الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

رسائل «السيسى» فى الندوة التثقيفية الـ29 للقوات المسلحة: «الوعى المنقوص» العدو الحقيقى الذى يواجهنا

رسائل «السيسى» فى الندوة التثقيفية الـ29 للقوات المسلحة:  «الوعى المنقوص» العدو الحقيقى الذى يواجهنا
رسائل «السيسى» فى الندوة التثقيفية الـ29 للقوات المسلحة: «الوعى المنقوص» العدو الحقيقى الذى يواجهنا




شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى،  فعاليات الندوة التثقيفية التاسعة والعشرين للقوات المسلحة بمركز المنارة للمؤتمرات، التى أقيمت فى ذكرى انتصارات حرب أكتوبر الخامسة والأربعين، وذلك بحضور د. مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والفريق أول محمد زكى، وزير الدفاع والانتاج الحربى، وكبار المسئولين من الدولة وقادة القوات المسلحة والشخصيات العامة.
وفى بداية الاحتفالية تم توجيه التحية للرئيس الراحل محمد أنور السادات، صاحب قرار الحرب والسلام، كما شهد السيسى استعرض بعض أبطال الحرب لبطولاتهم، حيث قدم الفريق يوسف عفيفى، قائد الكتيبة 19 مشاة وقت حرب أكتوبر، سردًا لأهم بطولات الكتيبة، فى حين قدم الجندى محمود محمد مبارك، الذى فقد بصره فى إحدى عمليات الحرب على الإرهاب حاليًا، روايته لما حدث فى الحرب على الإرهاب بسيناء، كما قدمت الشئون المعنوية فيلمًا وثائقيًا عن فكرة إزالة الساتر الترابى فى حرب أكتوبر بالمياه والتى ابتكرها اللواء باقى زكى.
وخلال الاحتفالية ألقى الرئيس كلمة تضمنت عددًا من الرسائل المهمة والدروس المستفادة من حرب أكتوبر، يمكن استلهامها فيما نواجهه ونعيشه من تحديات حاليًا.
وأكد السيسى فى بداية كلمته، أنه سيتحدث كإنسان عن مرحلتين الأولى نعيشها حاليًا، والثانية مرحلة الحرب التى نتحدث عنها، قائلاً: «إنه من الجيل الذى عاش المرحلتين ويتذكر كل تفاصيلها بدقة شديدة».
وأضاف الرئيس أن هناك كلاما وتفاصيل كثيرة نحتاج أن نعيشها معًا، متابعًا: «أنه عاش تجربة الهزيمة فى يونيو 1967، ويتذكر كل الكلام الذى كان يكتب وقتها ومرارة الهزيمة التى عاشتها مصر»، مشيرًا إلى أننا نعيش حاليًا أيضًا معركة لها مرارة.
وأوضح الرئيس أن الفرق بين المعركتين كبير، فالمعركة الأولى فى حرب أكتوبر 1973 معالمها كانت واضحة، فالعدو معروف وإمكانياتنا بعد الهزيمة معروفة رغم أننا فقدنا الجيش فى هزيمة 1967، ولكن لم نفقد الإرادة، وتم إعادة بناء الجيش فى إطار الامكانيات والظروف الموجودة وقتها على عكس الوضع الحالى.
واستطرد الرئيس: «أن المعادلة الدولية فى هذا الوقت كانت مختلفة، يعنى الحصول على سلاح فى هذا الوقت مختلف عن الوضع حاليًا، لأنه فى عام 1967 كان فيه معسكرين، لن تستطيع الحصول على سلاح إلا منهما، وحسب ظروفنا الاقتصادية وتوازنات كثيرة كانت موجودة.

الرأى العام قبل حرب أكتوبر

وأشار الرئيس إلى موقف الرأى العام قبل حرب أكتوبر، قائلاً: «إنه رغم أن الدولة كانت متماسكة وتتحرك وفق إمكانياتها، كان الرأى العام ضاغطا جدًا على القيادة السياسية حتى يحارب، وكان يتم السخرية من الدولة المصرية وامكانياتها».
واستكمل السيسى: «عندما نقول إن الرئيس السادات كان صاحب قرار عظيم وسنظل نذكره والتاريخ يذكره هذا حقيقى، لأنه اتخذ قرارًا بالحرب فى ظل مقارنة ليست فى صالحنا، قادة الجيش يعلمون ذلك جيدًا، فالمقارنة لم تكن فى صالحنا وفرق القوة كان كبيرا وليس معنا ولكن لصالح الخصم.
وتوقف الرئيس مع مقال للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، قائلاً: «لو توقفنا مع مقالات كتبت بعد الهزيمة وقبل الحرب سنجد أن مقالا للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل يتحدث فيه عن تحديات العبور، ومنها تفاصيل كثيرة عن قناة السويس كمانع مائى والساتر الترابى وإمكانياته التى تمنع أى قوات مصرية من العبور، ومنها تصريحات الروس بأن هذا الساتر يحتاج لقنبلة ذرية للتعامل معه، ونحن ليس لدينا قنبلة ذرية، وأن ما بين 30 و50 ألفا من القوات التى ستعبر سيستشهدوا.
ولفت الرئيس إلى أن بذلك القيادة السياسة كانت مضغوطة جدًا لعدم اكتمال الصورة فى نفوس الناس، وهذا أكبر تحد يواجه أى قائد فى أى وقت، وهو أن تكون الصورة لا تكون مكتملة فى عقول الناس.
وقال السيسى: «إذا أردت أن تحشد الناس معك، يجب أن تكون الناس عارفة التفاصيل ولديها معرفة بما يتم، وغير ذلك كانت طلبة الجامعات تعمل مظاهرات عايزين نحارب».. وهنا تساءل السيسى: ماذا لو دخلنا الحرب وفشلنا.. من الذى سيدفع الثمن وقتها؟ هل القيادة أم الناس التى ضغطت لاتخاذ قرار الحرب؟

الشعب المصرى دفع الثمن

وأكد الرئيس أن الشعب المصرى كله دفع الثمن بعد الهزيمة، كان الشباب يدخل الجيش وكان فى الوقت ده تحت السلاح لا يقل عن مليون فرد وشاب، ولم يكن لديهم أمل أن يخرجوا من الجيش بعدما تنتهى المعركة، مشيرًا إلى أن الهدف مما يذكره هو استيعاب الناس للواقع الحقيقى الذى يواجه الدولة حتى يتخذ القرار المطلوب.

إزالة الساتر الترابى بالمياه

وتوقف الرئيس مع فكرة وابتكار اللواء باقى زكى، الخاصة بإزالة الساتر الترابى بالمياه، قائلاً: «فى هذا الوقت لو ذكرت هذه الفكرة بشكل غير مدروس، كان ممكن أن يُسخر منها ولكن القيادة وقتها قالت نعمل تجربة وإذا نجحت نستكمل، وبعدها استوردت الدولة مضخات المياه من ألمانيا تحت ساتر أنها لوزارة الزراعة ، كل ذلك حتى تنجح الفكرة».

قدرات الجيش فى العبور

وحول قدرات الجيش للعبور وقت نصر أكتوبر، قال السيسى: «إن المهمة كانت عبور ما بين 15 و20 كيلو بعد خط القناة فى عمق سيناء، وهناك من يقول لماذا لم تستكمل حتى نهاية الحدود فى سيناء، ولكن الدولة ومؤسساتها وقدراتها كانت لا تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك».
وأضاف الرئيس أنه يتحدث عن قدرات الجيش المصرى فى هذا الوقت دون استحياء، وذلك حتى يعطى القيمة للجيش وقواته التى نزلت «تنتحر» فى أكتوبر من أجل الكرامة، لأن خوض الجيش حرب أكتوبر بقدراته وقتها بالمقارنة بقدرات الخصم كان انتحارا حقيقيا، وهذا كلام يجب أن يدرسه الناس وتتعلمه حتى تعرف معنى الدولة وكيف تبنى حساباتها.
وأكد الرئيس أنه يتحدث بعد مرور 50 عامًا أو أكثر بشكل علنى، أنه وقت حرب أكتوبر لم تستطع القوات المسلحة أن تقوم بمهمة أكثر من استعادة 20 كيلو بعد خط قناة السويس، هذا كان أقصى شىء نفعله وقتها، لأن قدراتنا كانت كده.
وشرح السيسى الموقف، قائلاً: «إن قدراتنا فى الحصول على سلاح وقتها كانت محدودة جدًا، ولا يجب أن نتخذ الواقع الذى نعيشه حاليًا على أنه كان موجودًا منذ 50 عامًا، فالوضع كان مختلفًا».
وعلى هذا الأساس، شدد الرئيس على أن قرار الحرب وعبور القوات كان معجزة بكل المعايير والحسابات، والجيش المصرى رغم الظروف وشبح الهزيمة فى 1967 «المريرة»، استطاع أن يأخذ القرار ويقاتل ويصمد ويحقق أكبر هزيمة، واصفًا ما حدث فى نصر أكتوبر بأنه كانت هناك عربية «سيات» تسابق عربية مرسيدس، وفازت العربية السيات وهذه معجزة لن تحدث إلا إذا كانوا رجالا.

قبول إسرائيل للسلام

وقال السيسى: «لا يمكن أبدًا أن فيه حد يعطى لمصر أرضها إلا بعدما يذوق ثمن الحرب الحقيقية، فى الوقت ده الخسائر كانت كثيرة»، مضيفًا: «أحد أهم الأسباب التى دفعت إسرائيل للموافقة على السلام كان أسر الضحايا، سواء سقطوا قتلى أو مصابين، كانوا بالآلاف، وهم غير مستعدين لتكراره مرة ثانية».
وتابع الرئيس: «أن الخصم قال إذا كان الجيش المصرى قادرا على أن يفعلها مرة، فهو قادر أن يفعلها كل مرة، لذا كان القرار الاستراتيجى بالنسبة لهم أننا نعمل سلام مع مصر ونرجع أرضها، حتى لا تتكرر هذه الخسائر».
وتساءل الرئيس: هل هذه الخسائر تكررت مرة تانية؟، مضيفًا: «لم تتكرر خسائر الحرب المصرية الإسرائيلية منذ حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973 وحتى الآن، لكن يبقى القرار الذى اتخذته مصر دفع ثمنه الجيش بالإرادة والمخاطرة الشديدة والدم الذى قدمه المصريون، حيث كان هناك مصابون كثيرون بعد الحرب.

الوعى المنقوص هو العدو الحقيقى

أكد الرئيس أن المعركة فى مواجهة العدو لم تنته ولازالت موجودة بمفردات مختلفة، فالأول وقت حرب أكتوبر العدو كان واضحًا والخصم واضحا، والآن العدو معانا وجوانا، يعيش بأكلنا ويتبنى بهدمنا.. وجزء كبير من التحدى هو وعينا.. العدو الحقيقى هو الوعى المنقوص، ليس فقط على مستوى النخب والإعلاميين، حتى يدرك الجميع الصورة الكلية للواقع.
وقال الرئيس: «كثيرًا ما سمعنا كلاما مرتبا عن واقعنا ومستقبلنا ولكن نأتى للتنفيذ على أرض الواقع نجد أن الأمور بعيدة».

ما حدث فى 2011 علاج خاطئ

وأوضح السيسى أن ما حدث فى 2011 كان علاجا خاطئا لتشخيص خاطئا، لأنه تم تقديم الصورة للناس على أن الأمور يمكن أن تتغير برحيل شخص ووجود شخص آخر.
وأضاف الرئيس: «أنا متابع مصر فى كل تفاصيلها وكل ظروفها وكل أسباب تعثرنا، حتى تكون عندى الإرادة للقرار الذى تم اتخاذه»، مشيرًا إلى أن المعركة الآن، العدو جوانا، وأدواتها اختلفت كثيرًا، والثمن الذى ندفعه.. داخلين فى سادس سنة فى الحرب على الإرهاب.. قطعنا شوط كبير ولكن المعركة لازالت قائمة.. والأمور لم تهدأ ولم تنته.
وشدد الرئيس على أن الصورة الكلية عن الواقع الذى نعيش فيه، يجب أن تكون مصاغة فى عقل وذهن المصريين الأسوياء.

مفهوم الدولة

وأكد الرئيس أن كل المطلوب الفهم والصبر.. نبنى ونعمر، ولدينا مشكلة فى أن نعرف ما معنى الدولة وما مفهومها، ولو هناك قدرة لأصل لكل طالب وطالبة حتى يفهم معنى الدولة ويحافظ عليها من الانهيار لفعلت بدلاً من أن تكون هناك شائعات زائفة أو تحليلات غير حقيقية وواقعية تذكر.

أزمة التعداد السكانى

وعن تطور التعداد السكانى فى مصر، قال السيسى: «فى الخمسينيات كان تعدادنا 20 مليونا وفى عام 1986 كان تعدادنا 50 مليونا، والآن أصبح تعدادنا 100 مليون، ما يعنى أن عدد سكان مصر يتضاعف كل 30 عامًا، وبالتالى مع كل هذه الزيادة لا يوجد أمل حقيقى فى تحسن حقيقى للواقع بدون أن نفهم ونعى واقعنا بكل تفاصيله».
وأشار الرئيس إلى أن صياغة الوعى الحقيقى للمشهد الحالى فى عقول المصريين، قائلاً: «إنه فى كل لقاء مع الوزراء ليا مقدمة.. هذه المقدمة، هدفها بشكل فهم حقيقى منى لكم، وحق الناس التى تعمل معهم أن يعرفوا ذلك، وما يحدث الآن من عمل وجهد وإنجاز سيضيع إذا لم يكن هناك وعى من المصريين للحفاظ عليه».
وأوضح الرئيس أنه بدون الكتلة الصلبة التى لديها وعى حقيقى وفهم جامع بالصورة الكاملة بما نعيشه، وهذه الكتلة تتشكل من الجيش والشرطة والرأى العام والجامعات، أى حاجة هتتبنى ممكن تتهد مرة أخرى، لأن المعركة لم تنته، وإن تغيرت الآليات والوسائل.

الوضع الاقتصادى

وتحدث الرئيس عن الوضع الاقتصادى لـ100 مليون مواطن، قائلاً: «فى ظل ظروفنا الاقتصادية الحالية لا يوجد أمامنا غير العمل والصبر، فهناك مثلا 10 ملايين سيارة فى شوارع مصر كم يستهلكون من الوقود؟ محطات الكهرباء كم تستهلك وقودا؟
وسأل السيسى، وزير الكهرباء عن تكلفة وقود محطات الكهرباء، فرد قائلاً: «90 مليار جنيه، ومقدار العجز بين ما يتم تحصيله وما يتم دفعه 77 مليار جنيه».
كما سأل الرئيس، وزير البترول عن حجم دعم الوقود، قال: «125 مليار جنيه، وتكلفة سفر السولار 9 جنيهات للتر، ويتم بيعه بـ5.5 جنيه يعنى 50% من ثمن تكلفتها».
وأكد الرئيس أنه لا يقصد بذلك أن يرفع سعر شىء ولكن أتحدث عن تحديات تواجهها الدولة، وربنا نجى مصر فى 2011 فى السنوات الماضية بإرادة إلهية، وبالتالى فإن الوضع لا يحل إلا بإرادة المصريين والعمل والصبر.

مصر يونيو 2020

وأوضح الرئيس أنه فى 30 يونيو 2020 ستكون مصر دولة ثانية كما وعد، مشيرًا إلى أنه يتحدث عن ذكرى رائعة، وهى حرب أكتوبر، لشعب وجيش عظيم ومؤسسات دولة تكاتفت وقتها لإعداد الدولة للحرب.
ودعا المسئولين والقادة فى الجيش أن ينزلوا ويتحدثوا مع مرؤوسيهم حتى يفهموا الواقع الذى نعيشه وهذا يستدعى أن نكون متماسكين إيد واحدة.

المنسى وعشماوى

ووجه السيسى رسالة بعد القبض على الإرهابى هشام عشماوى فى ليبيا، قائلاً: «يا ترى هشام عشماوى إيه وأحمد المنسى إيه.. إن الاثنين كانوا ضباط وفى نفس المكان، ولكن واحد خان وآخر استمر على العهد للحفاظ على وطنه وناسه».
وأضاف أن المنسى ننظر له الآن نظره فخر، والثانى محتاجينه حتى نحاسبه، وأكد الرئيس مرة أخرى على حساب عشماوى.

تكريم قادة الحرب والأبطال

وفى ختام الندوة التثقيفية، قام الرئيس بتكريم قادة أكتوبر وأحد أبطال مكافحة الإرهاب فى سيناء وهم الفريق يوسف عفيفى، قائد الفرقة 19 مشاة وقت حرب أكتوبر، واسم اللواء باقى زكى يوسف، وتسلمتها كريمته عواطف نجيب اسكندر، والبطل محمود محمد مبارك، أحد المصابين فى الحرب على الإرهاب.
كما شاهد الرئيس عروضًا فنية، وفى ختام الندوة تم توجيه التحية لأبطال القوات المسلحة الذين يدافعون عن وطنهم فى مواجهة قوى الإرهاب.