الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

.. وقصور الثقافة تحتفى بأعماله الكاملة

.. وقصور الثقافة تحتفى بأعماله الكاملة
.. وقصور الثقافة تحتفى بأعماله الكاملة




ضمن سلسلة (ذاكرة الكتابة) أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة منذ شهور قليلة الأعمال الكاملة لرائد التنوير الشيخ رفاعة الطهطاوى «1801-1873» الذى كان من أوائل الذين نقلوا علوم الحضارة الغربية إلى مصر، وأسس مدرسة الألسن، وكان إماما للبعثة المصرية إلى فرنسا فى عهد محمد على، ولكنه انته فرصة وجوده هناك واطلع على الحضارة الأوروبية الحديثة وحاول قدر طاقته نقل نماذج منها إلى البيئة المصرية لكى ينهض وطنه
الكتاب الأول جاء بعنوان (المرشد الأمين فى تعليم البنات والبنين)  وقد عرف التربية بأنها تنمية أعضاء المولود الحسية من ابتداء ولادته إلى بلوغه حد الكبر، وتنمية روحه بالمعارف الدينية والمعاشية. ويرى رفاعة أن الأمة التى تحسن تربية أبنائها وإعدادهم لخدمة أوطانهم تعد أمة سعيدة وملة حميدة، ولا تخشى أن تأتمن أبناءها على أسرار الوطن، بخلاف سوء التربية المنتشر فى أمة من الأمم فإن فساد أخلاق بنيها يفضى بها إلى العدم؛ حيث يغشو فيهم الإقبال على اللذات والشهوات وانتهاك الحرمات، والتعود على المحرمات.
كما ينبغى أن يعتنى مربى الأطفال بأن يطفئ من قلوبهم نار حبهم لأنفسهم، وحرارة حرصهم على جلب كل شيء لخاصيتهم، فأحبهم للنفس هو عين البغض لها ؛لأنه يجلب لهم بغض ما عداهم من الإخوان . ويتساءل رفاعة: وكيف ينال السعادة من خص نفسه بالمحبة ولم يجعل لأخيه قدر حبه ؟
أما الكتاب الثانى (تخليص الإبريز فى تلخيص باريز) فقد صدرت طبعته الأولى عام 1834، حيث يكتب عن مشاهداته لإيقاع الحياة فى باريس  وتسجيل هذه المشاهدات  مثل ولع الفرنسيين بالنظافة، كما يتصف أهل باريس بالذكاء الشديد وحدة الفهم وليسوا أسرى التقليد، بل يحبون دائما معرفة أصل الشيء والاستدلال عليه، حتى أن عامتهم يعرفون القراءة والكتابة، ويشتبكون مع غيرهم فى القضايا العميقة. ومحبة الغرباء والميل إلى معاشرتهم. ونقل إلى مصر مصطلحات جديدة لأول مرة منها الليبرالية والديمقراطية والبرلمان، والقوانين.وفى سلسلة العلوم هناك الفلسفة، والفكر الحديث وعلم الاجتماع. كما أن الأحكام الشرعية أو القانونية عند الفرنسيين ليست مستنبطة من الكتب السماوية، ولكنها مستقاة من قوانين أخرى أغلبها سياسية، كما يوجد فى باريس عدة محاكم، ويوجد فى ك محكمة قاض كبير كأنه قاضى القضاة، وحوله رؤساء وأرباب مشورة، ووكلاء الخصوم ومحامون للخصوم ونواب عن المحامين، وفى باريس إذا عجز الإنسان عن العمل لمرض أو نحوه فهناك المارستانات المعدة لفعل الخير حتى أن الإنسان لا يسأل ما فى أيدى الناس.
أما الكتاب الثالث فجاء بعنوان (مناهج الألباب المصرية فى مباهج الآداب العصرية) الذى يعد سيمفونية فى حب الوطن، الذى هو منبت العز والسعادة والفخار ويجب على أبنائها السعى لتحقيق آمال الأمة بتحسين الأخلاق والآداب من جهتين: الأولى أنها أم لساكنيها، وبر الوالدين واجب شرعا على كل إنسان، والثاني: أنها ودودة بارة بهم  مثمرة للخيرات، منتجة للمبرات، وبرها يعود على أبنائها ثمرته.
وقد أورد رفاعة وصفًا لمصر على سان مواطن دمشقى يفضل بلده على مصر ولكنه لا يبخس لمصر حقها فى التميز فيقول: عرفنا طيب الديار المصرية ورقة هوائها، ولكن نحن لا نجفو الوطن، حيث حبه من الإيمان، ومع هذا فلا ننكر أن مصر إقليم عظيم الشأن، وأن مغلها كثير، وماؤها نمير، وأن ساكنها ملك أو أمير، وأن الذهب فيها لايوزن بالمثاقيل ولكن بالقناطير، وأن دمشق تصلح أن تكون بستانًا لمصر، ولا شك أن أحسن ما فى البلاد البستان، وهل دمشق إلا لمصر مثل الجنان.