الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

كريمة بدير: قدمت «ناعسة» وعينى على مصر




 
«قالوا فى المثل زمان الصبر ده له حدود
 
وصبرك أنت يا ناعسة فاق صبر أيوب
 
دى ناعسة كانت جبل يتحامى فيه أيوب
 
ده الصبر منك أنت اتعلموا أيوب»
 
هذه هى الكلمات التى لخصت بها كريمة بدير مخرجة ومصممة العرض المسرحى الراقص «اسمها ناعسة» لفرقة فرسان الشرق التابعة لدار الأوبرا، وكأنها تنعى حال مصر الصابرة الصامدة على كل ما يمر بها من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية عاصفة.
 
العرض يناقش معاناة المرأة المصرية التى تصبر وتصمد دائما أمام آلام زوجها الذى كاد أن يقهره المرض.
 
وبالرغم من أن «اسمها ناعسة» ينتمى لمسرح الجسد أى العروض التى تعتمد على الحركة كعنصر أساسى فإن كريمة لم تشأ أن تصنف كمصممة عروض راقصة فقط بل استطاعت أيضا أن تدخل دراما الحكى على العرض حتى يخرج عرضاً مسرحياً مكتمل العناصر حتى ولو كان خاليا من الحوار حيث أضافت على الرقص دور الراوى الذى قدمه هانى حسن فهو كان يروى فى أجزاء منفصلة تطورات أحداث الرواية الشعبية الشهيرة «ناعسة وأيوب»، وبالتالى استطاعت كريمة وبجدارة أن تقدم عرضاً مسرحياً شبه متكامل من دراما وحركة وديكور وأزياء وسينوغرافيا وموسيقى ولم تفشل فى تقديم أى من هذه العناصر التى عبرت بدقة عن إحساسها بالعمل.
 
 

 
وبالرغم من أن الفرقة عمرها بالرقص لا يزال قصيرا حيث كانت قد أسستها وزراة الثقافة عام 2009 ورأسها فى البداية وليد عونى وكانت كريمة مساعدته الأولى ثم تم ضمها مؤخرا لإدارة الأوبرا فإنها أصبحت تنافس وبشدة فرقة الرقص المسرحى حتى أن الأخيرة الحديث إذا لم تستعد هيكلها الفنى سريعا ستسحب فرسان الشرق البساط من تحت أقدامها قريبا ، فعن المنافسة الشرسة القادمة بينهما وعن الفرقة والعرض قالت كريمة:
 
كنت عضوة بهذه الفرقة منذ عام 2009 و2010 عندما تولى إدارتها وليد عونى وكنت وقتها مساعدته الأولى وبعد المشاكل وأحداث الثورة التى مرت بها مصر توليت إدارة الفريق ثم أصبحت الفرقة تابعة لدار الأوبرا وبالتالى شعرت بمسئولية كبيرة لأننى أصبحت أمثل مكاناً أكبر وأقوى يضم جميع أنواع الفنون فلابد أن أكون على مستوى المسئولية، ولا يمكن أن أقول إننى أفضل من الرقص الحديث أو غيرها من الفرق ولا أفكر بمنطق المنافسة بل أفكر بشكل أبعد من ذلك وهو أن «فرسان الشرق» يجب أن تقدم عروضا داخل وخارج مصر وتكون قوية وهادفة لأننى أحاول أن أضع كل خبراتى وما تعلمته فى الرقص بالفريق .
 
وتقول: لم يكن فى ذهنى تقديم «ناعسة» من البداية بل كانت «الحرافيش» لكن للأسف خشينا من الدخول فى أزمة مع ورثة الكاتب الكبير نجيب محفوظ لذلك قررنا الابتعاد عن المشاكل وقدمنا سيرة أخرى وكانت «ناعسة» لأن كل عروضنا قائمة على تقديم الأعمال التراثية بشكل معاصر و«ناعسة» بالنسبة لى تعنى أشياء كثيرة فهى كل أنثى مصرية كانت لها معاناة وموقف وقضية تدافع عنها هى حواء، وبهية، وشفيقة وهى هدى شعراوى بل هى مصر وأضافت، أختار عادة موضوعات العروض بمفردى لكن بالطبع أستشير من حولى والبعض يتهموننى أننى أنتمى للفكر النسوى وأعتقد أن هذا الاتهام يحمل جزءاً من الحقيقة لأننى فى النهاية إمرأة وأرى أن المرأة لها دور مهم فى الكون وكل فرد فى المجتمع يعلم جيدا دور الأنثى فهى بداية كل شىء بالتأكيد لابد من وجود الرجل لكنها فى النهاية هى من يتحمل كل شىء.
 
 

 
وعن حرصها على تقديم دراما بالعرض قالت: أحاول تقديم وجبة كاملة للجمهور سواء تمثيل أو رقص أو موسيقى فليس من المنطقى أن أقدم الحركة بلا معنى أو مضمون لذلك رأيت أنه من الأفضل أن أدمج الحركة بالكلام الخاص بها، كما أننى حريصة ألا تطغى الدراما على الرقص وأذكر أننى عندما قدمت أول عروضى المسرحية بالمهرجان التجريبى وهو عرض «دعاء الكروان» كانت لدى حرية فى الدراما بشكل أكبر لأنه فى النهاية عرض مسرحى ولا يعتمد على الحركة بشكل أساسى لأننى كنت أقدم مسرحاً لكن فى نفس الوقت عندما قدمت «ناعسة» أردت أن أبرز فكرة أن الصبر هو صبر ناعسة لكنه نسب إلى أيوب فى السيرة الشعبية لأنه كان مريضا وصبر على المرض لكن «ناعسة» تحملت صبر بيت وأسرة وغيط ومرض فأحببت أن أبرز ناعسة أكثر فى الرواية خاصة أننى خشيت من حدوث التباس بين السيرة الشعبية وقصة سيدنا أيوب الذى كان يعلم الناس قيمة الصبر، لأن هناك شعرة بين القصتين.
 
وتضيف: حتى فى طريقة الشفاء قدمت بها إعداد مختلف لم يذكر فى الرواية الأصلية ففى القصة الحقيقية أيوب شفى عن طريق البحر فى سيناء لكن فى الرواية قدمت ناعسة تمنح شعرها للبحر والبحر يأتى بالشفاء لأيوب عن طريق عرائس البحر وبذلك أدخلت حالة من الخيال حول الموضوع لأننى خشيت أن أتلامس مع ما يخص الأنبياء فمثلا قصدت ألا يدخل أيوب على المسرح راقصا إلا فى مشاهد بسيطة حتى لا ندخل فى جدل وتخيل بأننا نقدم النبى أيوب ونجعله يرقص حتى لا يتربص بنا أحد لأن الموضوع حساس.
 
 

 
وعن خوفها من تعرض فرق الرقص لأزمات الفترة القادمة قالت: لا أخشى شئيا خاصة وأننا من أكثر فرق الرقص التى لا تعانى من هذه الأزمة فليس لدينا ملابس عارية أو مستفزة فملابسنا جميعها تصب فيما يتعلق بالتراث ذات طابع وشكل خاص جدا وغير خادش للحياء أو مثير لأى مشكلة لكن هناك فرقاً أخرى قد تخشى ذلك كما أننى أحاول أن أذيب الحاجز المعهود بين فرق الرقص وبين من ينظر للرقص على أنه حرام أو عيب.
 
كما أننى كمخرجة أحترم دائما عدم خدش حياء أى شخص فلابد أن أضع الجمهور فى حساباتى أثناء عملى، إلى جانب احترامى لقدسية الأشياء، فعلى سبيل المثال إذا كنت قدمت مشهد تصوف على المسرح فحرصت أن يدخل فيه الرجال بحركة بسيطة مع الكلام كما يحدث مع المتصوفين فى الواقع .
 
وعن رأيها فى أن فرق الإخوان المسرحية ترى الرقص حلال للرجال فقط قالت: هذا ليس له علاقة بالإخوان وأذكر أن هناك مخرجاً منذ 8 سنوات قدم بحيرة البجع برجال فقط وكانت هذه هى رؤيته للعرض وهو ليس له أى علاقة بالإخوان هو فقط أراد أن يخوض تجربة وهذا نوع من أنواع الفن من الممكن أن أقدم عرضاً برجال فقط إذا كنت أرى أنه فنيا لا يحتمل سوى الرجال لكن على ذكر أن الرقص سيكون للرجال فقط فأنا شخصيا قد لا يرحب بوجودى كمديرة للفرقة !!
 
وأشارت: إذا كان الرقص حراماً على النساء فأرى أنه وقتها سيكون الرجال أولى بهذه الحرمانية لأن الرجل يميل بطبيعته للخشونة فكيف أقول أن الرقص حرام على المرأة وحلال للرجل فأخشى أن نصل لمرحلة أن يولد الكبت الانفجار فكل الممنوعات فيما بعد ستكون فى السر!!