السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السينما تعود لإنسانيتها

السينما تعود لإنسانيتها
السينما تعود لإنسانيتها




لا شك أن المصريين شعب طيب بطبعه ولكن ما يواجهه من مخاوف يومية يجعله لا يتقبل الآخر بشكل سليم خاصة أصحاب الإعاقات أو التشوهات الناتجة عن أمراض أو حوادث أو حتى إذا كانت عيبًا خلقيًا.. فبين الحملات الإنسانية التى تنادى بها المؤسسات المختلفة لتقبل ومساعدة ذوى القدرات الخاصة أو مساندة الآخرين مثل المرضى وأصحاب التشوهات الخلقية، لا تزال نظرة الخوف من المجتمع تقتل الآلاف من هؤلاء ومنهم مرضى الجذام.. والذين تدور حولهم أحداث الفيلم.
فكرة «يوم الدين» ربما تبدو للبعض كرسالة موجهة لرحلة رجل للتعرف على أهله بعدما حصل على علاجه من مرض الجذام والذى تم احتجازه بسبب داخل «مستعمرة الجذام» الشهيرة بالقاهرة، لعدة سنوات؛ لنكتشف خلال الرحلة مدى قسوة المجتمع والذى يقتل هذا الرجل إما بنظراته أو أصواته المزعجة أو حتى اتهامات له بالإصابة بالجرب والخوف من أن ينتقل المرض لهم ولأبنائهم.. حتى أن بطل القصة يكتشف بأن أهله أنفسهم نبذوه من قسوة منظره وتم وضعه ونسيانه بالمستعمرة بعدما كان الأطفال يخافون من لقائه ويلقبونه بـ»الوحش»، ولم يكن هو الحالة الوحيدة التى ينبذها أهلها بل كان أغلب سكان المستعمرة كذلك.
ورغم مشقته ومعاناته فى المستعمرة إلا أنه يكتشف أنها الأفضل لأمثاله ممن لا يجدون حقًا لهم فى الحياة لعدم تقبل المجتمع لهم.. فيدرك أنه لا توجد مساواة وأنه مهما كان قد شفى بالفعل إلا أن آثار المرض ستجعل الجميع ينفر منه.
وتعتبر رسالة الفيلم الإنسانية تم استخدامها بشكل جيد خاصة وأن المخرج أبوبكر شوقى اعتمد على أبطال يعانون بالفعل من تشوهات وآثار لمرض الجذام. وتحدث فى تصريحاته لـ«روزاليوسف» عن كيفية اختياره لبطل العمل الأساسى «راضي» والذى كان من مرضى الجذام. حيث قال: «بحثت كثيرًا عن شخص بنفس مواصفات بطل القصة لأنه سيقدم صورة واقعة وحقيقية للاحدث ولا يمكن الاعتماد عىل الخدع به، وقابلت الكثير من الأشخاص الذين دلنى عليهم احد الاشخاص داخل المستعمرة إلى أن قابلت راضى ووجدت انه يتمتع بروح مرحة وطيبة ولا يخاف الكاميرا، وأغلب نجوم العمل تقريبا يقفون أمام الكاميرا لأول مرة مما جعل الوضع أصعب على، ولكنهم أبلوا بلاء حسنًا رغم كل شىء، فعندما قدم أول مشاهده كان مشهدًا مليئًا بالأحاسيس والمشاعر، وعن المشهد الخاص بعودتهما من ملجأ سوهاج القديم،  وبدأنا به كأحد أصعب المشاهد وكنت منتظرًا منه أن يعاد التصوير لأكثر من مرة ولكننى فوجئت بأن راضى وأحمد «الطفل أوباما» بالفعل قدموا المشهد باحترافية وإحساس عال».
وقال شوقى إن فكرة العمل فى ذهنه منذ 10 سنوات كاملة عندما كان يدرس بمعهد السينما هنا، حيث قال إنه كان مهتما بتقديم عملا عن مستعمرة الجزام وقتها، وبالفعل قام بتصوير ما يشبه «التحقيق التليفزيونى» هناك، وأضاف قائلا: «عملت أثناء عملى على هذا التحقيق ان هناك اشخاص عدم تم نبذهم من اهلهم ولا يعلمون عنهم شيئًا رغم تخطيهم مراحل العلاج بنجاح، ففكرت أن هذا الأمر يصلح لمناقشته كفيلم سينمائى مستقل، ولم أيأس من تقديم الفكرة بل وبدأت على العمل عليها منذ 5 سنوات أثناء دراستى بنيويورك، وبدأت بالفعل بإقامة البحث منذ ذلك الوقت».
وعن التحضيرات قال أبوبكر: «أصعب مراحل الفيلم كانت بالتحضير فمنذ انتهائى من كتابته كان من الصعب على إيجاد ممولين وإقناع من حولنا لدعم فيلم يتحدث عن مريض للجذام، فاغلبهم كانوا يرون أن تلك الفكرة غير مربحة.. كما توقفنا على بعض المشاكل الإنتاجية القليلة.. فهو أول عمل روائى طويل لى وأول عمل للمنتجة دينا إمام أيضا».
كما قال إنه واجه العديد من المشكلات أثناء التصوير ومنها أنه اضطر لاستبدال الأماكن الحقيقية لأحداث العمل والتى كان يرغب بالتصوير بها بأماكن أخرى نظرًا لعدم وجود امكانيات إنتاجية كبيرة، فقمت بالسفر والتجول على نفس الخط الذى يسير عليه بطل العمل منذ القاهرة وحتى الصعيد لمعرفة الأماكن الطبيعية، واخترنا بعض الأماكن التى لا يعلم عنها الناس الكثير مثل «هرم ميدوم» المتواجد بمحافظة بنى سويف وهو أقدم تاريخيًا من أهرامات الجيزة».
ورغم أن أحداث الفيلم تدور برحلة «بشاى» للوصول لأهله بمحافظة قنا.. إلا أن المخرج أقام العرض الخاص للفيلم بمحافظة المنيا كنوع من التقدير لبطل الفيلم راضى، حيث قال شوقى: «أعتقد البعض خطأً بأنى قمت بتصوير العمل بمحافظة المنيا ولكننا قررنا اقامة العرض بمسقط رأس راضى لأنه عانى كثيرًا هناك من الآثار التى تركها مرضه فأردت أن أقيم له عرضًا كنجم للعمل ولكى يعود مرفوع الرأس هناك».
وأكد أن هناك البعض الذين طالبوه بتغيير اسمه، حيث تخوفوا بأن الجمهور يحكم عليه بأنه عمل له علاقة بالأديان أو بالخلافات حولها، ولكنه رفض تغيير الاسم خاصة وانه معبر عن أحداث الفيلم بشكل كبير. كما قال شوقى إنه يتوقع ان يحب الجمهور الفيلم بشرط إلا يقوموا بالتخوف منه بأنه عمل خاص بالمهرجانات وكئيب فى موضوعه. فعلى العكس العمل يحمل فكرة خفيفة ومشوقه ومعالجة بشكل سريع وممتع حسب قوله.
وعبر شوقى فى نهاية حديثه عن سعادته بحصوله على جائزتين بمهرجان الجونة السينمائى الدولى بدورته السابقة بالضافة إلى اختيار الفيلم لتمثيل مصر أمام مسابقة الأوسكار الشهيرة لينافس كافضل فيلم اجنبى، وقال مؤكدا إن فكرة ان يحمل اسم مصر هناك شرف له ويتمنى ان يتم ادراجه بالفعل فى المسابقة وان يحصل على شرف المشاركة هناك.
أما المنتجة دينا أمام فقالت انها كانت تعانى من فكرة إنتاج عمل روائى لأول مرة خاصة وأنها كانت تقدم أفلامًا قصيرة من قبل، كما أنها لأول مرة تقوم بالإنتاج بمصر. مؤكدة أنها منذ البداية رصدت ميزانية قليلة للفيلم لأنه لا يحتوى على نجوم، ولكن التصوير بالأماكن الطبيعية أرهقها كثيرًا.. خاصة وأنهم حصلوا على دعم من العديد من المهرجانات الدولية وشركات الانتاج نظرًا لأهمية رسالة الفيلم.
وقالت دينا إنها سعيدة بالصدى الذى حققه الفيلم بعد عرضه بـ15 دار عرض بالقاهرة والاسكندرية والمنيا، مؤكدة أنها تعمل على طرحه بباقى أنحاء الجمهورية ليصل لأكبر قطاع من الجمهور العام، مشيرة إلى أن الدعاية اللازمة للفيلم اقتصرت على السينمات ومواقع التواصل الاجتماعى نظرًا لعدم وجود ميزانية كافية لإقامة دعاية كاملة مثل باقى الأفلام التجارية.
وأضافت دينا أنها عندما خاضت تلك التجربة لم تفكر بالإيرادات أكثر من تفكيرها بأن الجمهور يعجب بالفيلم وأن تقدم رسالة إنسانية تعيش على مر السنوات وأن يكون فيلمًا للمستقبل ويذكر فيما بعد وليس يحقق نجاحًا بالسينمات وقت عرضه وبعدها يفقد قيمته.