الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لوحـات عبدالعـزيز الجنـدى مائيـات بروح الأمكنـة

لوحـات عبدالعـزيز الجنـدى مائيـات بروح الأمكنـة
لوحـات عبدالعـزيز الجنـدى مائيـات بروح الأمكنـة




مُحملة بروح الأماكن وعبق الذكريات تأتى لوحات الفنان د.عبد العزيز الجندى التى قدمها فى معرضه بعنوان «شجن» والذى استضافته قاعة بيكاسو مؤخرا، فجاءت لوحاته معبأة بتفاصيل وحكاوى الزمن التى ترسم ملامحها تعاريج الحوائط وأطلال المبانى والأشجار العتيقة وروح الأماكن القديمة والتاريخية للحارة المصرية، فتأتى أعماله معبرة عن خليط المشاعر والعواطف التى يرويها الزمان والمكان وفعلهما على الأشياء والعوالم المحيطة به فتخرج فى هيئة معادل بصرى مميز.


يُزاوج فى أعماله ما بين التعبيرية والتأثيرية بروح مصرية خالصة مِلؤُها الانفعال اللحظى لضربات فرشاته، فيعمل على تبسيط الخطوط والألوان واختزال الأشكال إلى معادل بصرى شديد الخصوصية مشحونة بطاقة لونية وكأنه يعيد بناء وتشكيل عناصر الطبيعة أو المشهد المرسوم سواء لحارة شعبية أو جدران متهالكة تتجاور خلالها تلك العناصر وتتبادل لعب دور البطولة وتتنوع خلالها المساحات تاركا فى معظم الأحيان لمساحات الفراغ لعب دور البطولة على مسطح لوحاته، كما يزاوج الفنان فى أعماله ما بين التقنيات المختلفة خاصة «الكولاج» مزاوجا لقطع الورق الملونة وأحيانا المهمل منها على مسطح لوحاته فى تنوع وتراكب بصرى مدروس.
يميل الفنان فى معظم أعماله إلى الرسم على الكارتون متخذا من لونه البنى الفاتح درجة وسطى ينتقل منها إلى ما سواها من درجات لونية تفاوتا ما بين الفاتح والغامق وتناوبا بين الألوان الساخنة والباردة، وقد نفذ معظمها بالألوان الأكريليك على الكارتون والألوان المائية على الورق يزاوجها أحيانا برسوم خطية بالأحبار، يحرص خلالها على طزاجة اللون وجرأة الخط وتناثر البقع اللونية والتى تعطى للوحاته حسا ساخنا مفعما بالطاقة وتثرى من عمله الفنى.
تحمل لوحات الفنان عبد العزيز الجندى بين طياتها خليطا مميزا من تراكم الخبرات الفنية التى تبوح وتشدو بالذكريات ولدتها زياراته المتكررة والمستمرة والتى حافظ عليها أثناء دراسته للمناظر ورسوم الاسكتش السريعة الملون منها والخطى منذ تخرجه في قسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة عام 1991 وطيلة السنوات الماضية والتى صنعت ما بينه وبين الحوارى والشوارع والحارات حوارا وثنائية روحية معبأة بالشجون والذكريات والتفاصيل وكلها حنين لخصها فى عنوان معرضه الأخير «شجن» تزيد من الارتباط النفسى والعقلى بينه وما بين موضوعات لوحاته الأثيرة إلى قلبه وروحه واختطها وأكدها فى خواطر «زيزاوية» أذكر منها «رائحة الدفاتر» والتى عبر فيها قائلا: «رائحة الدفاتر.. بداخلها عبق السنين.. ووردة نسيتها من عقود.. فجفت.. وجف بها حلمى الراقد بين الدفتين دفينا.. لكننى حينما استدعيته.. صار واقعا من جديد.. فدبت بها الحياة تشدو وكأنها زُرعت بالأمس.. فما زال شذاها ينضح بالذكرى.. وما زالت تبوح لى بالسر الجميل».
للفنان عبد العزيز الجندى ميراث فنى طويل وتأثير بالغ على الحركة التشكيلية المصرية من خلال العديد والعديد من الأجيال الفنية خاصة من جيل الشباب الذين تتلمذوا على يديه وعلى أفكاره الفنية سواء بين المحترفين من طلبة الفنون الجميلة أو غير المحترفين الذين ارتبطوا به من خلال ورشته الأسبوعية لرسم المناظر الخلوية كل جمعة والتى تبلورت تاليا فى هيئة جماعة «اللقطة الواحدة» وهى مجموعة فنية تضم عددا من الهواة والمحترفين يمارسون الفن والتواصل الاجتماعى فيما بينهم حيث يلتقون كل جمعة فى الثامنة صباحا فى أحد الأماكن والتى يتم اختيارها والتوافق عليها مسبقا لتكون موضوعا لأعمالهم الفنية.
وكانت فكرة «اللقطة الواحدة» قد بدأت وتبلورت لتأخذ شكلها الحالى فى عام 2002، امتدادا للجولات الفنية التى كانت تقوم بها «أسرة الفرسان» بكلية الفنون الجميلة كل جمعة، والتى كانت أيضا امتدادا لخروج الفنان الدكتور عبد العزيز الجندى فى جولات ميدانية بمناطق مختلفة منذ عام 1991 مع من يرغب من الطلاب للرسم فى الهواء الطلق، لرسم مشاهد أثرية أو أطلال قديمة أو مناطق شعبية أو مناظر طبيعية، وفيها يقوم أعضاء جماعة اللقطة الواحدة برسم نفس المشهد ولكن يختار كل واحد منهم كادرا أو زاوية معينة خاصة به ومنها جاءت تسميتهم «اللقطة الواحدة»، كما تشهد تجمعاتهم ولقاءاتهم نقاشات ثقافية وفنية بشكل العام مما يُكسِب ذلك التجمع روحا مميزة.
يذكر أن الفنان د.عبدالعزيز الجندى أستاذ بقسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، تخرج فى كلية الفنون الجميلة عام 1991، كما عمل كرسام صحفى فى جهات صحفية عدة منها مجلة صباح الخير، مجلة الأهرام الرياضى، العربي، وغيرها، كما حصل على العديد من الجوائز، وله العديد من المشاركات الفنية محليا ودوليا علاوة على إقامته وتنظيمه للكثير من المعارض الجماعية والفردية.