السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى كلباء للمسرحيات القصيرة.. نجاة «الأعمى والقعيد» من سذاجة التجربة الأولى

فى كلباء للمسرحيات القصيرة.. نجاة «الأعمى والقعيد» من سذاجة التجربة الأولى
فى كلباء للمسرحيات القصيرة.. نجاة «الأعمى والقعيد» من سذاجة التجربة الأولى




فى خروج عن السائد والمألوف ولمزيد من التنوع وخلق مساحة للإبداع والفكر المختلف المنفتح على العالم وليس منغلقًا على الذات أو النوع كان من اللافت والجدير بالذكر فى الدورة السابعة لمهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة حضور المخرجات بقوة وذلك بفتح الباب لطرح تجاربهم المسرحية الأولى، وبرغم ما يبدو عليه المجتمع من تحفظ تجاه الرجل والمرأة سواء على مستوى العلاقات العاطفية أو الإنسانية أو حتى فى الالتزام بزى يحيطه الكثير الاحتشام والوقار الشديد..

إلا أن هذه الحشمة والوقار التى بدت على المخرجات المشاركات لم يمنعهن من ممارسة الفن والتعبير عن قضايا إنسانية عامة بالانفتاح على العالم دون الالتزام بمناقشة أو تناول قضايا نسوية كما جرت العادة أو كما قد يظن البعض بأن ينشغل هؤلاء النساء بقضاياهن دون غيرها.

النضج الفنى

جاء العكس وكانت المفاجأة فى تمتعهن جميعًا بمستوى كبير من الوعى والنضج الفكرى أولًا ثم الفنى ثانيًا باختيار أعمال عالمية ومسرحيات أكثر ما يميزها قضاياها الإنسانية، فشاركت دينا بدر بعرض «الصورة»، تأليف البولندى سيلافومير مروجيك تناول العرض قصة رجل يعيش عقدة الشعور بالذنب بعد قتله لصديقه أثناء تأدية مهامه كضباط مسئول عن الأمن، «روميو وجوليت»، إخراج شمسة النقبى وتأليف وليم شكسبير وهى قصة الحب الأشهر التى تنتهى بإنتحار الحبيبين بعد وقوف المجتمع ضد زواجهما، «الأعمى والمقعد» للمؤلف السريلانكى درما سينا باتيراجا، بالطبع ظهر هنا التفاوت فى الخبرة والتجربة فى مستوى العروض ففى عرض «الصورة» بدت مخرجته شديدة الاحتراف فى التعامل مع النص وخشبة المسرح وفى توجيهها للممثلين، بينما ظهرت عيوب وتواضع التجربة الأولى فى عرض «روميو وجوليت» للمخرجة شمسة النقبى التى لم تتجاوز السادسة عشر عامًا لكن بالطبع يحسب لها المشاركة وجرأة خوض الدخول فى حلبة المنافسة ومعالجة نص كبير لكاتب كبير حتى وإن شابه بعض العيوب إلا أنها امتلكت هذه الجرأة وقوة الحضور بالمهرجان بجانب وضعها تحت ضغط تكثيف مسرحية فى حجم «روميو وجوليت» حتى وإن بدا الإعداد متواضع فنيًا إلا أنه يكفيها شرف التجربة والمحاولة؛ شاركت شمسة كممثلة فى عدة مهرجانات منها مهرجان الإمارات لمسرح الطفل  وأيام الشارقة المسرحية؛ أما آمنة النقبى صاحبة العرض الثالث بالمهرجان «الأعمى والمعقد» فتعتبر مفاجأة بكل المقاييس لأكثر من سبب الأول أنها نجت بنفسها من سذاجة الطرح بالتجربة الأولى فلم يسبق لآمنة تقديم عمل مسرحى من قبل بل تعد هذه تجربتها الأولى والأهم ضمن فعاليات كلباء للمسرحيات القصيرة، والسبب الثانى أنها خاضت خبرة وتجربة مختلفة بمهرجان الشارقة للمسرح المدرسى ثم قررت توسيع خبرتها بخوض تجربتها الأولى فى المسرحيات القصيرة.

«الأعمى والمقعد»

اختارت النقبى نصًا نادر التناول والتداول بين المسرحيين للكاتب السريلانكى درما سينا باتيراجا، وهو عمل إنسانى من الدرجة الأولى يتناول قصة رجل أعمى صحيح الجسد وآخر مقعد عاجز عن الحركة، لايتحرك إلا على قطعة خشب صغيرة يلتقيان معًا ويحمل الأعمى المقعد كى يقضى له حاجته فى السير وكى يهون عليه طول الطريق والآخر يصبح عينه التى ترشده للطريق إلى أن يغدر به صاحبه المقعد فى النهاية مستغلًا عجزه عن الإبصار ويتسبب فى قتله كى يعبر بوابة القصر التى تغلق فى وجهه!
قصة إنسانية تحمل الكثير من الحكمة والعبر فإلإنسان يعجز دائما عن السير بمفرده حتى ولو كان صحيح الجسد فهو يحتاج دائما إلى مرشد وهادى لرحلته وهنا جعل المؤلف أسباب العجز موضع القوة فى نفس الوقت، لدى الاثنين وموضع تكميل أحدهما للآخر فالأعمى يستطيع التحرك بجسده وحمل القعيد على كتفه وكذلك القعيد هو عاجز عن الحركة لكنه يرى ويستطيع إرشاده على السير فى اى طريق، عمل مسرحى بسيط وقصير حمل الكثير من عمق المعنى والملامح الإنسانية، وكان إختيار موفق لمخرجة ما زالت فى بداية الطريق، بالمشاهدة ومتابعة العرض لا يمكنك تصنيف العمل كتجربة أولى لصحابته من شده إحكامها وضبطها لعناصر العرض خاصة حركة الممثلين على المسرح معاوية محمد النعيمى فى دور الأعمى ومحمد حسن كرم المقعد لعب الاثنان دوريهما وكأنهما أصحاب عجز حقيقى وتبادلا الأدوار فى حياة كل منهما وكأنهما جسد واحد يكمل كل منهما الآخر، موهبة وحضور قوى على المسرح تمتع به بطلا العرض الأعمى الذى تحرك حركة رجل ضرير باتقان واقتدار والمقعد الذى تحرك طوال العمل على خشبة صغيرة متحركة وكأنه بالفعل بلا قدمين بالطبع استحق هذا العمل الذكر من لجنة تحكيم المهرجان لكن الغريب والمثير للدهشة والتساؤل عدم ذكر اللجنة للعرض فى اى من ترشيحاتها لأى جائزة من الجوائز برغم ما تمتع به العرض من حرفية فنية عالية سواء على مستوى التمثيل أو التناول أو الإخراج الفنى، خاصة وأن هذه المخرجة الشابة  قررت تقديم نفسها بمنطق المحترفين وليس بمنطق الهواة والمبتدئين بداية قوية ومحمودة اثبتت بها آمنة النقبى وجودها على الساحة المسرحية الإماراتية وكان الحضور يتنظر من التحكيم فقط حسن التقدير لمثل هذه الأنواع المميزة من التجارب المسرحية النسائية الأولى.

جوائز المهرجان

حصل على جائزة الجهد المسرحى المبذول خالد على خليفة الفقاعى، وجائزة أفضل عرض مسرحى ذهبت لـ«رأس المملوك جابر» إخراج أحمد عبدالله راشد، جائزة أفضل مخرج دينا بدر عن مسرحية الصورة، وجائزة أفضل سينوغرافيا لمسرحية «حالة طوارئ» للمخرج محمد الحنطوبى، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة مسرحية «الطاعون» إخراج سعيد الهرش ، وحصل على جائزة افضل تمثيل عبدالله الخديم فى دور المملوك جابر عن «رأس المملوك جابر» ومحمد جمعة فى دور الطاعون عن مسرحية «الطاعون»، أحمد بركات فى دور أنطونيو عن مسرحية «شيلوك و العاصفة السوداء»، جائزة أفضل ممثلة دينا بدر فى دور «اوكتافيا» عن مسرحية «الصورة» أسيل زين العابدين عن مسرحية «أناس فى الريح».
مريم النقبى فى دور الأخت عن مسرحية فى «العربة».