتقنها حتى تكون أنت الرجل الذى يستطيع أن يعرف سر هذه البردية بالكامل وتستطيع أن تصل الى هذا الكنز وها أنا ذا أعطيك إياها حتى تحقق مصيرك وتصل إلى الكنز الذى ظللنا نحافظ على سره.
يعيد عمر قراءة ما كتب بهذه البردية على ضوء القمر والنيران وهو يمتلئ بالحماس.. وأنه قريبًا سيتحقق له ما أراد وسيصل إلى الكنز الذى سيغير مصيره ومصير عائلته الى الأبد .فى تلك الأثناء يلمح ضوءًا من بعيد تعجب له فى هذه الصحراء ومن ثم يقف ويتجه الى مصدر هذا الضوء وهو يمسك بسلاحه فى حذر.. ويقترب أكثر فأكثر  ليشتد الضوء فجأة ويتوهج أكثر ويخيل إليه كما لو أنه يرى فارسًا يرتفع به فرسه بقوائمه الأمامية وهو فى مواجهة فيل ضخم يرتفع أيضًا بقوائمه الأمامية كل فى مواجهة الآخر «معركة هيداسبس بين الإسكندر والراجا الهندى» ويغمض عمر عينيه من شدة الضوء.
الوقت الحاضر يستيقظ عمر حفيد عمر الكبير بطريقة فزعة ..ليدرك أنه كان يحلم حلمًا طويلًا ليتفاجأ بجده أمامه يتحدث إليه بلهجة آمرة قائلًا: يجب أن تكمل ما بدأته أنا وتصل إلى  الكنز.
يستيقظ عمر فزعًا يبحث بعينيه داخل الغرفة عن جده ولكنه لا يجد له أثرًا ليتذكر أن جده قد مات منذ ما يزيد على عشرين عامًا ومن ثم يدرك أنه كان داخل حلم بداخل حلم آخر يقف بتثاقل ذاهبًا إلى مكتبه ومن ثم يخرج البردية التى أعطاها له والده عازما أن يكمل ما بدأه جده والذى فى سبيله التحق بكلية الآثار جامعة الإسكندرية وأتقن لغة المصريين القدماء «من خلال نظرته إلى شهاداته على الحائط» حتى يكمل الطريق ويصل إلى الكنز «مقبرة الإسكندر» الذى سيغير العالم.