الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أنا ضد التنمر.. حملة قومية للحد من العنف

أنا ضد التنمر.. حملة قومية للحد من العنف
أنا ضد التنمر.. حملة قومية للحد من العنف




فى بداية شهر سبتمبر الجارى أطلقت أول حملة قومية لمقاومة التنمر وإنهاء العنف بين الأقران، وذلك تحت رعاية المجلس القومى للطفولة والأمومة وبالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وبتمويل من الاتحاد الأوروبى.
ويعد التنمر أحد أشكال العنف الذى يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخرعن عمد وبطريقة متكررة، سواء وجهاً لوجه، أو عبر الإنترنت، بدءاً من الأذى الجسدى إلى الإساءة اللفظية والنفسية، والتى يمكن أن تؤدى إلى الإقصاء، والاكتئاب، وأحياناً الانتحار.
تحت شعار «يحدث للجميع ويوقفه الجميع» انطلقت الحملة عبر قنوات تليفزيونية وإذاعية وواجهات إعلانية إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعى التى شهدت تفاعلًا ملموسًا مع الفكرة من خلال هاشتاج :»أنا ضد التنمر» الذى شهد اعترافات وذكريات كتبها مستخدمو الموقع عن التنمر الذى تعرضوا له.
تنمر المعلم الذى وصفه أمير الشعراء أحمد شوقى بأنه كاد أن يكون رسولًا، إلا أنه إذا كان متنمرًا بطلابه يمكن أن يدمر ذلك حياتهم؛ وهو ما يجب إلقاء الضوء عليه والتوعية به أيضًا إلى جانب نبذ العنف بين الأقران.  

تبدلت حياة حبيبة سعيد، 16 سنة، هكذا تصف الأمر، حبيبة فتاة خجولة عانت بسبب تنمر أحد معلميها فى المدرسة، ومضايقته المستمرة لها؛ ما نتج عنه تركها للمدرسة لأنها لم يكن أمامها بديل حتى بالانتقال إلى مدرسة أخرى، أمام خوف الأم بقيت حبيبة حبيسة المنزل، تمر عليها الأيام بدون أن تكلم أحدا.
إلا أن مسئولى جمعية الشروق الواقعة فى منطقة السيوف بالإسكندرية تنبهوا للأمر، وبدءوا فى محاولات إقناع والدة حبيبة السماح لها بالمشاركة فى أنشطة الجمعية، وإقناع حبيبة أيضا، حتى أصبحت تدرس فى فصول التعليم المستمر بالجمعية والتابعة لوزارة التربية والتعليم وتدرس الآن فى الصف السادس الابتدائي.
حبيبة واحدة من المتدربين ضمن برنامج «ادمجونا» وهو واحد من برامج رعاية النشء التى تقدمها هيئة بلان إنترناشيونال إيجبت والهادف إلى الحد من العنف ضد الأطفال المهمشين وذوى الإعاقة لإعادة دمجهم فى المجتمع.
تقول حبيبة إن والدتها لمست الكثير من التغيير الإيجابى فى شخصيتها، وهو ما لم تكن تتصوره من قبل، وإلى جانب المدرسة تواظب حبيبة على حضور ندوات التوعية، وتقول:» تعلمت حقوقى وتطورت شخصيتى كنت سابقا أخجل من التحدث أمام الغرباء، والآن تعلمت الأسلوب التى أتحدث به للمطالبة بحقوقى وليس مجرد المطالبة بها، ويكفينى أننى أصبحت أثق فى نفسي». تقول حبيبة إنها أصبحت لديها أحلام وطموحات تسعى إلى تحقيقها ولم تعد تجد الأمر مستحيلا، وتنوى استكمال تعليمها الإعدادى والثانوي، «نفسى أكون مهندسة»، وبسؤالها عن كيفية التصرف مستقبلا إذا واجهت مدرسا يضطهدها ويضيق عليها ويسخر منها مثلما حدث مسبقا، ردت حبيبة قائلة:» سوف أتصل بخط نجدة الطفل 16000، لأننى الآن أصبحت أعرف حقوقى وكيفية الحصول عليها». يعلق على الأمر أحمد مصيلحي، محام بالنقض ورئيس شبكة الدفاع عن الطفل، قائلًا: إن التنمر يمكن أن يكون من الوالدين أو ممن يتولى تقديم الرعاية وهو المدرس، وهو إيذاء نفسى وليس جسديا مثل التحرش أو الضرب، لكن ذلك لا يقلل من ضرره النفسى الكبير أيضًا، وعندما يكون الوالدان مصدر التنمر مثل ترديد أن الطفل فاشل يكون تأثير العنف شديدا ويصعب تداركه.
يكمل قائلًا: إن التنمر ينتج عنه أثار نفسية عديدة منها الميل إلى التفكير فى الانتحار بنسبة كبيرة، وإذا كان من متولى الرعاية يكون أكثر شراسًة، وفى حالة العنف بين الأقران يفقد الطفل ثقته فى نفسه لكن فى حالة المعلم يفقد الثقة فى الحياة، وترديد عبارات مثل :»مش فالحين» أو المعايرة باللون أو الجسم مثل السمنة أو النحافة أو مهنة الأب مثلًا، كلها أشكال من العنف النفسى الضاغط على الأطفال، وتكون أثاره كارثية. وأوضح المصيلحى أن قانون الطفل يعتبر التنمر- وهو تعريض الطفل للخطر- بمثابة جريمة لأنها تعرض الشخص لخطر يؤثر فى بيئته أو نفسيته، ويكون معرضا للحبس سنة، إلا أن عقلية التطبيق متأخرة عن عقلية التنفيذ؛ لأن التطبيق من خلال الجهاز الحكومى الذى يفكر بعقلية الثلاثينات والقانون يتطور، والجريمة دائمًا تسبق القانون والعقلية بها الفساد الذى يجعلنا مقيدين، وعلى سبيل المثال تجريم الختان تم منذ عام 2008، إلا أنه حتى الآن وكلاء النيابة يتجاوزون الأمر؛ لأننا لا توجد لدينا سياسات واضحة ولا قواعد بيانات، علاوة على غياب المساءلة.
وأضاف: إن خط نجدة الطفل يعتبر جانبا من سياسات الدولة لحماية وفق دستور 2014، إلا أنه يعانى من الروتين وارتباطه بالفكر القديم غير المتطور، وطالب بزيادة دور المجتمع المدني، ويتوقع رئيس شبكة الدفاع عن الطفل تحسنًا فى التعامل مع شكاوى الطلاب من تنمر معلميهم نظرًا للشراكة الفعالة لوزارة التربية والتعليم فى حملة مناهضة التنمر.